لمن السيادة ؟

"إن من يتكلمون عن سيادة الأمة أو سيادة الدولة إنما يرددون اصطلاحاً جرى عليه الفقه العصري، أما الفقه الإسلامي فإن لفظ السيادة ذاته غير معروف فإذا تجاوزنا اللفظ إلى المعنى وهو السلطة العليا المطلقة، فإن شريعتنا لا تعرف إلا السيادة لله وحده".

  • التصنيفات: السياسة الشرعية -

"إن من يتكلمون عن سيادة الأمة أو سيادة الدولة إنما يرددون اصطلاحاً جرى عليه الفقه العصري، أما الفقه الإسلامي فإن لفظ السيادة ذاته غير معروف فإذا تجاوزنا اللفظ إلى المعنى وهو السلطة العليا المطلقة، فإن شريعتنا لا تعرف إلا السيادة لله وحده"[1].

"إذا كان لا بد من استعمال كلمة السيادة التي لم يعرفها الفقه الإسلامي ونقلناها عن الفقه الأوربي فيجب أن نكتفي بنسبتها إلى الشريعة وحدها"[2].

(إن الاعتراف بالسيادة لأي جهة إنسانية فكرة بعيدة عن الإسلام ولا يتمتع بها على الأرض وفي المجتمع الإنساني إلا الشريعة السماوية فهي وحدها التي يمكن أن يكون لها سلطان لا معقب عليه، أما البشر أفراداً وجماعات فسلطانهم لا يجوز أن يسمى سيادة لأن معنى ذلك أنها سلطة لا معقب عليها ولا تقر شريعتنا بذلك لأحد"[3].

"الإسراف في استعمال كلمة السيادة في الفقه الأوربي يثير حولها غموضاً ويوجد بلبلة في الفقه الدستوري، فكان الأولى أن لا تنسب السيادة المطلقة إلا إلى جهة واحدة وهي في نظرنا الشريعة باعتبارها التشريع الملزم للجميع، أما الجهات الاخرى فيكفي أن توصف بأنها لها سيادة نسبية أي سلطات محدودة مقيدة"[4].

"إن صدور الدستور والقانون عن الأغلبية ليس في نظر دعاة الشورى الإسلامية ضمانة كافية لعدالته إذ لا بد من وجود مبادئ أعلى من الدستور تفرضها الشريعة ويخضع لها المجتمع كله بما فيه الأغلبية التي تضع الدستور أو التي تضع القوانين والأجهزة التي تنفذها والأفراد والهيئات والجماعات التي تمثلها أو تتكلم باسمها"[5].

"لا بد إذن من وجود قيود حدود- شرعية تحد من سلطات الحكام سواءً أكانوا يمثلون الأقلية أم الأغلبية وهي حدود مستمدة من مصادر سماوية لا يستطيع الحكام سواء أكانوا ممثلين للأغلبية أم الأقلية إلغاءها أو تقييدها"[6].

"إن عقيدة التوحيد التي هي أساس شريعتنا تتنافى مع إعطاء صفة السيادة لأي فرد أو هيئة أو جماعة ولا تعترف لها بأي سلطة إلا إذا كان بتفويض من الأمة وكانت محدودة في نطاق الأصول والمبادئ الدستورية التي تستمد من المصادر الإلهية الشرعية"[7].

"لا يكفي إذن لإصلاح الديمقراطية أن نغير اسمها ونصفها بأنها شورى، بل لا بد من أن تقوم على الأسس الشرعية للشورى الإسلامية وأولى هذه الأسس التزامها بمبادئ الشريعة الإسلامية وعدم فصلها عنها"[8].

"عندما نتكلم عن الشريعة إنما نقصد فقط الشرعية الإسلامية التي تعني عدم الخروج على أحكام شريعتنا، أما مخالفة القانون أو الدستور الوضعي أو معارضته فلا يصح أن يوصف بأنه خروج عن الشرعية بل أقصى ما يقال عنه إنه خروج عن القانون أو مخالفة قانونية بل إن نصوص القانون أو الدستور الوضعي التي تتعارض مع مبادئ الشريعة وأحكامها في نظرنا غير شرعية"[9].

"الشورى تتفق مع النظم المعاصرة في أن الذي يمارس السلطة ويصدر القرار السياسي هو الأغلبية، إلا أنها تمتاز بأنها تفرض على المجتمع قبل ذلك مجموعة من القيم العليا الإلهية والمبادئ السامية للشريعة والتي يجب على السلطة التي يقيمها النظام السياسي احترامها ويلتزم بها المجتمع والأمة كلها بما فيها الحكام جميعاً سواء أكانوا من الأغلبية أم من الأقلية وسواء أكانت الاغلبية التي يتحدثون باسمها حقيقية أم مزعومة صحيحة أم زائفة واعية أم مضللة مخدوعة"[10].

___________________

[1] فقه الشورى والاستشارة، للدكتور توفيق الشاوي 580

[2] فقه الشورى والاستشارة، للدك 583

[3] فقه الشورى والاستشارة 574

[4] فقه الشورى والاستشارة 578

[5] فقه الشورى والاستشارة 296

[6] فقه الشورى والاستشارة 297-298

[7] فقه الشورى والاستشارة 580

[8] فقه الشورى والاستشارة 583

[9] فقه الشورى والاستشارة 605

[10] فقه الشورى والاستشارة 293 طباعة 1412


توفيق الشاوي