وكالة الأنباء السيئة

هناء بنت عبد العزيز الصنيع

هي تتعجَّب منْ نفور الناس منها، وعدم رغبتهم في الحديث معها..! وهي تنقلُ إليكَ الأخبارَ السيئةَ طازجةً، أمَّا الأخبارُ السَّارَّةُ فلا تُحدِّثكِ بها إلا أنْ تكتشفيها بنفسكِ..!

  • التصنيفات: مساوئ الأخلاق -

بسم الله الرحمن الرحيم..
لا تكادين تجلسين مع هذه المرأة حتى تبدأ بسردِ الأنباء الكئيبة، والأخبار المزعجة على مسامعك: فهذه مريضةٌ، وهذه طلقَتْ، وهذه تُوُفي والدُها، وهؤلاء أتاهم حادثٌ.. إلخ!

لا يهمُّها الوقتُ الذي تذكرُ فيه هذه الفواجع على مسامع الآخرين، فقد تقذفُ بها على مريضةٍ في المستشفى تحتاجُ أصلًا إلى راحة وأخبار سارَّة تُخفف عنها عناءَ الألم.. أو شخصٍ للتوِّ يفتحُ عينيهِ منْ نومهِ فتُصبِّحُه بالأخبار المزعجة قبلَ أنْ يُفطرَ ويستعيدَ توازنَه..! أو شخص عاد منْ عملهِ مُثقلًا جائعًا ليتناول طعامه فتسدّ نفسَه عندما تُخبرُه بأنَّ فلانًا ماتَ.. ولقد قيلَ: "ضربةُ الكلمة أقوى منْ ضربةِ السيفِ".

هي لا تُفَرِّقُ بين الأشخاص الذين من المهم أنْ تنقل إليهمُ الخبرَ لأنَّ الأمر يعنيهم، والأشخاص الذين لا صلةَ لهم بالموضوع إلا الإزعاج والتنكيد عليهم بالأخبار السيئة، وكأنَّ ما هم فيه منْ هموم الحياة لا يكفي حتى تزيده عليهم..! فيُصبحُ الجلوسُ معها مُمِلًا يبعثُ الحزنَ والكآبةَ، ولا يدخل الأُنس والسُّرور ثم هي تتعجَّب منْ نفور الناس منها، وعدم رغبتهم في الحديث معها..! وهي تنقلُ إليكَ الأخبارَ السيئةَ طازجةً، أمَّا الأخبارُ السَّارَّةُ فلا تُحدِّثكِ بها إلا أنْ تكتشفيها بنفسكِ..!
قالَ الشاعرُ:

إنْ يعلموا الخيرَ يُخفوه وإنْ علموا *** شَرًّا أذاعوه وإنْ لم يعلموا كذبوا


أختي:
لو علمتِ أنَّ نقل الأخبار الطيبة فيه أجرٌ عظيمٌ لحرصتِ عليه، وتركتِ إيذاءَ المسلمين بالأخبار السيئة، التي لم يُكلِّفكِ الله بنقلِها بهذه الطريقةِ المزعجةِ..

إنَّ نقلَ الأخبار الطيبة سببٌ لانشراح الصدور، سعادة القلوب لكِ ولغيركِ، كما أنَّ الناسَ يُحبون مَنْ ينقلُ إليهم الأخبار السَّارَّة، ويسعدون بالجلوس معه.. فاحتسبي ثوابَ إدخال السرور إلى مسلم لِيسركِ الله يومَ القيامة، كذلك ثواب الكلمة الطيبة التي تكتبُ لكِ صدقات عند الله..

وخفِّفي بكلامكِ الطيِّب الحلو الهمّ عن المرضى بالضغط والسكر.. وغيرهم، ألا يكفيهم ما هم فيه منْ معاناةٍ؟!
إنَّ "التكلُّم بغير تفكير كالرماية بغير تصويب"، فكم مرضَ إنسانٌ منْ كلمةٍ! وكم ماتَ إنسانٌ منْ كلمةٍ! فارفقي بنفسكِ وبالمسلمين، سخَّركِ الله في نشر الخير وقول الخير، والله يرعاكِ..
قال أبو العتاهية:

ولا ترمِ بالأخبارِ منْ غيرِ خِبرةٍ *** ولا تحملِ الأخبارَ عن كلِّ خابرِ

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام