رسالة إلى فتاة متبرجة
إن أمر الحجاب يا أختي العزيزة أمر تعبدي لا مجال فيه لاجتهادات ولا آراء ذاتية.. فيجب أن نرضى به كما أمرنا (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) [سورة الأحزاب: 36].
- التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة -
أختي الكريمة..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنت حتما لا تعرفينني وأنا أيضا لا أعرف شخصك ولكن يجمعني بك رباط قوي يحتم علي أن أقتطع جزءا من وقتك لأبدي لك خالص الود وأمحضك ونفسي النصح في خطاب أسكب قلبي في عباراته ليشملنا قوله - تعالى-: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وقوله - عز وجل -: (وتعاونوا على البر والتقوى).
عذرا أخيتي الحبيبة إن كنت سأرفع التكلف والتنميق لأحدثك حديثا لا تنقصه الصراحة (فالمؤمن مرآة أخيه) ولن يكتمل إيمان امرىء لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فالعين تبصر منها ما دنا ونأى....... ولا ترى نفسها إلا بمرآةِ.. ثم إن الأمر متعلق بدينك.. بعبادتك التي تتقربين إلى الله بها فهو إذن أمر مهم يستوجب هذا كله فشنفي أذنيك وأرعيني سمعك وعقلك:
لقد ذهلت... حين رأيتك هناك بهذه الهيئة المحزنة.. وهذا الحجاب الفاتن!!
كنتِ نهبة لكل عين.. ولقمة سائغة لكل متطفل.. لقد هممت أن أفقأ تلك العيون.. وأن أحشو تلك النفوس بالتراب!!
ولكنني توقفت برهة.. فهي ليست سببا مباشرا.. إنما السبب الحقيقي هو.. هذا الحجاب الصارخ: أن هلموا إلي!!
إن أمر الحجاب يا أختي العزيزة أمر تعبدي لا مجال فيه لاجتهادات ولا آراء ذاتية.. فيجب أن نرضى به كما أمرنا (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) [سورة الأحزاب: 36].
أمرتِ بالحجاب كما أمرتِ بغيره من العبادات.. به تستترين عن أعين الذئاب المسعورة.. وبه تحصنين نفسك.. وتحمين شباب أمتك من الوقوع في مهاوي الردى والرذيلة.. وبه تكبتين الشيطان وأعداء الإسلام.. وتعلين راية التوحيد.. وتتربعين على عرش العزة والكرامة.
إنني يا عزيزتي: قد أجد لك مبرراً؛ لأن تختاري ثوباً جميلاً يناسبك.. أو تقتني ساعة رائعة تليق بك.. ولكنني لا أستطيع أن أسوغ لك تفننك في اختيار أصناف جديدة لعباءتك وطرحتك وخمارك!!
إنك بهذا أنزلتِ الحجاب من عليائه وخلعتِ عليه أوحال الموضة.. وأطمارها.
هل كنت تظنين أن لبسك للعباءة بهذا الشكل هو الحشمة ذاتها.. أم أنك تعلمين أن هذا صورة من صور الزينة التي ما فرض الله الحجاب إلا لسترها؟!!
كوني صريحة مع نفسك.. وحاسبيها بكل صدق.
هل تدركين ماذا يعني الحجاب.. ؟... وما الحكمة من فرضيته.. ؟
هل أنت موقنة أن دينك الإسلامي العظيم ما جاء بشيء إلا وفيه كل الخير وما نهانا عن شيء إلا وفيه الشرُّ كله؟
إنك مطمع الرجال ومهوى أفئدتهم وإذا خرجتِ زينك الشيطان في أعينهم.. فما بالك بهذا الحجاب المتبرج.. تبدين أكثر مما تسترين.. وتظهرين ربما بصورة أحسن من حقيقتك.. فتفتنين وتفتنين والعياذ بالله.
أخية.. إن هذا الحجاب نوع من السفور.. إنه النهاية.. إنه الفصل الأخير في هذه المسرحية.. المدبرة بليل من أعدائك المتربصين بك.. وحين يسدل الستار.. ستكون نجمات هذه المسرحية.. والمتجمهرات لرؤيتها.. واللاتي يقلدنهن.. قد نزعن الحجاب تماما وسرن سافرات شئن أم أبين!
فجيلك أبدى العينين والمفاتن.. وسيأتي جيل بعده يخلع الحجاب ويخلع معه ربقة الحياء.. وكل جيل يتحمل تبعات الجيل الذي بعده.. ويوم القيامة تلعن كل أمة أختها.
حجابك هذا الذي تلبسين لا يؤدي الغرض الذي قال الله عنه: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) وهو تشبه بالرجال في طريقة لبس العباءة كما أفتى بذلك بعض العلماء.. وأما نقابك فإنه لا يمت بصلة قرابة إلى نقاب الصحابيات.. بل هو دخيل عليه.. وقد أفتى العلماء بمنعه (لأنه ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز) حتى وإن كنت تلبسينه بحسن نية؟
أخيتي.. إنك بالحجاب الشرعي الساتر باب موصد في وجه العدو.. وسور عال أمام مكائده.. فاحذري.. أخية.. أن يؤتى الإسلام من قبلك.. وأنت لا تشعرين.. أعيدي النظر في حجابك.. إن هذه الثغور التي تبرز منها العينان والوجنتان.. هي ثغور في جدار الأمة.. يدخل منها المفسدون.. والمرجفون.. ليزلزلوا كيانا ظل شامخا زمنا طويلا.
اسمعي معي إلى نصوص الوحيين لتري كيف سعى الشارع الحكيم إلى محاربة كل ما شأنه إحداث خلل ولو صغيرا في هذا الجدار المتين (الحجاب) قال - تعالى -: (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) وقال: (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية)).
فما بالك عزيزتي.. بالنقاب والبرقع واللثام وعباءة الكتف التي صارت كالحرباء تتشكل بكل لون وتلك الطرح الموشاة بكل زينة.. إنها بالتأكيد أشد وقعا في نفوس الرجال من الخلخال.
إن الحجاب عبادة.. وليس عادة.. تجارين فيها آخر خطوط الموضة وتوجهاتها (إن مثل هذا السفور تجاه الحجاب هو الذي جعله ينحرف عن مساره).
أخية.. يا رائحة الطهر العبقة.. أصديقيني القول بربك.. ما الذي دفعك للخروج من بيتك بهذا الحجاب السافر ؟!!
هل هو تقليد الأخريات؟ أو التأثر بالصديقات؟ أو مسايرة للركب وخجلا من التخلف عنه؟
أيا كان جوابك فهو دليل على ذوبان الشخصية وإلغاء العقل.. ألم تسمعي قول الحق - تعالى -: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) وقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يكن أحدكم أمعة يقول: أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت ولكن وطنوا أنفسكم إذا أحسن الناس أحسنوا وإذا أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم))، وقوله - تعالى -: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر.. ) فما أنت فاعلة بعد؟ !
إنني أربأ بك عن الوقوع في حبائل الشيطان.. أيا كان لونه.. وسيلة إعلامية... صديقة سيئة.. دعوى غربية.. أو هوى متبع ونحوها.. إن هذا السقوط المريع يعني الولوغ في وحل الجريمة والزنى والمخدرات والسفور.. ألم يقل أحد الشياطين (إن المرأة المسلمة هي الأقدر على جر المجتمع كله بعيدا عن الدين!!).. فهل تضعين يدك في أيديهم؟!
هل تنسين أنك ابنة الإسلام التي صانت حدوده.. ؟.. أنت حفيدة أمهات المؤمنين وسليلة نساء الأنصار اللاتي قالت عنهن عائشة - رضي الله عنها -: " ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقا لكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل".. لماذا هذه الشهادة النورانية من الصديقة بنت الصديق: (لأنه لما نزل قول الله - تعالى -: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان وعليهن أكسية سود يلبسنها".
أختي الكريمة.. إن الحياء شعبة من شعب الإيمان.. ومن الحياء أن تحتشم المرأة لتبتعد عن مواطن الريب.. وهذا الحجاب الذي يزينك يجعلك ترتعين حول الفتنة توشكين أن تقعي فيها!
إن الحجاب أمر من الله إلينا جميعا بدأ به من هن أشرف وأطهر وأعف وأحصن فهل تطيعين الله (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم.. ).
أم ترغبين في مخالفة أمره (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) إن فعلت ذلك فقد تعديت حدوده (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه).
إن المتبرجات السافرات ((لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها)) ألا يكفي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال فيهن (( العنوهن فإنهن ملعونات..)) إنني لا أظن ذلك من شيمك فأنت المسلمة المتوضئة التي يسري في قلبها حب الله وتخفق روحها خوفا منه.. ترجو جنته وتخاف عذابه.. فلا تراعي واسمعي مني نصائح تهديك إلى الخلاص بإذن الله.
أولا: عليك بهدي الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - ومنهاج قرآنه المحكم، ثم توبي إلى الله توبة نصوحا مستوفية شروطها ومنتفية موانعها، ثم استبدلي بعباءتك هذه عباءة محتشمة تنطبق عليها شروط الحجاب الشرعي، وحاولي أو اعزمي على مقاطعة محلات العباءات المتبرجة.. وإن وجدت في نفسك ميلا لها فيمكنك أن توصي أختا صالحة بأن تشتري لك العباءة أو الخمار الذي تودين حتى لا تضعف نفسك أمام كثرة العروض وإغرائها، والزمي أخواتك الصالحات واعتزي بأخوتهن واقضي معهن وقتا ممتعا فيه ذكر وتفكر.. ولا تنسي الدعاء فهو سهام الليل التي لا تخطىء..
أسأل الله لك الهداية والثبات على دينه والتمسك بالحجاب الذي يرضي الله ويحفظك ويحفظ لك عفتك وطهارتك ونقاءك عسى الله أن يحجب وجوهنا عن النار وعذرا للإطالة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إيمان حمد سعد العباد