الصبي أحمد والحاج (مصطفى رفعت)

حسن الخليفة عثمان

هذا الأمر عاشه ورأه كاتب هذه السطور رأي العين، كما علمه علم اليقين، بل لن أكون مبالغاً إذا قلت لك حين كان هذا اللواء رحمه الله على قيد الحياة كان بوسعه لو أراد إلقاء القابع الآن على عرش مصر في مهملات المعاش والتقاعد لفعل بتقرير مباشر منه للمخلوع (مبارك)، والذي كان له علاقة مباشرة معه..

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

ماذا لو أن الصنديد الذي ألقى القبض على الصبي (أحمد محمد أحمد شوقي الإسلامبولي) البالغ من العمر ستة عشر عامًا، أخذه من يده وذهب به لأقرب بقّال واشترى له شيكولاتة بنصف جنيه وأعطاها له، وقال له عُدّ إلى منزلك ولا تأت إلى هنا في هذه المظاهرات مرة أخرى حرصاً على حياتك، وبلّغ سلامنا لأبيك فنحن نعلم أنه مسجون في سجون تركيا، وحالته الصحية حرجة، وليس بوسعنا شيء نفعله أو نقدمه له سوى أن نحافظ عليكم هنا، ولا نؤذيكم حتى وإن كنتم لا تؤيدون النظام القائم؟

قد يبدو لك أيها القارئ أن ما أكتبه لك هذا نوع من (الهبل) أو (الهراء) الذي لا يمكن أن يفكر فيه كل من انتسب إلى داخلية عصابة الانقلاب، وأنا أعذرك في جوابك، وأحترمه كامل الاحترام، بالضبط كما أطلب منك أن تحترم رأيي وتجربتي التي لم أقرر بعد أن أكلمك عنها، أو أكتبها لك لتنظر فيها، والتي استمرت قرابة عقدين من الزمان في زنازين داخلية نظام الانقلاب، وقد شاء ربك ألا تنكسر لنا إرادة، أو تلين لنا أمامهم قناة..

وقد كان من أبرز صفحات هذه التجربة، صفحة شخصية لم تكن من المنتسبين إلى هذا الجهاز الأمني القمعي فحسب، بل كانت من الشخصيات التي ترتعش وترتعد أمامها فرائص جميع الشخصيات التي تراها أمامك الآن في داخلية السيسي، بدءًا من أصغر مجند في الداخلية، وانتهاءً بأكبر رأس فيها وهو وزيرها الحالي.

هذا الأمر عاشه ورأه كاتب هذه السطور رأي العين، كما علمه علم اليقين، بل لن أكون مبالغاً إذا قلت لك حين كان هذا اللواء رحمه الله على قيد الحياة كان بوسعه لو أراد إلقاء القابع الآن على عرش مصر في مهملات المعاش والتقاعد لفعل بتقرير مباشر منه للمخلوع (مبارك)، والذي كان له علاقة مباشرة معه كنا نعرف تفاصيلها، ليس المقام لذكرها.

هذه الشخصية هو اللواء (أحمد رأفت المصيلحي) أو الحاج (مصطفى رفعت) كما كانوا ينادونه كاسم حركي في جهاز مباحث أمن الدولة.

ما طرحته عليك من سؤال في بداية المقالة والذي اعتبرته أنت ضرباً من ضروب الخيال أو الهراء! وأنا أؤيدك في رأيك كان بمثابة سلوك شخصي شبه يومي للواء (أحمد رأفت) رحمه الله، حين تولى ملف المصالحة بين (الجماعة الإسلامية) والدولة المصرية مجتمعاً، ونظاماً، ومؤسسات، وقدّم للعالم وللاتحاد الأوربي، والأمم المتحدة، تجربة أذهلتهم، بل وتكاد تكون أذهلت المتابعين لشئون الشرق الأوسط عامة..

وقدّم (الجماعة الإسلامية) للعالم في ثوبها الجديد وفكرها الجديد ومشروعها الجديد الذي نتج عنه وبفضله أن انخرطت (الجماعة الإسلامية) بقياداتها وقواعدها وأفرادها في الحياة السياسية والاجتماعية والدعوية في وجه سلمي، حضاري، مشرق، ورائع، أضحى لبنة هامّة من لبنات الأمن القومي المصري، وصمام أمان مهم للمجتمع.

لقد كتبت مقالة سابقاً في العام قبل الماضي في هذا الشأن -لعلي أعيد نشرها لاحقاً بعنوان (أحمد رأفت بين المصالحة وتجارة الدم)-، لكن يبقى ما هو مهم الآن لماذا وافقتك على اعتبار أن هذا السؤال أضحى هراءً وخيالاً؟ بل إن الأمر تطور إلى ما هو أبعد على يد عصابة (السيسي) وداخليته الحالية، التي ذهبت بعيداً في فجورها وغيها، إلى درجة أنها قادمة على قرار ستقول به للعالم إن (أحمد رأفت) و(حبيب العادلي) و(حسني مبارك) كانوا يخادعونكم حين قالوا لكم إن لدينا تجربة فريدة في التعامل مع الجماعات الإسلامية، بالشكل الذي تناوله ( حبيب العادلي) في مرافعته الشهيرة أمام المحكمة.

اليوم يخرج (السيسي) و(محمد إبراهيم) لسانهما للعالم كله ويقولان: "لقد خدعناكم" وذلك حين "يكلم" (ممدوح شاهين) القاضي في الثاني والعشرين من فبراير القادم ليقوم بحظر (الجماعة الإسلامية)، ثم يليها بعدها بشهور أو أسابيع حل حزبها البناء والتنمية، هذا ما يسير عليه (السيسي) وداخليته الآن من سياسة، ثم يطلبون من العالم أن يثق فيهم وفي كلامهم وتجاربهم، ألا لعنة الله على الكاذبين. 
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام