أقوال مجموعة فيمن قيل لهم: كيف أصبحت؟ وكيف أجابوا؟ (2)

أيمن الشعبان

هذه أقوال مجموعة وكلمات نيرة، هي أجوبة لمن قيل له: "كيف أصبحت؟"، لها دلالات ومعاني غزيرة، في الزهد والورع والتقوى نحن بأمس الحاجة لها في دنيا الفتن والشهوات وانكباب الناس على الملذات.

  • التصنيفات: الزهد والرقائق -

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فهذه أقوال مجموعة وكلمات نيرة، هي أجوبة لمن قيل له: "كيف أصبحت؟"، لها دلالات ومعاني غزيرة، في الزهد والورع والتقوى نحن بأمس الحاجة لها في دنيا الفتن والشهوات وانكباب الناس على الملذات.

1- عن دهثم العجلي، قَالَ: "لقيت يزيد الرقاشي، فقلت له: كيف أصبحت رحمك اللَّه؟ قَالَ: كيف يصبح من تعتد عليه أنفاسه، ويحصى لانقضاء أجله، لا يدري عَلَى خير يقدم، أم عَلَى شر؟ قَالَ: ثم ذرفت عيناه".
2- قال أبو سليمان الداراني: "يا أم هارون كيف أصبحت؟ قالت: كيف أصبح من قلبه في يد غيره".
3- قال المروزي: "دخلت يوما عَلَى أَحْمَد، فقلت: كيف أصبحت؟ فقال: كيف أصبح من ربه يطالبه بأداء الفرض، ونبيه يطالبه بأداء السنة، والملكان يطالبانه بتصحيح العمل، ونفسه تطالبه بهواها، وإبليس يطالبه بالفحشاء، وملك الموت يطالبه بقبض روحه، وعياله يطالبونه بنفقتهم؟".

4- عن عارم بن الفضل، قال: "قلت لزهير البابي: كيف أصبحت يا أبا عبد الرحمن؟ قال: أصبحت بعدك في مسير إلى الآخرة، منتقلاً عن الدنيا بشدتها ورخائها".

5- عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: "سَمِعْتُ أَبَا الضُّرَيْسِ عُمَارَةَ بْنَ حَرْبٍ، يُقَالُ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا أَبَا الضُّرَيْسِ؟ فَيَقُولُ: إِنْ نَجَوْتُ مِنَ النَّارِ فَأَنَا بِخَيْرٍ".

6- قيل للحسن: "كيف أصبحت يا أبا سعيد كيف حالك؟" قال: "بأشد حال، ما حال من أمسى وأصبح ينتظر الموت لا يدري ما يفعل الله به".

7- قال رجل لميمون بن مهران: كيف أصبحت قال أصبحت مستوحشا كم من خلق كريم وفعل جميل قد درس تحت التراب.

8- عن أبي أمامة، أنه سمع رجلا يقول لرجل من المسلمين: كيف أصبحت يا صلع؟ فقال: يا ابن أخي، لقد كنت عن لعنة الملائكة غنيا.

9- كان أبو الدرداء إذا قيل له كيف أصبحت قال: "أصبحت بخير إن نجوت من النار".
10- كان سفيان الثوري إذا قيل له كيف أصبحت يقول: "أصبحت أشكر ذا إلى ذا وأذم ذا إلى ذا وأفر من ذا إلى ذا".
11- قيل لسًفْيان الثَّوْري: كيف أصبحتَ؟ قال: "أصبحتُ في دار حارتْ فيها الأدِلاء".
12- قيل لمالك بن دينار كيف أصبحت؟ قال: "أصبحت في عمر ينقص وذنوب تزيد".
13- قيل لبعض الحكماء كيف أصبحت؟ قال: أصبحت لا أرضى حياتي لمماتي ولا نفسي لربي.

14- قيل لحكيم كيف أصبحت؟ قال: "أصبحت آكل رزق ربي وأطيع عدوه إبليس".
15- قيل لحامد اللفاف كيف أصبحت؟ قال: "أصبحت أشتهي عافية يوم إلى الليل فقيل له: ألست في عافية في كل الأيام؟ فقال: العافية يوم لا أعصي الله تعالى فيه".
16- عن ابن عون، قال: "مررت بعامر الشعبي وهو جالس بفنائه فقلت: كيف أنت؟ فقال: كان شريح إذا قيل له: كيف أنت؟ قال: بنعمة ومد إصبعه السبابة إلى السماء".

17- عن جرير عن مغيرة قال: "سمعت إبراهيم وسلم عليه فقال: وعليكم، فقال: كيف أنت؟ قال: بنعمة من الله". 
18- وقيل لرجل وهو يجود بنفسه: "ما حالك؟" فقال: "وما حال من يريد سفرًا بعيدًا بلا زاد، ويدخل قبرًا موحشًا بلا مؤنس، وينطلق إلى ملك عدل بلا حجة"!

19- قيل لحسان بن أبي سنان: ما حالك؟ قال: "ما حال من يموت ثم يبعث ثم يحاسب"! 
20- قال ابن سيرين لرجل: "كيف حالك؟" فقال: "وما حال من عليه خمسمائة درهم دينًا وهو معيل"، فدخل ابن سيرين منزله فأخرج له ألف درهم فدفعها إليه وقال: "خمسمائة اقض بها دينك، وخمسمائة عد بها على نفسك وعيالك ولم يكن عنده غيرها".

21- قيل للشعبي في نائبة كيف أصبحت؟ قال: "بين نعمتين: خير منشور وشر مستور".
22- قال الجنيد: "دخلت على السري يومًا فقلت له: كيف أصبحت؟" فأنشأ يقول:

ما في النهار ولا في الليل لي فرج *** فلا أبالي أطال الليل أم قصرا

ثم قال: "ليس عند ربكم ليل ولا نهار".

23- وقيل لأحدهم كيف أصبحت؟ فقال: "أصبحنا أضيافًا مُنيخين في غُربةٍ, ننتظر متى نُدعَى فنجيب".
24- قال بعضهم لأبي العيناء -ورآه ضعيفًا من الكبر-: "كيف أصبحت أبا العيناء؟" فقال: "أصبحت في الداء الذي يتمناه الناس".

25- أن بردة الصريمية كانت إذا قيل لها: كيف أصبحت؟ تقول: "أصبحنا أضيافًا منتجعين، بأرض غربة، ننتظر إجابة الداعي".

26- قيل لأعرابي: "كيف أصبحت؟" قال: "أصبحت وأرى كلّ شيءٍ مني في إدبارٍ وإدباري في إقبال".
27- قيل لسعيد بن السائب: "كيف أصبحت؟ قال: أصبحت أنتظر الموت على غير عدة".
28- قيل لأعرابيّ قد أَخذته كَبْرة السِّن: "كيف أصبحتَ؟ فقال: أصبحتُ تقيِّدني الشَّعرةُ، وأَعثُر بالبَعْرة، قد أقام الدهرُ صَعَرِي، بعد أن أقمتُ صَعَره".

29- قيل لبعض العارفين: "كيف أصبحت؟" قال: "أسفًا على أمسي، كارهًا ليومي، مهنًا لغدي".
30- قيل لبعضهم: "كيف أصبحت؟" قال: "أصبحت والدنيا غمي، والآخرة همي".
31- سئل الشاعر الأهوازي: "كيف أصبحت؟" فقال: "أصبحت والله أظرف الناس، وأشعر الناس، وآدب الناس"! فقال السائل: "أسكت حتى يقول الناس ذلك"! فقال: "أنا منذ ثلاثين سنة أنتظر الناس وليسوا يقولون".
32- قال الربيع لأبي العتاهية: كيف أصبحت؟ قال:

أصبحت والله في مضيقٍ *** فهل سبيلٌ إلى طريق؟
أفٍ لدنيا تلاعبت بي *** تلاعب الموج بالغريق

33- قيل لأعرابي: "كيف أصبحت؟" قال: "أصبحت أحتسب على الله الحسنة، ولا أحتسب على نفسي السيئة".
34- قيل للحسن البصري: "كيف أصبحت؟" فقال: "كيف يصبحُ مَنْ هو غَرَضٌ لثلاثةِ أسْهُمٍ: سهمُ رزيّةٍ، وسهمُ بليّةٍ، وسهمُ منيَّةٍ".

35- قال رجل لإبراهيم النخعي: "كيف أصبحت؟" فقال: "إن كان من رأيك أن تسد خلتي، وتقضي ديني، وتكسو عورتي أخبرتك، وإلا ليس المسؤول بأعجب من السائل".
36- قيل لأعرابي: "كيف أصبحت؟" قال: "أصبحت وأرى غروب الشمس وطلوعها يأخذان مني كل يوم جزءًا، وكم عسى أن يدوم عدد ليس له مدد حتى يبيد وينفد".

37- قيل لأعرابي: "كيف أصبحت؟" قال: "كيف يصبح من يفنى ببقائه".
38- قيل لأعرابي: "كيف أصبحت؟" فقال: "أصبحت بين حاذف وقاذف، وبين ستوق وزائف".
39- وعن عتبة المعروف بالغلام -وسمي بذلك لكثرة خدمته-: "أنه كان مقيمًا بالجبانة، فبلغ خبره علي بن سلمان أمير العراق، فخرج حتى وقف عليه فسلم فرفع رأسه فرد عليه فقال له الأمير: كيف أصبحت؟ قال: متفكرًا في القدوم على الله بخير أم بشر، ثم بكى وأطرق رأسه منكسًا إلى الأرض، فقال: الأمير قد أمرت لك بألف درهم فقال: قبلتها على أن تقضيني معها حاجة، فقال: وقد سر بذلك وما هي؟ قال: تقبل مني ما وهبتني فقال قد فعلت وانصرف".

40- قيل لعبد الله بن المبارك: "كيف أصبحت؟"، قال: "إنك تسأل الهارب عن باب ربه عن عافية صباحه، إنما العافية للثوري وأصحابه".

41- قيل لإسماعيل بن صبيح وهو مريض: "كيف أصبحت؟"، قال: "أصبحت تحيرت على الأطباء".
42- قيل لناسك: "كيف أصبحت؟"، قال: "بنعمة من الله، وثناء من الناس لم يبلغه عملي".
43- قال مسهر لعطية العوفي: "كيف أصبحت؟"، قال: "في سلامة مشوبة بداء، وعافية داعية إلى فناء".
44- قال عبد العزيز المتكلم: "رأيت بهلولًا يومًا باكرًا فقلت: يا بهلول كيف أصبحت؟ قال: بخير، أنتظر لقاء من يوجب الأجر، ويحط الوزر، ويشد الأزر، ثم قال لي: يا عبد العزيز أحسن مجاورة النعم بالشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء".
20/3/2013

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام