البابا عدو الأطفال وحبيبهم العظيم

الكشف عن تفاصيل الفضائح التي تورّط فيها آلاف القساوسة بالاعتداء والتحرش الجنسي على آلاف الأطفال، والتدخل والتستر عليها من قبل كنائسهم، وتدخل البابا بندكت السادس عشر شخصياً بمنع عزل بعضهم عن المنصب اللاهوتي- هذا الحدث يُعيد التذكير بقضية غاية في الحساسية للموقف الأخلاقي للتبشير والتأثير بين الشراكة المنهجية الشاملة للكنيسة في الهجوم على العالم الإنساني الآخر، يداً بيد وقدماً بقدم مع المعسكر الإمبريالي وقواه الدولية، وخاصة على العالم الإسلامي والوطن العربي.

  • التصنيفات: اليهودية والنصرانية -

الكشف عن تفاصيل الفضائح التي تورّط فيها آلاف القساوسة بالاعتداء والتحرش الجنسي على آلاف الأطفال، والتدخل والتستر عليها من قبل كنائسهم، وتدخل البابا بندكت السادس عشر شخصياً بمنع عزل بعضهم عن المنصب اللاهوتي- هذا الحدث يُعيد التذكير بقضية غاية في الحساسية للموقف الأخلاقي للتبشير والتأثير بين الشراكة المنهجية الشاملة للكنيسة في الهجوم على العالم الإنساني الآخر، يداً بيد وقدماً بقدم مع المعسكر الإمبريالي وقواه الدولية، وخاصة على العالم الإسلامي والوطن العربي.

والمهم في هذا الصدد الشراكة في تكريس صورة نمطية سلبية عن الإسلام وتزكيات مطلقة للكنيسة التي أثبت التاريخ المعاصر أنّها استُخدمت لغطاءٍ كبير من تلك الحروب، وكانت تُستدعى مفاهيمها بعد خروج القادة السياسيين من صوامعها؛ لإضفاء قداسة دينية على تلك الهجمات البربرية التي استنزفت عالم الجنوب، ونقصد هنا الكنيسة المُسيّسة والشراكة البابوية لها؛ فعبثت باسم الصليب والسيد المسيح المفترى عليه بمصير مئات الملايين من البشر، وإن كانت هناك دور وكنائس لم تتورط، وبقي ضميرها الإنساني هو محركها لحياة البشر.

لكن هذا التنميط الذي فُصّلت أدواره، ووُزّعت بكثافة بين الساسة والرهبان كان مؤخراً بشراكة تاريخية من البابا الذي أساء للرسول العظيم -صلى الله عليه وسلم- عن عمد، ورفض أي اعتذار حتى لمن كانوا يسعون زحفاً له من المسلمين، رجاء القبول باحتفائهم به في حوارات مع الفاتيكان أو الشراكة الإنسانية التي كانت دائماً تقف في مسافتين: مسافة تُزكّي البابا ووكلاءه في العالم الجنوبي المضطهد، وتعطيه مقام التوجيه للاهوتي الأكبر في العالم، ومسافة تجعل خطاب المسلمين اعتذارياً لمن باركوا إحراق الجنوب، واستنزفوه قولاً أو عملاً.

كما يجري حين يُحاصر العمل الإنساني، وتُمنع آلاف الفروع للمؤسسات الخيرية، كما جرى مع لجنة مسلمي إفريقية والندوة العالمية للشباب الإسلامي، وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، وغيرهم التي تُنجد المضطر في إفريقية وآسية، ولو أدّى ذلك المنع إلى هلاك الضحايا أو تخلّفهم ومرضهم، ثم تمنح صكوك العبور في كل زاوية وركن عبر المجنزرة والسلاح لتُقدّم أرض الضحايا للقسس والرهبان في يدهم الطعام والدواء، وفي يدهم الأخرى المشارطة أو الترغيب أو بالترهيب من قطع المعونة تُسُّر لهم: طعامك ودواؤك من أجل انضمامك إلى معسكر الغزاة لتهتف بصليبهم!!

ولطالما نيل من مفاهيم الإسلام في هذه المؤسسات التبشيرية وشركائها العسكريين بتضخيم صور وانحرافات نماذج المتدين المسلم، أو اجتزاء واقتطاع نصوص، وإسباغ تفسيرات عليها لتضليل الرأي العام المعدوم القدرة عن الاستقلال في محميات الفصل العنصري الدولية المنتشرة في العالم، والتي لا يدخلها إلاّ شركاؤهم البابويون, ولكن الفصل الأخير تأتي فيه الصورة جليّة بالمعاكسة؛ فتآمر البابا على الأطفال والقُصّر يقابله منهج إنساني لا مثيل له في تعامل النبي الأكرم -صلى الله عليه وسلم- مع الأطفال، فضلاًً عن تحريجه الشديد صلى الله عليه وسلم لجريمة الانتهاك الأخلاقي والشذوذ الجنسي، وحديثه الرحيم المتكرر الذي ثبت عبر نقل الغرب المنصف والشرق أنه أسمى رسالة إنسانية عرفها التاريخ البشري مع الطفولة في مدنيتها أياً كانت ديانتها، وعزلها في الحروب عن مسارات العقوبات، فيما يَضجُّ التاريخ من شلالات الدماء للمدنيين من الأطفال والنساء التي باركتها الكنيسة الأم التي يتوارث منها بندكت السادس عشر مقعده اليوم، دون أن يصدر أي اعتذار لأولئك الملايين في الشرق الإسلامي أو الجنوب العالمي من ضحايا حروب الصليب المعاصرة.

ويصعب على الإنسان أن يُحصي كيف كان رسول الله وإنسان البشرية الأعظم يحزن للأطفال ويأسى لهم وعليهم، ويعيش فرحتهم ويلاعبهم، ويتواضع لهم طَبعاً وتعبداً لا نفاقاً، فلا إعلام ذلك اليوم، إنما هو توجيه للإرشاد لأمته: ضعوا الأطفال في عيونكم... وإياكم ثم إياكم من جرح حقوقهم... بل ينظر إليهم مشفقاً يرغب بفوزهم، وإن لم يجرِ عليهم القلم، ولذا حين قال للغلام اليهودي -وقد نظر إلى عيون المحب الأكبر صلى الله عليه وسلم- يدعوه بكل الود والحب دون اشتراط أو تضييق لجيرانه من أهل الكتاب لاتباع وصية المسيح والكليم: هيّا إليها معنا يا غُلام!! نظر الغلام لأبويه اليهوديين راغباً في دعوة العظيم،  فأجابوا جميعاً، وقد أدركوا الرحمة المهداة: أطع أبا القاسم يا بُني.

فيا أطفال العالم أطيعوا أبوة رسول الحب والحق، وأخي الرُسُلَ أجمعين، ولا تنخدعوا بأبوة المنحرفين المزيفين.


مهنا الحبيل