(301) سُنَّة الأناة
راغب السرجاني
خَلَقَ اللهُ الإنسان مجبولًا على بعض الصفات، وأَمَرَه سبحانه بضدِّها؛ وذلك اختبارًا له وابتلاءً؛ ومن هذه الصفات صفة "العَجَلَة".
- التصنيفات: السيرة النبوية -
خَلَقَ اللهُ الإنسان مجبولًا على بعض الصفات، وأَمَرَه سبحانه بضدِّها؛ وذلك اختبارًا له وابتلاءً؛ ومن هذه الصفات صفة "العَجَلَة"؛ فقد قال تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء:11]، وقال: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء:37]؛ ومع ذلك فقد جاء الأمر الرباني واضحًا بعدم العجلة؛ فقد قال سبحانه: {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ} [الأنبياء:37]، وقال: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل:1]، وغير ذلك كثير في القرآن..
وقد جاءت السُّنَّة النبوية داعمة لصفة "الأناة"؛ أي التؤدة وعدم التعجُّل، حتى يُصبح هذا سمْتًا عامًا للمسلم لا يُخالفه إلا في الاستثناءات؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: حسن- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ المُزَنِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « ».
وأحبَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هذه الصفة في أحد الصحابة فمدحه بها؛ فقد روى مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: ".. وَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ رضي الله عنه: « »".
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب لنا الأناة في الدعاء، فلا نستعجل الإجابة؛ فقد روى البخاري عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « ».
بل وفي السعي إلى صلاة الجماعة مع أهميتها؛ فقد روى البخاري عن أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه، قَالَ: "بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: « » قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلاَةِ؟ قَالَ: « »".
فليكن هذا هو سَمْتنا، ولتكن هذه هي طريقتنا.
ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].