ما هو دور الفيس بوك وتويتر في تغيير الواقع في مصر؟

عبد المنعم منيب

التحليلات التي يتم نشرها نجد أغلبها هي من النوع التبريري، أي هي تجميعة معلوماتية مع بعض البراهين المنتقاة -بلا منهج أكاديمي محدد- لتبرر عملاً تم عمله، أو أعلنت قيادة أو جماعة ما أنها ستعمله، وهذا طبعًا ليس تحليلاً علميًا موضوعيًا، إنما هو تبرير لما أعلن -وسوف نتكلم لاحقًا في مقال آخر إن شاء الله عن أنواع التحليل السياسي، ومعايره وكذلك معايير الكتابة الفقهية وضوابطها المنهجية-.

  • التصنيفات: الواقع المعاصر - وسائل التكنولوجيا الحديثة -

يكتب كثير من الأخوة والأخوات الآن على مواقع التواصل الاجتماعي بكثرة عن أن المرحلة في ‏مصر تحتاج للعمل وليس الوصف والتحليل.. وفي الواقع فإن ما يجري على الفيس بوك وتويتر في هذا المجال هو نوعان من الكتابة:

الأول: نوع من ينشرون أخبار الأحداث الجارية بتعليق أو تفسير لها ساخر وشاتم، وهذا فائدته أنه بالنسبة لكثير من القراء وسيلة لمتابعة ما يجري من أحداث وفهم تفسيرها، كما أنه يحدث تفريغًا أو تنفيسًا لبركان الغضب في النفوس إزاء الوضع، كما أن كتابة أنفسهم ينفسون عن غضبهم بهذه الكتابة الشاتمة.

الثاني: هو كتابات تحلل الواقع وأحداثه الجارية تحليلاً تفصيليًا ملمحة أو مشيرة في معظم الأحيان إلى حل ما، بل تصرح في أحيان كثيرة بماهية الحل، ولكن أغلب المتصدرين لهذه الكتابة هم ممن لم يتأهلوا علميًا في تخصص علمي محدد للإدلاء بمثل هذه الآراء، وأغلبهم أيضًا ليست لديهم خبرة عملية كبيرة فيما يحللون ويوجهون فيه الناس.. والعجيب أن على الفيس وتويتر كثيرين من ذوي العلم والخبرة لكن غالبيتهم يقرؤون فقط ولا ينشرون آراء ولا تحليلات.

وبالإضافة لهذا فالتحليلات التي يتم نشرها نجد أغلبها هي من النوع التبريري، أي هي تجميعة معلوماتية مع بعض البراهين المنتقاة -بلا منهج أكاديمي محدد- لتبرر عملاً تم عمله، أو أعلنت قيادة أو جماعة ما أنها ستعمله، وهذا طبعًا ليس تحليلاً علميًا موضوعيًا، إنما هو تبرير لما أعلن -وسوف نتكلم لاحقًا في مقال آخر إن شاء الله عن أنواع التحليل السياسي، ومعايره وكذلك معايير الكتابة الفقهية وضوابطها المنهجية-.

ومن هنا فإن الأخوة والأخوات المنزعجين من كتابات الفيس بوك وتويتر التي ينشغل بها المصريون المعارضون للحكم الحالي -باعتبارها لن تنتج شيئًا مفيدًا على الأرض-، لهم بعض الحق ولكن بشرط أن يلاحظوا التالي:

- أن الغائب عن الساحة الآن هو الإجابة عن سؤال "كيف" وهذا السؤال حتى الآن يطرحه حتى القادة الموضوعيون المتجردون ذوو الخبرات الواسعة والعلم الغزير، لأنهم يدركون أنهم يبحثون عن هذه الكيفية ولم يصلوا لها حتى الآن، بسبب صعوبة الواقع الذي وصلنا له وتعقده.. هذا إذا أردنا ان نتكلم علميًا أو موضوعيًا -لأن الكلام الحماسي فقط ممكن نقول فيه أي شيء حتى ولو خيالي-.

- الكلام عن أهمية العمل الفعلي في أرض الواقع هو كلام مهم ومعتبر، ولكن إذا وضعناه في الإطار الصحيح وهو الإطار الذي ذكره البخاري عندما بوب في صحيحه قائلاً: "باب العلم قبل القول والعمل"، وهذا هو ترتيب العملية الصحيح ليأتي كالتالي:

1- بحث علمي موضوعي للوصول إلى منهج وتصور علمي وموضوعي صحيح للتعامل مع الواقع.
2- ثم القول بهذا المنهج ونشره حتى يتقبله طائفة من الناس.
3- ثم تتبنى هذه الطائفة هذا المنهج وتعمل به.

إنما العمل بلا منهج مدروس اعتمادًا على تصورات وآراء سريعة لم تأخذ حقها من الدراسة، ولم تختبر علميًا ولا موضوعيًا، فهذا ما أدى وسيؤدي لمزيد من التخبط والهزيمة..

-لا بد من ملاحظة أن الدراسة والبحث ونشر ما نتج عن هذه الدراسة والبحث والتحدث عنه هو عمل أيضًا، لأن طلب العلم وتعليمه والدعوة إليه عمل كما هو مجمع عليه بين علماء أمة الإسلام منذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحتى اليوم.
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام