الإمامة تعود لحصار صنعاء عبر الحوثيين
كل الاحتمالات واردة، فصنعاء تقف أمام لحظة تاريخية قد تعود بها إلى ما قبل عام 1968م خلال الايام القادمة إذا لم تتدخل السلطات الحكومية وتقف أمام النوايا المُبيته لجماعة الحوثي التي بدأت بالتوسع على المحافظات الشمالية منذ سيطرتها على محافظة صعدة عام 2010م، وتوسعها نحو بعض مديريات الجوف وحجة، انتهاء بإسقاط محافظة عمران تحت سيطرتهم العسكرية.
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
تقف العاصمة اليمنية اليوم أمام حدث كبير، قد يعود بها إلى نفس المشهد الذي حدث عام 67/1968م، حيث عاشت صنعاء سبعون يوماً من الحرب في سبيل فك الحصار الشامل الذي أطبق عليها من قبل القبائل الإمامية التي فسح لها الإمام أحمد بالدخول ونهب كل ممتلكات المواطنين الذين اختاروا النظام الجمهوري بدلاً عن النظام الإمامي السلالي.
في ذلك التاريخ، جند الملكيين قرابة 50 ألف مسلح من رجال القبائل، لحصار صنعاء الذي استمر سنة كاملة، استطاع الجمهوريين وأنصار الدولة المدنية بقيادة الفريق حسن العمري الانتصار على تلك القبائل المجندة وفك الحصار عن صنعاء في حرب السبعين يوماً المشهورة.
اليوم يتكرر نفس المشهد، حيث يحشد الحوثيون مسلحيهم من كل المحافظات اليمنية إلى المداخل الأربعة للعاصمة صنعاء، بعد تهديدات أطلقها زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي أمهل فيها الحكومة ثلاثة أيام لتحقيق ثلاثة مطالب تتمثل في إسقاط قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وإسقاط الحكومة، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
وجاء قرار الحكومة برفع الدعم عن المشتقات النفطية نهاية يوليو/ تموز، كفرصة سانحة للحوثيين كي يعلنوا نواياهم في إسقاط النظام الجمهوري والسيطرة على الحكم والسلطة، وهو الأمر الذي بدأت ملامحه ظاهرة في السطح، بعد أن طالب زعيم الحوثيين أنصاره بالخروج من كل المحافظات إلى مداخل العاصمة صنعاء استعداداً لاقتحامها الجمعة القادمة في حال لم يتم تحقيق مطالبهم الثلاثة.
وبدأت حشود المسلحين الحوثيين في نصب مخيمات اعتصام عند ثلاثة منافذ حيوية للعاصمة صنعاء، حيث يتوافد إليها يومياً آلاف المناصرين لهم، في حين يتم تسليح الكثير منهم استعداداً لخوض مواجهات مع القوات الحكومية في حال تدخلت في إيقافهم من التوغل وسط العاصمة صنعاء.
واستحدثت المجاميع المسلحة على أبواب العاصمة، نقاطاً للتفتيش، وجهزت عدد كبير من الأطقم المسلحة التي تقل عناصر حوثية من المحافظات الأخرى، كما شرعت في استخدام الجرافات والمعدات لإعداد المتاريس والخنادق، واعتلاء عناصر مسلحة على التباب والمرتفعات الواقعة على جانبي الطريق.
وتتركز المخيمات التي نصبها الحوثيون على المدخل الشمالي للعاصمة والذي تم نصبه في همدان منطقة -بيت نعم-، في حين تم نصب مخيم آخر في الجهة الغربية للعاصمة في منطقة بني مطر -تحت الصباحة- الطريق المؤدية إلى مدينة الحديدة، أما المخيم الثالث فيقع في منطقة سنحان -خط المائة- في المدخل الجنوب الشرقي للعاصمة الطريق المؤدي إلى محافظة ذمار وتعز.
ويدعي الحوثيون أن الثلاثة المطالب التي وضعوها أمام الحكومة، مطالب شعبية لمعظم أبناء اليمن، في حين يغلب على المظاهرات التي تخرج في بعض المظاهرات شكلاً واحداً حيث تسيطر شعارات الحوثيين على الموقف، ولجان التنظيم يتم اختيارها من أنصار الحوثي بعناية.
ونتيجة حالة الترقب والحذر التي تسود العاصمة صنعاء، وسط انتشار أمني مكثف، بعد تهديد الحوثيين باللجوء إلى خيارات أخرى لإسقاط الحكومة؛ حيث دعا اجتماع استثنائي عقد الثلاثاء برئاسة الرئيس عبدربه منصور إلى لقاء وطني عاجل يضم كل الفعاليات الحزبية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني والشباب والمرأة والعلماء والشخصيات الاجتماعية اليمنية في العاصمة صنعاء من اجل تدارس الأوضاع الطارئة التي تهدد الأمن والاستقرار في اليمن كرسالة وطنية شاملة إلى كل من يهدد امن اليمن واستقراره ويتمرد على مخرجات الحوار الوطني الشامل تحت شعارات زائفة وكاذبة باستغلال مشاعر البسطاء من الناس ودغدغة عواطفهم وهي العادة التي اتبعتها جماعة الحوثي.
وفي السياق نفسه اتهمت اللجنة الأمنية العليا المسلحين الحوثيين بالتواجد المكثف وبأسلحتها المختلفة في منطقة المساجد غرب العاصمة صنعاء، ومنطقة حزيز جنوب العاصمة ومنطقة الرحبة جوار مطار صنعاء الدولي ومناطق أخرى.
الموقف الخارجي:
على مستوى الموقف الإقليمي والدولي فقد استنفرت الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية، ممثلة بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، بعد التهديدات التي أطلقها زعيم الحوثيين.
وعبرت الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية، عن بالغ القلق من التصريحات الأخيرة التي اطلقها عبد الملك الحوثي واعتبرتها مناهضة ومهينة وتنم عن لهجة حادة تجاه عملية الانتقال السلمية وتمس أيضا من هيبة الحكومة اليمنية المشكلة شرعيا.
ووجه سفراء الدول العشر المعتمدون بصنعاء، رسالة إلى زعيم الحوثيين الثلاثاء، طالبوه فيها بأن يحترم إرادة الشعب، وأن يحترم القانون وحفظ النظام وأهابوا بجميع الأحزاب السياسية والجماعات بمن فيهم الحوثيين المشاركة بشكل سلمي في العملية الانتقالية.
وشدد سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية بأن المجتمع الدولي لن يُقبل أي أفعال تهدف إلى التحريض أو إثارة الاضطرابات والعنف، وسوف يتم إدانتها بشدة.
كما دعت بعض البلدان الغربية رعاياها إلى مغادرة اليمن بصورة فورية، خشية تحول العاصة إلى ساحة مواجهات مع تواصل زحف المسلحين الحوثيين الذين طوقوا مداخل صنعاء من كافة الاتجاهات.
وعلى ما يبدو أن الحوثيين يريدون خلط الأوراق في اليمن بتنظيم مظاهرات مسلحة كبيرة، ويقدمون أنفسهم على أنهم يمثلون الشعب اليمني، ويطرحون شعارات ثورية تطالب بإسقاط العاصمة صنعاء، ومن ثم الانقضاض على نظام الحكم الجمهوري والسيطرة على السلطة.
كل الاحتمالات واردة، فصنعاء تقف أمام لحظة تاريخية قد تعود بها إلى ما قبل عام 1968م خلال الايام القادمة إذا لم تتدخل السلطات الحكومية وتقف أمام النوايا المُبيته لجماعة الحوثي التي بدأت بالتوسع على المحافظات الشمالية منذ سيطرتها على محافظة صعدة عام 2010م، وتوسعها نحو بعض مديريات الجوف وحجة، انتهاء بإسقاط محافظة عمران تحت سيطرتهم العسكرية.
أحمد الصباحي