(187) سُنَّة صلاة إحدى عشرة ركعة ليلاً
راغب السرجاني
مَنْ أراد أن يتقوى على الأعمال الشاقة في الحياة، سواء أعمال الدنيا أو الآخرة، فعليه بقيام الليل! فكيف كان منهج رسول الله في قيام الليل؟
- التصنيفات: السيرة النبوية -
مَنْ أراد أن يتقوَّى على الأعمال الشاقَّة في الحياة، سواء أعمال الدنيا أو الآخرة، فعليه بقيام الليل! فإن الله عز وجل يقول: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً . إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلاً . إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً} [المزمل:5-7]، فتحمُّل القول الثقيل يحتاج إلى قيام الليل وتسبيح النهار؛ لهذا كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم منهج ثابت في قيام الليل..
فكان في معظم لياليه يُصَلِّي إحدى عشرة ركعة؛ وذلك كما روى البخاري عن عَائِشَةَ رضي الله عنها: « »، كَانَتْ تِلْكَ صَلاَتَهُ -تَعْنِي بِاللَّيْلِ- « ».
وهناك روايات أخرى تذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُصَلِّي ثلاث عشرة ركعة يوميًّا في قيام الليل؛ فعند البخاري عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: « ». يَعْنِي بِاللَّيْلِ، وكذلك عند مسلم عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: "لأَرْمُقَنَّ صَلاَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم اللَّيْلَةَ، « »".
وقد تكون الركعتان الأخيرتان في هاتين الروايتين -فيما أرى- جزءًا من الوتر؛ فتكون ركعات القيام عشرًا، ويكون الوتر ثلاثًا؛ وبذلك تتَّفق الروايات مع رواية عائشة رضي الله عنها، وهي أدرى بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، وعمومًا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُعَلِّمنا أن نُصَلِّيَ ركعتين ركعتين من الليل إلى أن يقترب الفجر فنُصَلِّيَ عندئذٍ الوتر..
فقد روى البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « ».
لذلك كانت أعداد الركعات تختلف من ليلة إلى ليلة؛ فقد روى البخاري عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: "سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ؟ فَقَالَتْ: سَبْعٌ، وَتِسْعٌ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ، سِوَى رَكْعَتِي الفَجْرِ".
فلْتكن هذه السُّنَّة عونًا لنا على أعمالنا الصعبة، وليكن أقلُّها سبع ركعات، وأكثرها ثلاث عشرة.
ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].