(1) كمال خَلق النبي صلى الله عليه وسلم

فالكمال المعتبر في البشر يكون من أربعة أوجه: كمال الخَلق وكمال الخُلق وفضائل الأقوال وفضائل الأعمال.

  • التصنيفات: السيرة النبوية - محبة النبي صلى الله عليه وسلم -

الكمالات:
ذكر الماورديّ رحمه اللّه في ذكر خصائص الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم وفضائله وشرف أخلاقه وشمائله المؤيّدة لنبوّته والمبرهنة على عموم رسالته:
فالكمال المعتبر في البشر يكون من أربعة أوجه: كمال الخَلق وكمال الخُلق وفضائل الأقوال وفضائل الأعمال.

الوجه الأول: كمال الخَلق:
كمال خَلقه؟ بعد اعتدال صورته يكون بأربعة أوصاف:


الوصف الأول:
السّكينة الباعثة على الهيبة والتّعظيم الدّاعية إلى التّقديم والتّسليم. وكان أعظم مهيب في النّفوس حتّى ارتاعت رسل كسرى من هيبته حين أتوه مع اعتيادهم لصولة الأكاسرة ومكاثرة الملوك الجبابرة. فكان صلّى اللّه عليه وسلّم في نفوسهم أهيب وفي أعينهم أعظم، وإن لم يتعاظم بأبّهة ولم يتطاول بسطوة، بل كان بالتّواضع موصوفًا وبالوطأة -أي السّهولة- معروفًا.

الوصف الثاني:
في الطّلاقة الموجبة للإخلاص والمحبّة الباعثة على المصافاة والمودّة. وقد كان صلوات اللّه عليه محبوبًا استحكمت محبّة طلاقته في النّفوس حتّى لم يقله (يبغضه) مصاحب، ولم يتباعد منه مقارب، وكان أحبّ إلى أصحابه من الآباء والأبناء وشرب الماء البارد على الظّمأ.

الوصف الثالث:
حسن القبول الجالب لممايلة القلوب حتّى تسرع إلى طاعته وتذعن بموافقته، وقد كان قبول منظره صلّى اللّه عليه وسلّم مستوليًا على القلوب ولذلك استحكمت مصاحبته في النّفوس حتّى لم ينفر منه معاند ولا استوحش منه مباعد، إلّا من ساقه الحسد إلى شقوته وقاده الحرمان إلى مخالفته.

الوصف الرابع:
ميل النّفوس إلى متابعته وانقيادها لموافقته وثباته على شدائده ومصابرته، فما شذّ عنه معها مَن أَخلَص، ولا ندّ عنه فيها إلّا من حُرم الخير كلّه.

وهذه الأربعة من دواعي السّعادة وقوانين الرّسالة قد تكاملت فيه فكمل لما يوازيها واستحقّ ما يقتضيها.

 

(من كتاب: نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم)