السلبية الاجتماعية
محمد سلامة الغنيمي
وقد وزع الإسلام المسؤوليات كُلٌّ بحسب طاقته، وعلى قدر موقعه الاجتماعي، بحيث لا يتخلف عنها أحد، فسلامة الجزء من سلامة الكل
- التصنيفات: التصنيف العام - تربية النفس -
نهى الإسلام عن السلبية المُفْضِية الى انتشار المنكر، وعموم الفساد، والبعد عن رحاب الايمان، وحياض الشريعة؛ التي تنظم حياة الناس، وتضبط علاقتهم بربهم، وتنظم علاقتهم وببني جنسهم، وبغيرهم من الأجناس الاخرى، وَحَثَّ على الإيجابية، والفاعلية الاجتماعية، وحذر بأشد العبارات وبأغلظ الألفاظ من السكوت عن المنكر، مهما قل ضرره!؛ « » (مسلم:49)، حتى لا تتحول بشاعة المنكر التي رسمها الإسلام فى قلوب المسلمين، وأجراها على ألسنتهم، وحرك بها جوارحهم، إلى ظاهرة مألوفة مستأنسة، فسلامة الجزء من سلامة الكل.
ويبدو ذلك جليًا واضحًا من خلال التصور الإسلامى للمجتمع، فهو يرى المجتمع أشبه بالسفينة التي تُسيرها الرياح في عرض البحر، مصير هذه السفينة معقود على جميع من هم فيها أو عليها؛ سواء بسواء، فإذا همّ فرد من أربابها بسوء ولم يأخذ الباقين أو بعضهم على يديه، هلكوا جميعًا بوبال ذلك السوء، وبسلبيتهم تجاهه، فسلامة الجزء من سلامة الكل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البخاري)
» (رواهوقد وزع الإسلام المسؤوليات كُلٌّ بحسب طاقته، وعلى قدر موقعه الاجتماعي، بحيث لا يتخلف عنها أحد، فسلامة الجزء من سلامة الكل «الألباني).
(وفي طريق:والخادم/214) »، سَمِعْتُ هَؤُلَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحْسَبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « »، « » (رواه البخارى؛ في الأدب المفرد؛ وصححهوهنا تبدو خطورة السلبية الاجتماعية وأثرها في فساد وزوال المجتمع بأسره! صالحه وفاسده، ويؤكد ذلك قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال:25]، وقد لعن الله تعالى مجتمعات بني إسرائيل السالفة وصب عليهم غضبه وعقابه؛ لأنهم {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة:79]، بل كانوا يتولون الكافرين بدون إنكار لكفرهم، حرصًا على مصالحهم الدنيوية، فأزلهم الله بها، وضيقها عليهم، فسلامة الجزء من سلامة الكل.
ولكن هذه السنة الإلهية والحقيقة الكونية موقوفة على كثرة الخبث، وتنامي الضرر، واستطالة الاذى، حتى يألف الناس المنكر، ويتعودون الفساد، فعن زينب بنت جحش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يومًا فَزِعًا يقول: «
» وحلق بأصبعيه: الإبهام والتي تليها، قالت زينب: فقلت: "يا رسول الله أفنهلك وفينا الصالحون؟" قال: « » (متفق عليه).وقد وعد الله نبيه ألا يهلك أمته بسنة عامة، أو بعذاب واصب يفنيها؛ كما فعل مع الأمم السابقة، وذلك إذا تخلى المسلمون عن الإيجابية الاجتماعية، «
» (رواه مسلم).ولكن سنة الله ماضية، فالنكبات والمحن والانقسام الداخلي والهوان الخارجي وشيوع الأمراض الجديدة الفتاكة والزلازل والبراكين والسيول والأعاصير؛ كلها صور من صور العذاب والهلاك، لأمة تجاهلت الأمر بالمعروف، وأَلِفَت المنكر.
وهاكم بعض بعض العقوبات العامة لبعض المنكرات:
«
» (رواه ابن ماجة؛ وصححه الألباني).