التلقين: رؤية تحليلية
محمد سلامة الغنيمي
المتدبر للقرآن الكريم؛ كتاب التربية الأوَّل بما يحمله من منهج تربويٍّ رباني يعالج البشر إلى يوم الساعة، قد راعى وحضَّ على التنوع والاختلاف في معالجة الأمة مسلمِهم وكافرهم، بينَ قصةٍ وموعظة وقدوة، مباشر وغير مباشر، بين التدرُّج ومراعاة الفروق والظروف، فكان معجزةً في التربية.
- التصنيفات: تربية الأبناء في الإسلام -
لا شك أنَّ هذا الأسلوب التربويَّ من أهم الأساليب التربوية، وأكثرها فعالية في العمليَّة التربوية؛ نظرًا لسهولة استخدامه، وسرعة أدائه، مقابلةً بأساليبَ تربويةٍ أخرى أكثر تعقيدًا منه.
وهناك نوعان من التلقين؛ هما:
1- التلقين المباشر: يوجِّه فيه المربِّي طفلَه مباشرة: "افعل، أو لا تفعل".
2- التلقين غير المباشر: وفيه يَعرض المربي الخبرة التربوية على الطفل بأسلوبٍ ضمني فيه موارَبة: "فِعل ذلك الأمر فيه خيرٌ كثير، وعدمُ فعله فيه شرٌّ عظيم".
لكن الأول منهما أكثرُ استخدامًا وأوسع انتشارًا، يعتمد عليه المربُّون في المنازل والمدارس والمساجد، أكثرهم لا يملُّ تكراره، ولا يدرك أضراره، لا يركِّزون إلا على سرعة مردوده وسهولة فعله، بدون مراعاةٍ لنفسية الطفل، وأهميةِ التنوُّع في حياته، يتعاملون معه كـ(البهيمة) لا عقل لها، ولا مشاعر تكنُّها.
مما يؤدي إلى:
• فتور الطفل واستشعاره الملل.
• نشوء فجوة بين المربي والطفل.
• الإفراط فيه يؤدي إلى الشعور بالقهر.
• لا يساعد على الشعور بالاستقلاليَّة، ويُفقد الثقة بالنفس.
والمتدبر للقرآن الكريم؛ كتاب التربية الأوَّل بما يحمله من منهج تربويٍّ رباني يعالج البشر إلى يوم الساعة، قد راعى وحضَّ على التنوع والاختلاف في معالجة الأمة مسلمِهم وكافرهم، بينَ قصةٍ وموعظة وقدوة، مباشر وغير مباشر، بين التدرُّج ومراعاة الفروق والظروف، فكان معجزةً في التربية.
ونظرًا للحاجة إلى التلقين المباشر في كثير من المواقف التربوية، فلا بد من حيلةٍ للتغلب على سلبيات هذا الأسلوب! وبالنظر في كتاب الله تعالى وتدبُّر مواقف التلقين المباشر، وجَدنا أن القرآن الكريم إثرَ كل تلقين مباشر أتبعه ببيانِ علَّته وحكمته، مثل قوله على لسان يعقوبَ عليه السلام: {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ} [يوسف من الآية:5]، أتبعَه بقوله: {فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يوسف من الآية:5].
وثمرةُ ذلك:
• تنمية روح الانتماء لدى الطفل.
• زيادة ثقة الطفل بالمربّي.
• تعميق الإحساس بالمسؤولية.
• تفتيح قدرات الطفل العقلية، وتنمية ذكائه.. فاعتبروا يا أولي الألباب.