رسالة من الشهيد أحمد ياسين إلى أبناء الأمة

أنا يا أحبّاي ما فارقتكم مللاً، ولكن شوقاً إلى مجاورة الرفيق الأعلى .. فاعذروني إذا ماغرستُ الأحزان في قلوبكم المؤمنة عن غير قصد مني..

  • التصنيفات: فقه الجهاد -

أنا أحمد ياسين عبد لله تعالى..

أودّعكم يا أبناء أمتي برسالتي هذه التي صيغت حروفها بمداد العالم ..وعرق المجاهد.. ودمع العابد.. ودم الشهيد ..

أودعكم بعد أن ودعتُ الحياة الفانية بسجود الليل في رحاب مسجد الحي ، وهوذا قرآن الفجر لا يزال رطباً في أجواء المسجد فاسألوه (( إن قرآن الفجر كان مشهودا ))..

أنا يا أحبّاي ما فارقتكم مللاً، ولكن شوقاً إلى مجاورة الرفيق الأعلى .. فاعذروني إذا ماغرستُ الأحزان في قلوبكم المؤمنة عن غير قصد مني..
أنا ماغادرتكم إلا بعد أن استقر في قلبي أنكم قد استويتم على عروشكم، فغدوتم بفضل الله وحده رجال مبدأ ، وحملة رسالة .. 
أنا ما رحلت عنكم إلا بعد أن تيقنت بأنكم اليوم أقوى منكم قبل رحيلي .. وهذي مبادئي قد ازدادت عمقاً وانتشاراً بعد أن أضيف لها دم الصدق مني، وجمر الغضب منكم..

وهل غاب عنكم يا أبنائي إلا جسمي الذي أضنته السباحة فوق أمواج القدر؟!..

ألا يسعدكم يا أحبّايَ أن يرتاح على ضفة الكوثر جسدٌ أعياه طول السفر؟! ..

أتنكرون يا أبنائي أن الملايين منكم لم يغرسوني في شغاف قلوبهم إلا بعد أن غرستُ دمائي على عتبات المسجد ؟!..

هؤلاء المسلمون الطيبون المقصّرون لم يحتاجوا إلا إلى موتي حتى تفيء قلوبهم إلى كلمة الله وتحيا بنسمة الإيمان ، وكأن الإمام ابن القيم كان يخاطب كل فرد من هذا المليار حين قال : (( إذا لم تكن من أنصار الرسول في المعركة , فكنْ من حرّاس المتاع , فإن لم تفعل فكن من نظّارةِ الحرب الذين يتمنّون النصر للمسلمين , ولا تكن الرابعة فتهلك)) .

أتنكرون يا أبنائي أنكم اليوم أقوى وأقدر وأقرب إلى الله تعالى وإلى محبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ؟!
أتنكرون أنكم قد ازددتم يقينا بأن الدين عند الله هو الإسلام، وأن الإسلام هو الدين القادر على سبك الرجال ؟!..

ولقد حدّثوا أن طفلا بريئا من أشبال الإسلام قد سأل أباه متعجبا : كيف يقصف المجرمون شيخنا بالصواريخ وكأنه مدينة ؟!
وجاء الجواب : لا تعجب يا بني ، فقد كان الإمام أحمد ياسين أمّة ..

ولست وحدي يا أبنائي بل إنّ كلا منكم قادر على أن يكون أمة وحده، فقوة المسلم مستمدة من قوة الإسلام .. والإسلام هو الدين الذي ينبغي أن يكون له مليار قوة، فحاذروا أن يضعف بكم الإسلام ..

وما أريده منكم يا أبنائي هو أن تستثمروا حزنكم عليّ في تجذير الوعي ، فالانتصار العاطفي الذي تفتحت أزهاره لا يكفي ، فاعملوا على تعميق جذور الوعي كي تثمر هذه الأزهار ..

يا أبنائي : ارفعوا رؤوسكم عالياً فقد وضح لكم الطريق ، واعلموا أنّ النعامة التي دفنتْ رأسها في الرّمال, لا يمكن أن تُحدّثنا عن الجَمال !.. 
واعلموا أنّ الأقزامَ لن يسيروا طويلاً إلى الأمام !..
وأنّ العبيد لا يساوي قَدْرُهم ثمنَ القيود.. وكيف وقد انحنتْ رقابُهم لأحقر من في الأرض حتى نَسوا لون السماء ؟!..

يا أبنائي: لا تيئسوا فالمجرمون عاجزون عن أن يحفروا قبر الأمة بصاروخ ، وعاجزون عن أن يحجبوا القرآن عن الإنسان بجدارٍ من نسيجِ العنكبوت..

يا أبنائي : إنّ رحى الإسلام دائرة , فدوروا مع الإسلام حيث دار , وصابروا أنفسكم على هذا المدار .. واحذروا أن يفلتَ من أيديكم حبلُ الوحدة والتوحيد ..

يا أبنائي: قد أبلغتكمْ أمانةَ الإسلام، فبلّغوها للعالم..

فالظلامُ لا يُمحى من الدنيا حتى يقول كل مسلم : (أشرقي يا شمسُ من هُنا .. من عندي أنا).


د. أسامة الأحمد