وأما السائل فلا تنهر
محمد علي يوسف
المسار المنطقي للأشياء أن تصحب تكلفة العطاء درجات معينة من التأفف والتذمر، وربما التبكيت والمن والأذى، وقد يؤدي علو اليد إلى علو النفس والتعالي على الخلق، والاستكبار المفضي للإهانة.
- التصنيفات: أخلاق إسلامية -
قاعدة قرآنية نفيسة تضبط التعامل مع المحتاج حتى إن لم تكن ستعطيه (فلا تنهر).
لا تقسُ عليه ولا تعنفه ولا تزدريه {ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى} [البقرة من الآية:262].
{قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة من الآية:263].
لاحظ أن توجيه الكلام ها هنا في سياق التأدب يكون غالبًا للمُعطي وليس للسائل.. لماذا؟
لأن المسار المنطقي للأشياء أن تصحب تكلفة العطاء درجات معينة من التأفف والتذمر، وربما التبكيت والمن والأذى، وقد يؤدي علو اليد إلى علو النفس والتعالي على الخلق، والاستكبار المفضي للإهانة.
لكن سائل ومحتاج وفي الوقت نفسه يتطاول ويزدري ويحتقر معطيه! هذه جديدة ونادرة.
أن يكون المرء مستغلاً فهذا موجود ومألوف، وما أكثر الانتهازيين في زماننا هذا وكل الأزمان.
لكن أن تمتزج الانتهازية الذليلة والاستجداء المستغل باحتقار ذلك الذي تتذلل إليه وتستغله، مستجدية في وجهه مخفيةً استعلاءها عليه، ثم مظهرة ازدراءها الحقيقي للمعطي من خلف ظهره! فذلك حقًا من النوادر، ويأبى الله إلا أن يفضح ذا الوجهين ولو بعد حين.