أمريكا .. التي رأيت!

إنها المدينة التي تحوي أكثر شوارع أمريكا صخباً وجنوناً، شارع "بيربل ستريت".. هناك ينتشر الصاخبون، وأصحاب التقليعات، والمومسات بالمئات!!، وهناك تمتلئ فترينات المحلات بأنواع الخمور التي عتّقها أصحابها عشرات وربما مئات السنين. !

  • التصنيفات: الواقع المعاصر -

لقطات:

* 100 مليار خسارة في يوم ٍ واحد.

* الأمر بإطلاق النار على مجموعات النهب في نيواورليانز.

* امرأة سمراء تقف أمام بيتها الذي سواه الإعصار والفيضان بالأرض، وتعلق قائلةً: الآن نعرف هل تفرق الحكومة بيننا وبين البيض؟!

* منظمة تصطاد الحرية الفائقة والمصاحبة للحدث وتعلن أن 13 مليون طفلاً في أمريكا يعيشون تحت الفقر!!

* منظر تبثه القنوات لمئات السيارات تصطف أمام محطات الوقود!

إنها نيوأورليانز يا سادتي!!

إنها بلاد الكيجون فوود الذي يشتهيه كل أمريكي وكل سائح يدخل نيوأورليانز. !

إنها بلاد موسيقى الجاز التي امتزجت بالهوية الأمريكية فحولت القارة من خلال السود اللذين أطلقوها، حولوها إلى بلاد ترقص مع أنغام الجاز ذات الإيقاع الإفريقي الصاخب، والخلفية الكنسية التي تحاول عاجزة ً إطلاق الروح.

إنها المدينة التي تحوي أكثر شوارع أمريكا صخباً وجنوناً، شارع "بيربل ستريت".. هناك ينتشر الصاخبون، وأصحاب التقليعات، والمومسات بالمئات!!، وهناك تمتلئ فترينات المحلات بأنواع الخمور التي عتّقها أصحابها عشرات وربما مئات السنين. !

إنها أورليانز الجديدة! التي صاغت ملحمة من الكفاح قادها رئيس بلديتها الأسود ليواجه التمييز العنصري وينجح بمساعدة كيندي ليكون أول رئيس أسود في أمريكا.. ولما مات حمل أكبر مركز للمؤتمرات اسمه في وسط المدينة على ضفاف الميسيسبي.

لحظات تعد بالساعات! وتنطمر خلالها هذه المدينة تحت الأرض وتغرق تحت المياه مع كل موسيقاها الصاخبة وكفاحها المرير من أجل الحرية!

لأول مرة في حياتي أغمض عيني وأفتحها على تعليق من مراسل غربي (BBC) وهو يقول: " أن الكارثة كبيرة، والمشكلة الآنية تتلخص في الحاجة إلى إخلاء عشرات الألوف وإيجاد الشلاتر " shelters" والغذاء والماء " فعلاً ما كدت أصدق! فهذه الكلمات بهذا التسلسل والسياق، تعودت أذناي سماعه، وألفت عيناي أن تراه من بلاد الأفغان أو أرض الرافدين أو توغو أو جنوب أفريقيا أو مرج الزهور أو فيتنام.. أو باختصار في كل أرض افتعل فيها " الرجل الأبيض " بحقارته حروباً يتسلى بها ويرضي غروره ومطامعه! واليوم إنها في وسط بلاد " الرجل الأبيض "، وحتى السود الذين تأذوا وهم الفقراء المهملون تحولوا إلى أصوات تهاجم هذا الأبيض الحقير والذي كنا نرى سياسته في تجويع شعبه الفقير في جنوب شيكاغو والطرق الخلفية في أتلانتا وسان فرانسيسكو ونيويورك. ومع كل ذلكم كان بعض بني جلدتنا ينبهر بهذا الحقير.. الأبيض!

لا يستطيع أحد أن يتألى على الله، فيتحدث نيابة عنه ويقول: إن هذا عذاب ٌ أو عقاب! كما فعلت كل الكنائس في أمريكا، وكما فعل هذا اليهود الذين قالوا أن هذا عذاب للأمريكان الذين سكتوا عن ظلم اليهود وإخراجهم من غزة!!

كما أننا لا نشمت بالضعفاء والأطفال والفقراء والنساء! فإن ديننا ينهانا عن ذلك!.

ومع ذلك فإننا نردد مع رسولنا - صلى الله عليه وسلم -: (( الله أكبر إنها السنن!!)) إنها سنة الله في الطواغيت قد يمهلهم الله وقد يؤخرهم، إن الله يسخر هذه الآيات للتذكير قطعاً ويلطم وجوه الباغين ليسائلهم: من الذي يرسل هذه الآيات تخويفاً؟! من الذي يمسك السماوات أن تقع على الأرض؟! من الذي يدبر الكون ويصرفه ويديره؟

لقد وقف هذا الخائب " بوش" مذهولاً.. في نيوأورليانز، وكأني أسمع " كاترينا " تناديه: ألم تقل إن من لم يكن معنا فهو ضدنا! أنا يابوش ضدك! فماذا أنت صانع ٌ أيها البائس؟!

إن هذا الإعصار ينادي على ذلك العجوز المتعجرف وأقصد به رامسفيلد قائلاً: إنا إرهاب! نعم إرهاب رباني، فهيا تعال فحاربني!!

إخوتي.. إننا نردد مع ربنا ( وتلك الأيام نداولها بين الناس..)، ونقول مرة أخرى: الله أكبر.. إنها السنن!

لقد دخلت في نيسان الذي اسود بخيبتنا وجلله الظلام بعار تخاذلنا معاشر العرب والمسلمين، دخلت في نيسان إلى العراق في آخر أيام الحرب.. يومها حملت الدواء في يدٍ، وفي يدي الأخرى حملت قلبي الذي كان يخاف عربدة اليانكي وغطرسة الكاوبوي، فإن كل من نهض لخدمة أمته وصموه بالإرهاب! يومها ملأت سيارتي الجيب بأقل من ثلاثين ريالاً سعودياً من نفط أرض الرافدين.. وما هي إلا أيام ورأيت سيارتي تصطف في بغداد الرشيد مع مئات السيارات من مثيلاتها.. تستجدي النفط من بلاد تقف كلها حتى نخلها العريق على محيطات من النفط!

عرفت يومها أنهم يريدون إهانة كرامتنا وتدمير ما بقي من عزتنا!

والأيام دول! فهاهي أمريكا تستجدي النفط!

لقد كنت يومها أستجدي الجنرالات وأذيالهم ممن جاء معهم! أن يؤمنوا لي حماية لأنقل المرضى الذين كنت أراهم يسقطون بالعشرات! كنت أستجدي إنسانيتهم ولم أستجد شخوصهم فمثلي لا يستجدي!

وكانت صرخاتنا تذهب أدراج الرياح! واليوم نرى هذه " الأمريكا " تتخبط مع أمراضها وأوبئتها في إرهاب رباني حقاني لا تملك أن ترسل له طائراتها ولا راجماتها ولا صواريخها لإيقافه في السماء.. لأنها خاسئة ذليلة أراد الله أن يعلمها درساً في أن تطامن من كبريائها وتعلم أنها هي والكون كله عبيدٌ عند الله!

باختصار.. يا أمريكا.. يا بوش.. يا رامسفيلد.. يا بوول وولفيتز.. لقد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً.. فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟!

( وضرب الله مثل قريةً كانت آمنة مطمئنة ً يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، فكفرت بأنعم الله، فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون!)

وأقول للأمريكيين الجدد! من بني جلدتنا:لا تعتمدوا على أمريكا، وتوكلوا على الله الذي خلقكم وخلقها إن كنتم إياه تعبدون!!