الجاذبية الأرضية، وتذكر الموت.
أحمد كمال قاسم
فسبحان الله الذي يذكرنا بمصيرنا كل لحظةٍ بانجذابنا إلى أم أجسادنا (الأرض)، وبالرغم من هذا التذكير الدائب فنحن عن هذه التذكرة غافلون، فنحن نحارب الموت طوال حياتنا دون أن نشعر بكل أشكال المقاومة.
- التصنيفات: التصنيف العام -
لقد استرعى انتباهي ذات مرة العلاقة بين الكلمة الإنجليزية (Gravity) والتي تعني الجاذبية الأرضية، والكلمة الإنجليزية (Grave) والتي تعني القبر!
يبدو للناظر للكلمتين بدون معرفة معناهم أنهما وثيقتا الصلة ببعضهما البعض، كان هذا الربط هو الشرارة الأولى لتوهج تأملي في هذه الأرض التي تجذبنا إليها دون كلل، وتأملت في حال الموتى بعد موتهم فوجدتهم جميعًا قد استوعبتهم الأرض في بطنها، وكأن الأرض تصارع الحياة باستمرار وإصرار مدهشين لتضم هؤلاء الناس إلى بطنها، وهم عندما يكونون أحياءً يقاومون النزول تحت سطحها طوال فترة حيواتهم، ثم ازددت تأملًا فوجدت أنه من الطبيعي أن تحن إلى أجسادنا وترغب في ضمها إليها مرةً أخرى وذلك لأننا خرجنا منها أصلًا.
قال الله تعالى: في سورة (طه:55): {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ}.
فسبحان الله الذي يذكرنا بمصيرنا كل لحظةٍ بانجذابنا إلى أم أجسادنا (الأرض)، وبالرغم من هذا التذكير الدائب فنحن عن هذه التذكرة غافلون، فنحن نحارب الموت طوال حياتنا دون أن نشعر بكل أشكال المقاومة، ولكن هيهات هيهات! فإن جندي واحد من جنود الله ألا وهي الجاذبية تظل تؤثر علينا بثبات وعزيمة حتى تنتصر نهاية الأمر وترغمنا على الغوص في جسدها.
فلننتبه لأمر الموت! فإنه جِد خطير، ولنحسن أعمالنا قبل أن نلقي ربنا بلا زاد يعيننا.