الأقلام الكبيرة
أروى العظم
هذا المقال كتبته منذ أكثر من 12 سنة وذلك عندما فكرت أن أصبح كاتبة! ثم أشفقت على القرّاء وقلت يكفيهم ما يُنشر من الهراء.
- التصنيفات: موضوعات متنوعة -
المقال كتبته منذ أكثر من 12 سنة وذلك عندما فكرت أن أصبح كاتبة! ثم أشفقت على القرّاء وقلت يكفيهم ما يُنشر من الهراء.
منذ صغري وأنا أهوى الكتابة، ولكنني كلما فكرت بأن أكتب قيل لي بأنهم يفضلون الأقلام الكبيرة. وانتظرت كثيرًا.. غير أنني قررت أخيرًا بأن أشتري قلمًا كبيرًا، وجدت صعوبة في الكتابة فيه، ونسيت ما أريد أن أكتب من كثرة المعاناة في الإمساك به، فعدلت عن الكتابة..!
ثم عرفت بأنهم يقصدون بالأقلام الكبيرة أقلام الكتاّب الكبار، وبحثت بغير جدوى عمن يدلني أين ترك المنفلوطي قلمه قبل أن يموت..؟! وطبعًا لم أجد جوابًا.. كما أنني لم أفهم كيف سأستفيد وأنشر اسمي إذا كنت سأزيّل المقال بكتابة عبارة بقلم المنفلوطي.. فعدلت عن الكتابة.
ثم قرأت بأنهم يشجعون الأقلام النسائية وبأنها قليلة.. وكنت قبل ذلك لم أعلم عن أنه يوجد فرق بين الأقلام النسائية والأقلام الرجالية.. مع أنني أفرق جيدًا بين الملابس النسائية والملابس الرجالية، وكذا الأحذية النسائية والأحذية الرجالية -هذا قديمًا الآن لم أعد أفرق أصلاً بين بعض الرجال وبعض النساء-، وكنت كلما اخترت قلمًا وجدت رجلاً يختار مثله، وحارت نظراتي بين الأقلام والرجال.. وماذا أختار..؟!
حتى القلم الأحمر يختارونه مع أن لونه غير مناسب للرجال.. ثم أقنعت نفسي بأنهم ربما يختارونه لأخواتهم أو زوجاتهم.. فتخيرت قلمًا رشيقًا مزخرفًا أرجو أن يعجبكم.. ثم وأنا أتهيأ للكتابة سمعت بأنهم لا ينشرون إلا لمن سبقت له الكتابة! وتحيرت وحزنت... ثم تذكرت بأنني كتبت كثيرًا فأنا ومنذ كنت في المدرسة لا أتوانى عن الكتابة، صحيح بأنه كانت تساعدني أختي مرة أو أنقل الدرس من رفيقتي تارة.. غير أنني كنت أنقل ذلك بنفسي وأكتبه بخطي..
أما في الجامعة فقد اعتمدت على نفسي تمامًا.. إلا في بعض الحالات التي كنت أطبع فيها الدرس أو أي بحث على الكمبيوتر، وليس الكتابة بخطي.. وقلت ربما يغفروا لي هذه الهفوات وينشروا لي بعض المقالات..
ثم تهيأت للكتابة، فإذ بي أسمع بأنهم لن ينشروا إلا لمن كتب قبل ذلك في جريدة، وأصابني الهم والإحباط وبخاصة بعد عنائي في شراء الأقلام الكبيرة، ومن ثم الأقلام النسائية، ثم تذكرت بأنني قد كتبت في الجرائد.. في أوقات كثيرة! فكم من مرة فاجأني هاتف مستعجل فلم أجد أمامي سوى الجريدة فكنت أخط عليها بعض أرقام الهواتف أو بعض الملاحظات والعبارات..
ومع أنه لم يعلق عليها أحد.. عاد لي الأمل من جديد، فها أنا قد سبقت لي الكتابة في الجرائد، وحضّرت أوراقي وقلمي.. فما كان من صديقة لي إلا أن أخبرتني بأنهم قد ينشرون ذلك، لكن إذا وجد المجال، أي في حالة توافر مكان خالٍ يتسع لمقال.. فعدت وقلبت الجرائد القديمة فلم أجد فيها أي فراغ يتسع لكلامي، وأنا كثيرة الكلام..! وبحثت هنا وهناك ولم أجد سوى الهوامش، ولا أدري لماذا لا يستعملونها؟! مع أنه كانت أغلب الكتب القديمة لها هوامش.. وبخاصة غير المفهومة، فقد كان الشرح يأتي في الحاشية، وأنا كما أظن بأن أغلب كتابات هذا العصر غير مفهومة وتحتاج إلى مثل هذه الهوامش.. فهلا عدنا إليها.
ثم فكرت بأنهم لو شرحوا كل هذا الكلام.. فلن يتبقّى لي مجالاً أيضًا للكتابة..
كما أنهم لو ملؤوا هذه الإطارات فأين سنكتب في الحالات الطارئة كـ(حالة الهاتف المفاجئ، أو الملاحظات العابرة..)، ثم نظرت إلى بعض الإعلانات التي تأخذ صفحات وصفحات.. وقلت لو أعطوني منها عمودًا ولا يهم حتى لو كان العمود أفقيا! فأنا أحب حمل السلّم بالعرض! أو حتى لو كان عمودًا مكسورًا.. ولا يهم.. المهم عمود.
وأخيرًا أعدكم بأنه لو وجد هذا العمود ونشر هذا المقال فسأغسل مقالاً آخر وأبعثه للنشر.