(17) مشيته وجلوسه واتكاءه صلى الله عليه وسلم

أم سارة

لكل إنسان طبعه وسمته الخاص في مشيته وجلوسه واتكاءه، فهناك من يمشي على مهل، وهناك من يمشي متسرعًا وكأن أحدهم يلاحقه، وهناك من يمشي وكأنه لا روح فيه بالعامية "مستموت"، وهناك من يمشي متمايل متبختر في مشيته وكأنه يقول: "يا أرض ما عليكِ مثلي"، وكذلك لكلٌ حاله في الجلوس والاتكاء، وخير من مشى وجلس واتكأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلنرى هديه ونتعلم ونقتدي به صلوات ربي عليه..

  • التصنيفات: السيرة النبوية -

لكل إنسان طبعه وسمته الخاص في مشيته وجلوسه واتكاءه، فهناك من يمشي على مهل، وهناك من يمشي متسرعًا وكأن أحدهم يلاحقه، وهناك من يمشي وكأنه لا روح فيه بالعامية "مستموت"، وهناك من يمشي متمايل متبختر في مشيته وكأنه يقول: "يا أرض ما عليكِ مثلي"، وكذلك لكلٌ حاله في الجلوس والاتكاء، وخير من مشى وجلس واتكأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلنرى هديه ونتعلم ونقتدي به صلوات ربي عليه..

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي يُونُسَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "وَلا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي وَجْهِهِ»، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ فِي مِشْيَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَأَنَّمَا الأَرْضُ تُطْوَى لَهُ إِنَّا لَنُجْهِدُ أَنْفُسَنَا وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ» (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).

يقول ابن القيم في (كتابه زاد المعاد، ص:161): "...قال غير واحد من السلف: بسكينة ووقار من غير تكبر ولا تماوت، وهي مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه مع هذه المشية كان كأنما ينحط من صبب، وكأنما الأرض تطوى له، حتى كان الماشي معه يجهد نفسه ورسول الله صلى الله عليه وسلم غير مكترث، وهذا يدل على أمرين: أن مشيته لم تكن مشية بتماوت ولا بمهانة، بل مشية أعدل المشيات".

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَشَى، تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا، كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ» (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى غُفْرَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: "كَانَ عَلِيٌّ إِذَا وَصَفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كَانَ إِذَا مَشَى تَقَلَّعَ كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ» (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).

وعن معنى (تقلع) يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد: "والتقلع الارتفاع من الأرض بجملته كحال المنحط من الصبب، وهي مشية أولي العزم والهمة والشجاعة، وهي أعدل المشيات وأرواحها للأعضاء، وأبعدها من مشية الهوج والمهانة والتماوت".

- هديه صلى الله عليه وسلم في الجلوس..
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ، جَدَّتَيْهِ، عَنْ قَيْلَةَ بِنْتِ مَخْرَمَةَ: "أَنَّهَا رَأَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ «قَاعِدٌ الْقُرْفُصَاءَ»، قَالَتْ: فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «الْمُتَخَشِّعَ فِي الْجِلْسَةِ»، أُرْعِدْتُ مِنَ الْفَرَقِ" (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).

حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَدَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ، احْتَبَى بِيَدَيْهِ» (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).

ومعنى المحتبي بيديه: "بأن يجلس على إليتيه، ويلصق فخذه ببطنه، ويضع يده على ساقيه كما يحتبي بالثوب" (المواهب المحمدية:1/317)، أي يجلس القرفصاء ويشبك بيديه حول ساقيه.

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ: "أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى» (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).

- هديه صلى الله عليه وسلم في الاتكاء..
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ شَاكِيًا، فَخَرَجَ يَتَوَكَّأُ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قِطْرِيٌّ، قَدْ تَوَشَّحَ بِهِ فَصَلَّى بِهِمْ» (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).

دَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَفَّافُ الْحَلَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، وَعَلَى رَأْسِهِ عِصَابَةٌ صَفْرَاءُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «يَا فَضْلُ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «اشْدُدْ بِهَذِهِ الْعِصَابَةِ رَأْسِي» قَالَ: فَفَعَلْتُ، «ثُمَّ قَعَدَ فَوَضَعَ كَفَّهُ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ» وَفِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ" (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).

فلنتبع هديه صلوات ربي عليه لعلنا نهتدي. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام