بر الوالدين

رياض بن محمد المسيميري

جاءت أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: (إنَّ أمي أتتني وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: ((صلي أمك)) (رواه مسلم) وغيره.

  • التصنيفات: الأدب مع الوالدين -

جاءت أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: (إنَّ أمي أتتني وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: ((صلي أمك)) (رواه مسلم) وغيره.

وفي الحديث الشريف دلالات وإضاءات:

- أنَّ أسماء - رضي الله عنها - تعلم في قرارة نفسها أن للأمِ حقاً وأي حق، بيد أنَّها لا تدري إن كان إشراكها بالله مانعاً من حقها في الصلة أم لا؟ لذا جاءت تطمئنُ على سلامة موقفها، وتتعلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحكم الشرعي الصحيح في مسألة كهذه.

- لقد أفتى نبينُا الكريم - عليه السلام - أسماءَ - رضي الله عنها - بأنَّ لا مانع شرعاً يمنع من صلة الوالدة، ولو كانت مباينة لابنتها في عقيدتها ودينها، وما ذلك إلاَّ لعظم حق الأم الذي لا ينبغي أن يُهضم في شريعة الإسلام العادلة، حتى وإن تنكرت الأم للإسلام نفسه، ورفضت قبوله ديناً ومنهج حياة.

فالإحسان للوالدين مسلكٌ شرعي حميد، أمر به الرب الكريم - سبحانه -، مهما كان الوالدن أو أحدهما مشركاً، يقول - تعالى -: ((وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ)) (لقمان: 14).

 

- في تأملنا للحديث الشريف وغيره من الآيات النيرات، ندرك فضل بر الوالدين والإحسان إليهما، فإذا كان الإحسان إلى الأبوين المشركين مأموراً به، فكيف بالأبوين الموحدين المصليين الذاكرين الخاشعين؟!

ألا فلتبادري ـ أيتها الأخت الفاضلة ـ إلى تفقد حاجات أبويك الكريمين والحرص على برهما والإحسان إليهما، ولو بشق تمرة، أو كلمة طبية، ثم تذكري أنَّ الله - تعالى -كما جعل الإحسان إلى الوالدين من أفضل القربات، فقد جعل عقوبتهما من السبع الموبقات، والكبائر المهلكات - كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ـ

ويبدأ العقوق بالتأفف، مروراً بالعصيان، ورفع الصوت بالسب واللعان، وانتهاءً بالقطيعة والهجر والضرب - عياذاً بالله.

وما أكثر ما يتبرم البعض من نداءات الأبوين، أو طلباتهما المتكررة دون أن يُقر - معترفاً - بأن ذلك ضربٌ من العقوق، ومن ثَمَّ يسعى جاهداً إلى التخلص من تلك الآفة المهلكة، والمسلك الذميم.

فاتقي الله - يا فتاة الإسلام - في والديكِ، وأحسني صحبتهما قبل فقدهما، وساعتها لا تنفعك دموع ولا آهات!