(120) سُنَّة الدعاء قبل النوم
راغب السرجاني
هناك تشابه كبير بين النوم والموت، وكان من سُنَّة رسول الله أن يدعو قبل نومه دعاء يُذَكِّر قائله أنه مُقْبِلٌ على الموت، وكان يجعله آخر كلامه..
- التصنيفات: السيرة النبوية -
هناك تشابه كبير بين النوم والموت، وقد ذكر الله عز وجل في كتابه أن الإنسان في نومه يمرُّ بما يمكن أن يُسَمَّى موتًا مؤقتًا؛ فقال: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر:42].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصًا على إيصال هذا المعنى إلى المسلم؛ لأنه لو استشعر قُرْب أجله فإن هذا يقوده إلى التوبة من الذنوب وإصلاح العمل، فكان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أن يدعو قبل نومه دعاءً يُذَكِّر قائله أنه مُقْبِلٌ على الموت؛ فقد روى البخاري عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: « ».
قَالَ: "فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا بَلَغْتُ: « »، قُلْتُ: وَرَسُولِكَ. قَالَ: «»". وفي رواية للبخاري -أيضًا- عَنِ البراء بن عازب رضي الله عنه، خَتَم رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدعاء بقوله: « ».
ولعلَّنا لاحظنا مدى حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يُرَدِّد الصحابي كلمات الدعاء بالنصِّ النبوي دون تبديل، فلم يقبل منه كلمة "رسولك" بدلاً من "نبيك" مع أن المعنى متحقِّق من اللفظين؛ ولكن هذا حرص على اتباع السُّنَّة بدقَّة، فلنحفظ هذا الدعاء حفظًا جيدًا، ولْيكن آخر كلامنا عند نومنا، عسى أن نُصيب الأجر الموعود، أو نلقى اللهَ على الفطرة.
ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].