سادس الخلفاء الراشدين نور الدين زنكي
إيهاب إبراهيم
لقد تقطعتْ أوصالُ الأمة الإسلامية، وذهبت ريحُها بين الأُمراء والإمارات، وعاث الصليبيون في أرضِ الإسلام الفساد، وتسلَّط الفاطميون على بلاد المسلمين سنينَ ينشرون الكُفْرَ والإلحاد، وتعاون خونةُ الأمراء من المسلمين مع الفرنجة لإسقاط بعضهم، وبين كل ذلك ضاع المسلمون وعانَوُا الظلمَ والقهر على يد الفرنجة تارة، وعلى يد الأمراء الفاسقين تارة.
- التصنيفات: التاريخ الإسلامي -
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، وبعد: "إنِّي لأستحيي من الله -تعالى- أن يراني مبتسمًا، والمسلمون محاصرون بالفرنج!".
هكذا لَخَّصَتْ تلك العبارةُ منهجَ وهِمَّةَ هذا البطلِ العظيم، إنَّه الملك العادل نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي.
لقد تقطعتْ أوصالُ الأمة الإسلامية، وذهبت ريحُها بين الأُمراء والإمارات، وعاث الصليبيون في أرضِ الإسلام الفساد، وتسلَّط الفاطميون على بلاد المسلمين سنينَ ينشرون الكُفْرَ والإلحاد، وتعاون خونةُ الأمراء من المسلمين مع الفرنجة لإسقاط بعضهم، وبين كل ذلك ضاع المسلمون وعانَوُا الظلمَ والقهر على يد الفرنجة تارة، وعلى يد الأمراء الفاسقين تارة.
وفي هذا الظلام الحالك أشرقتْ شمسُ يوم الأحد 17 من شهر شوال عام 511هـ، وأشرق معها نورُ الدين محمود على الأمة الإسلامية؛ ليكمل ما بدأه أبوه عماد الدين زنكي، لقد ورث نورُ الدين مِن والده حبَّ الجهاد والسَّعي المستمر لتخليص الأُمَّة من الصليبيين، وقد مَنَّ الله على نور الدين بصفات حميدة أهَّلته ليكون -كما يطلق عليه كثيرٌ من أهل العلم- سادسَ الخلفاء الراشدين.
لقد وضع بطلُنا سيرةَ الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبدالعزيز أمام عينه وجعله قُدوته؛ قال ابن الأثير: "قد طالعت تواريخَ الملوك المتقدمين قبل الإسلام وفيه إلى يومنا هذا، فلم أرَ بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبدالعزيز أحسنَ سيرةً من الملك العادل نورِ الدين، ولا أكثر تحرِّيًا للعدل والإنصاف منه، قد قصر ليله ونهاره على عدلٍ ينشُره، وجهادٍ يتجهز له، ومظلمةٍ يزيلها، وعبادةٍ يقوم بها، وإحسانٍ يوليه، وإنعامٍ يسديه"[1]؛ اهـ.
وقال أبو حفص معين الدين الإربلي في مقدمةِ كتابه عن عمر بن عبدالعزيز وتقديمه ذلك الكتاب لنور الدين: علمًا منه أنَّ الاقتداء بالسَّلف الفضلاء العقلاء يكمِّل الأجر، ويُبقي الذكر، واتباع سنن المهديين الراشدين يصلح السريرة، ويُحسن السيرة، وأنَّ الله -سبحانه وتعالى- أَمَر نبيَّه -صلَّى الله عليه وسلَّم- بالاقتداء بسلفه من الأنبياء.
وكان نور الدين يتَّسم بالجدية والذكاء، فقد كان سريعًا لسد أي فَتْقٍ أو اعتداء من الصليبين، فلما سمع أنَّ جوسلين حاصر الرها، هَبَّ مسرعًا لنجدتها، وسبى أهلَها، وأجلى منها النصارى؛ وذلك لأنَّهم خانوا أباه مرتين قبل ذلك؛ لذا كان يجب الرد الحاسم وعدم الرِّفق بأهلها.
ولما اعتدى الصليبيون على قاربين للمسلمين، غَضِبَ نور الدين وطلب من الصليبيِّين رد القوارب والأمتعة فرفضوا، فقام بحصار حصن عرقه وتخريب ربضه، والاستيلاء على حِصْنَي صافيتا، فاضطر الصليبيون إلى ردِّ القاربين والمهادنة، فقبل نور الدين؛ لحاجته يومئذٍ لذلك.
لقد تربى نورُ الدين على الشعور بالمسؤولية وحمل همّ المسلمين، وقد كان وَرِعًا تقيًّا يعد نفسه مسؤولاً عن المسلمين أمام الله -عزَّ وجلَّ- ويَظهر هذا جليًّا في رسالته إلى زعماء دمشق؛ قال: إنني ما قصدتُ بنُزولي هذا المنزل محارَبَتَكم؛ وإنَّما دعاني إلى هذا الأمر كثرةُ شكاية المسلمين بأن الفلاحين أُخِذَت أموالهم، وشُتِّتَتْ نساؤهم وأطفالهم بِيَد الفرنج، وعدم الناصر لهم، فلا يسعُني مع ما أعطاني الله -وله الحمد- من الاقتدار على نصرة المسلمين وجهاد المشركين، وكثرة المال والرجال، ولا يحلُّ لي القعود عنهم، وترك الانتصار لهم، مع معرفتي بعجزكم عن حفظِ أعمالكم والذبِّ عنها، والتقصير الذي دعاكم إلى الاستصراخ بالفرنج على مُحاربتي، وبذْلكم لهم أموالَ الضُّعفاء والمساكين من الرعية؛ ظلمًا لهم وتعديًا عليهم، وهذا ما لا يُرضي الله -تعالى- ولا أحدًا من المسلمين.
وقد كان نور الدين مَهِيبًا موقرًا، مع ما فيه من الحلم والرَّحمة واللين؛ قال ابن الأثير: كان مهيبًا مخوفًا مع لينه ورحمته، كانت إليه النهاية في الوقار والهَيْبة، شديدًا في غير عُنف، رقيقًا في غير ضعف.
وقال الحافظ ابن عساكر الدمشقي: "كنَّا نحضر مجلس نور الدين، فكنَّا كما قيل: كأنَّ على رؤوسنا الطير، تعلونا الهيبةُ والوقار، وإذا تكلم أنصتْنا، وإذا تكلمنا استمع لنا".
وقال ابن كثير: "لم يسمع منه كلمة فُحْش قطُّ في غضب ولا رضا، صَمُوتًا وَقورًا".
ومع هذه الهيبة كان رفيقًا بالضعفاء والمساكين، يقوم لهم، ويُقبِل عليهم، ويجلسهم بجانبهم، ويقول: "هؤلاء جندُ الله، وبدُعائهم ننتصر على الأعداء، ولهم في بيت الله حقٌّ أضعاف ما أعطيهم، فإذا رضوا منا ببعض حقِّهم، فلهم المنة علينا".
ولذلك؛ فقد كان محبوبًا من الرعية، مُعظَّمًا عندهم؛ قال ابنُ كثير لما مرض نور الدين: "وفيها مرض نورُ الدين، فمرض الشامُ بمرضه، ثم عوفي ففرح المسلمون بذلك فرحًا شديدًا".
ولا عجبَ؛ إنَّه الحب الصافي العاري عن النفاق والمصالح، وإخلاص الملك لشَعبه وخدمته والسَّعي في مصالحه، فنشأت تلك المحبة والثقة، والشعوب إذا أحبتْ قائدَها صنع بها المعجزات، وقد كان.
لقد عَلِم الملِك العادل أنَّ هذه الدنيا فانية، وأن المرء لن يخرج منها إلا بصالح العمل، فلم يَغُرَّه المُلكُ والسُّؤْدَد، فكان زاهدًا ورعًا -رحمه الله- مُتفكرًا؛ قال ابن الأثير: "وحَكَى لنا الأميرُ بهاء الدين علي بن الشكري قال: كنت معه في الميدان بالرُّها والشمس في ظهورنا، فكلَّما سرنا تقدَّمَنا الظل، فلما عُدنا، صار ظلُّنا وراء ظهورنا، فأجرى فرسَه وهو يلتفت وراءه، وقال لي: أتدري لأي شيء أُجري فرسي وألتفت ورائي؟ قلت: لا، قال: قد شبهت ما نحن فيه بالدُّنيا، تهرب ممن يطلبها وتطلب من يهرب منها، قلت: رضي الله عن مَلِكٍ يفكر في مثل هذا".
وكان من ورعه -رحمه الله- أنه كان ينفق على أهل بيته من ماله الخاص من سَهمه في الغنيمة؛ قال ابن كثير: "كان نورُ الدين عفيفَ البطن والفرج، مقتصدًا في الإنفاق على أهله وعياله في المطعم والملبس، حتى قيل: إنَّه كان أدنى الفقراء في زمانه أعلى نفقةً منه، من غير اكتناز ولا استئثار بالدُّنيا".
وكان نور الدين محبًّا للشهادة، مُقبلاً عليها، يطلبها في مظانِّها ويتمنَّاها، وقد غادر الموصل يومًا وهو يُحبُّها، فسأله أصحابه: إنَّك تحب الموصل والمقام بها، ونراك أسرعت العود؟ فيجيب: قد تغيَّر قلبي فيها، فإن لم أفارقها ظلمت، ويمنعني أيضًا أنني ها هنا لا أكون مُرابطًا للعدو وملازمًا للجهاد.
قال أبو شامة: كان في الحرب ثابتَ القدم، حَسَن الرمي، صليب الضَّرب، يتقدم أصحابَه، ويتعرض للشهادة، وكان يسأل الله -تعالى- أن يحشره في بطون السِّباع وحواصل الطير.
كان بطلنا يضع قولَ الله -عزَّ وجلَّ-: ﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [آل عمران: 169-170] نُصْبَ عينه، فظلَّ حياته يبحث عن الشهادة ويطلبها.
إنه القائد الرباني، العابد الزاهد، كان يصلي معظمَ الليل يسأل ربَّه ويتضرع إليه، وكان صَوَّامًا، محافظًا على الجماعة؛ قال ابنُ الأثير: حدثني صديقٌ لنا بدمشق -كان رضيع الخاتون زوجة نور الدين- فقال: كان نور الدين يصلِّي فيطيل الصلاة، وله أوراد في النَّهار، فإذا جاء الليل وصلى العشاء نام، ثم يستيقظ نصف الليل، ويقوم إلى الوضوء والصلاة والدُّعاء إلى بكرة، ثم يظهر للركوب ويشتغل بمهام الدولة؛ اهـ.
إنَّها العبادة بمفهومها الشامل، فقد جعل نور الدين شغل الدولة من أهم العبادات، ولم ينسَ حظَّ نفسه منها.
وقد علم نورُ الدين أنَّ الاجتهادَ في العبادة من شروط التمكين؛ قال - تعالى -: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ [النور: 55].
وقد علم -رحمه الله- شَرَّ البدعة وفضل السُّنة، فأقام دولته على السنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ قال عنه ابنُ كثير: أظهرَ نورُ الدين ببلاده السنةَ، وأمات البدعةَ، وأمر بالتأذين بحيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح، ولم يكن يؤذَّن بهما في دولتي أبيه وجده، وإنَّما كان يؤذَّن بحي على خير العمل؛ لأن شعار الرَّفض كان ظاهرًا.
وقد أنشأ المدارس لمحاربة الأفكار المنحرفة -وفي مقدمتها الفكر الشيعي- في كلٍّ من حلب ودمشق ومصر، ونصر المذهبَ السني، وعلى الرَّغم من أنه كان حنفيَّ المذهب إلا أنه أنشأ الكثير من المدارس للشافعية؛ تأكيدًا منه لعدم التعصُّب، وجهود أهل السنة من المذهب الشافعي المسلحين بدراسة الجدل وعلم الكلام؛ ليواجهوا الشيعة مواجهة فكرية.
لقد كان نور الدين يسعى لتحرير جميع أراضي المسلمين من يد الصَّليبيين، وخاصة بيت المقدس، وتطهير المنطقة منهم للأبد، وعلم نور الدين أنَّه لن يتأتي له ذلك إلا بتوحيد بلاد المسلمين لمواجهة العدو، وتخليص البلاد من الأمراء الخونة المتعاونين مع الصليبيِّين.
وكان من أكبر العوائق أمامه دمشق؛ إذ إنَّها البوابة الشرقية لبيت المقدس، وبضمها تتَّحد بلاد الشام تحت إمارة نور الدين، وقد ظلتْ عائقًا أمامه لحماية المدن الجنوبية مثل عسقلان، وبالفعل استطاع الصَّليبيون أن يحتلوها، وبذلك أصبح الطريق مفتوحًا أمامهم إلى مصر.
أدرك نورُ الدين أن اعتماد العنف سيستفز حكامها، ويدفعهم إلى مراسلة الصَّليبيِّين والاستعانة بهم، فعمَد إلى إعمال الحيلة والسياسة، فأخذ يُراسِل صاحبَها مجير الدين ويستميله ويبعث إليه بالهدايا الموصولة، ويظهر له المودة، حتى وَثِق به، وأخذ نور الدين يُكاتبه مشكِّكًا بنيات عدد من أمرائه، وأنَّهم بصدد الاتصال به ضد ملكهم، وذلك دفع مجير الدين إلى إبعاد واعتقال عددٍ من أبرز أصحابه، فلما خلتْ دمشق من زهرة أُمرائها، انتقل نورُ الدين خُطوةً أخرى، فاتصل بأحداث دمشق (أي: حَرَسها الشعبي) وجماهيرها واستمالهم، فأجابوه إلى تسليم البلد، وعند ذاك تقدم لحصار دمشق وتَمكَّن بمعونة أهلها أنفسِهم من دخولها بسهولة بالغة ودونما إراقة للدِّماء، فحقق بذلك الهدف الكبير الذي طالما سعى له أبوه؛ اهـ. "الدولة الزنكية".
ومن أعظم فتوحات نور الدين أيضًا فتحُ مصر وتخليصها من الدولة الفاطمية العبيدية الإسماعيلية، التي نشرت الكُفْرَ والإلحاد مئات السنين بمصر، ولطالما تحالفت مع أعداء الأمة ضدَّها، كما كانت مصر هي البوابةَ الغربية لبيت المقدس.
وقد ضعفت الدولة الفاطمية فيها، وسادها حالةٌ من الفوضى، فطمع بها الصليبيون، وقاموا بحملات عليها، فهب نور الدين مُسرعًا إليها قبل أن يسبقه الصَّليبيون، وقام بهجومٍ مُكثَّف على حصونهم وقلاعهم؛ ليشغلهم عنها، وظل يرسل الحملات المتتابعة يقودها قائدُه المقرب أسد الدين شريكوه بصُحبة ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي، واستطاع أسد الدين أن يدخل القاهرة، ويقتل الخائن شاور، الذي تَحالف مع الصليبيين مرارًا، ومنع أسد الدين من دخول مصر ثلاث مرات، وكان ذلك في السابع عشر من ربيع الآخر، عام 643هـ.
وبذلك اجتمع لنور الدين حكمُ مصر والشام، وأصبح يطوق الصَّليبيِّين من كل جهة، وراسل الخليفةَ العباسي مُبشِّرًا إياه بفتح مصر قائلاً: وبقيت مائتين وثمانين سنة ممنوعة بدعوة المبطلين، مملوءة بحزب الشياطين، حتى أَذِنَ الله لغُمَّتِها بالانفراج، وأقدمنا على ما كُنَّا نؤمله من إزالة الإلحاد والرَّفض، وتقدمنا إلى من اسْتَنَبْنَاهُ أن يستفتح باب السَّعادة، ويقيم الدعوة العباسية هنالك، ويورد الأدعياء ودُعاة الإلحاد بها المهالك.
وكانت عينُ البطل على بيت المقدس، وقد أمر أمهرَ الصُّنَّاع بصناعة منبر ما زال التاريخ يتحدَّث عنه؛ ليضعَه في المسجد الأقصى، ولكن وافتْه المنية يومَ الأربعاء الحادي عشر من شوَّال سنة تسع وستين وخمسمائة، ودفن بقلعة دمشق، ثُمَّ نقل إلى تربة تُجاور مدرسته التي بناها لأصحاب أبي حنيفة.
رحل البطل الجَسُور بعدما فتح الطريقَ إلى بيت المقدس، وقد فُتِحَت على يد أحد تلاميذه؛ صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله.
تلك هي سيرة الملوك العظماء، ملوك الإسلام، مَن عَلَّموا الدُّنيا معنى التجرُّد والعدل والإقدام، وتلك آثارهم شاهدة على صحة منهجهم، ففي عهدهم نُصِرَ الإسلام، وفتحت البلاد، وارتاح العباد، ونُصرت السُّنة، وقُمعت البدعة، ولا يزالون يذكرون بالمجد وأطيب الثناء.
هذا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
[1] كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية.