عاصفة الحزم وموازين القوة العسكرية في اليمن
تبدو الخارطة الجيوسياسية في اليمن شديدة التعقيد والفهم، نتيجة دورة الأحداث وتبدل حالات الصراع في السنوات الأخيرة، وما يعقد الأوضاع أكثر في اليمن ليس فقط الأزمة السياسية الداخلية الحادة
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة - أحداث عالمية وقضايا سياسية -
تبدو الخارطة الجيوسياسية في اليمن شديدة التعقيد والفهم، نتيجة دورة الأحداث وتبدل حالات الصراع في السنوات الأخيرة، وما يعقد الأوضاع أكثر في اليمن ليس فقط الأزمة السياسية الداخلية الحادة، بل أيضًا الخريطة الأمنية والعسكرية المعقدة للبلد بأكمله، ففي الوقت الذي تتصارع فيه التيارات والقوى السياسية المختلفة ومعها القوات التابعة لها على السلطة، على رأس ذلك بعض القوات النظامية واللجان الشعبية والمليشيات المسلحة التابعة لمعسكر الانقلابيين (الرئيس السابق صالح والحوثيين)، يوازيها في المقابل القوات العسكرية النظامية الموالية للجنرال اللواء علي محسن صالح الأحمر، التي تعمل تحت إمرة الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، ومعها عدد من اللجان الشعبية في الجنوب.
في المقابل تحاول القبائل اليمنية فرض دورها وحماية مصالحها في مناطق تواجدها في الشمال والوسط والجنوب، وهذا كله ناتج عن وفرة هائلة في قطع السلاح المنتشرة في البلاد بحسب مراقبين، فكيف ستؤثر التطورات الجارية على الأرض في ظل عملية (عاصفة الحزم) لقوات التحالف العربي التي تقودها الشقيقة السعودية على توازنات القوى السياسية والمسلحة في الداخل، وضبط إيقاع الصراع وتجنحاته.
وبحسب مراقبين وتقارير تهيمن ستة قوى عسكرية على الأقل في المشهد اليمني، جماعة الحوثي والقوات واللجان التابعة للرئيس السابق علي عبد الله صالح المنضوية في إطار مسمى (الحرس الجمهوري) وقوات أخرى نظامية داخل مؤسسة الجيش موالية لـ الواء علي محسن الأحمر، التي كانت منضوية في إطار الفرقة الأولى مدرع، وقوات عسكرية ولجان شعبية أخرى تابعة للرئيس عبد ربه منصور هادي، عدا المجموعات المسلحة التابعة للحراك الجنوبي، بالإضافة إلى القبائل المسلحة و(تنظيم القاعدة).
واقعيًا، الجيش اليمني منقسمًا ويتنازع وحداته وأفراده وفق مراقبين ثلاثة أجنحة، الجناح الأول منها تابع للحوثيين وفصيل ثان يتمثل في القوات النظامية (ألوية ووحدات الحرس الجمهوري) الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، التي صارت منتظمة حاليًا في إطار(القوات الخاصة) وفصيل ثالث موال للجنرال علي محسن الأحمر ويعمل تحت إمرة الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، وهي عبارة عن معسكرات ووحدات موجود بعضها في الشمال والوسط ويتواجد جزء كبير منها في جنوب البلاد، وتتسم حالة بعض هذه الوحدات بتذبذب شديد في الولاءات بين الرئيس السابق صالح والحوثيين والرئيس هادي.
وقد بدأت حالة التنازع في الولاء داخل مؤسسة الجيش بشكل عملي وواقعي منذ أحداث حروب الانقلابيين في شمال الشمال بدءًا بدماج وانتهاءً بمحافظة عمران وحتى سقوط العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014م، إلى فصيلين رئيسين؛ الأول في صنعاء والمحافظات الشمالية، ويخضع لسيطرة جماعة (أنصار الله) الحوثيون المتمردة وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والثاني في المحافظات الجنوبية والجزء الشرقي، التي لا تزال بعيدة عن سيطرة الحوثيين وتخضع للرئيس عبد ربه منصور هادي.
كما استغل الانقلابيون (الرئيس السابق صالح والحوثيين) الوضع الهش لتركيبة الجيش اليمني القائمة على الولاء الشخصي، منذ 3 عقود، ليتمكنوا من استقطاب قيادات عسكرية وأمنية سهلت لهم الطريق للسيطرة على العديد من المدن والعاصمة صنعاء ومعسكرات الجيش والأمن.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن الخريطة العسكرية للجيش اليمني تغيرت جذريًا منذ عدة سنوات، حيث تركزت القوات والألوية الحديثة التسليح في العاصمة صنعاء وكانت خاضعة للرئيس السابق ونجله العميد أحمد، وهي قوات تمتلك أسلحة نوعية ومتطورة وتلقى أفرادها تدريبات خاصة بعضها تحت إشراف الولايات المتحدة الأميركية، وتتوزع تشكيلات منها في عدة مدن في الشمال والوسط والجنوب خاصة في المناطق الاقتصادية ذات منابع النفط والغاز.
وتؤكد المصادر العسكرية أن المناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين تخضع بشكل مباشر لقادة معسكرات الحرس الجمهوري المؤيدة للرئيس السابق صالح، فيما تعرضت الوحدات العسكرية في المناطق الجنوبية والشرقية في كل من حضرموت وأبين وشبوة، إلى حرب استنزاف منذ عدة سنوات جرّاء الهجمات التي تعرضت لها من قبل (تنظيم القاعدة) وقتل فيها العشرات من الضباط والجنود.
ومع انتقال الرئيس هادي ووزير دفاعه محمود الصبيحي إلى مدينة عدن، سارعا إلى إعادة تشكيل وترتيب الوحدات العسكرية والأمنية، وفتح باب التجنيد، والاستعانة باللجان الشعبية التي شكلها الرئيس هادي عام 2012م، وبحسب مصادر عسكرية أيضًا، فإن أغلب جنود المعسكرات في الجنوب ينتمون إلى المحافظات الشمالية وهو ما جعلهم مشكوكًا في ولائهم لوزير الدفاع الصبيحي.
ويتوزع الجيش اليمني في 7 مناطق عسكرية؛ 3 منها في الشمال، و4 في الجنوب والشرق، وهي منقسمة الولاء والتبعية بين الرئيس هادي، والانقلابيين (الرئيس السابق صالح والحوثيين)، فالأول تخضع له المنطقة العسكرية الأولى ومقر قيادتها في مدينة سيئون، والمنطقة العسكرية الثانية ومقر قيادتها في مدينة المكلا، والمنطقة العسكرية الثالثة ومقر قيادتها في مدينة مأرب، وتمتد إلى محافظة شبوة الجنوبية والجوف في الشمال الشرقي.
أما المنطقة العسكرية الرابعة ومقر قيادتها في مدينة عدن، فهي من أهم المناطق العسكرية الخاضعة للرئيس هادي ووزير دفاعه، التي نجحت مؤخرًا في إنهاء تمرد قوات الأمن الخاصة الموالية للرئيس صالح في عدن، وتضم المنطقة العسكرية عدة ألوية ومعسكرات تمتلك أقوى الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ويمتد نفوذها إلى محافظة تعز وسط البلاد، وفيها أكبر قاعدة عسكرية في البلاد، وهي قاعدة العند في محافظة لحج المحاذية لعدن، غير أن الكثير من منسوبيها يدينون بالولاء للرئيس السابق صالح.
أما الحوثيون وحلفاؤهم فتقع تحت سيطرتهم، المنطقة العسكرية الخامسة ومقر قيادتها في مدينة الحديدة غرب البلاد، والمنطقة العسكرية السادسة ومقر قيادتها في مدينة عمران التي كانت أول مدينة تسقط في أيديهم وتمكنوا فيها من قتل القائد العسكري البارز العميد حميد القشيبي قائد لواء 310، بمساعدة من معسكرات موالية للرئيس السابق صالح، وأصبحت جميع الألوية والأسلحة الخاصة بالمنطق العسكرية تحت سيطرتهم ونقلوا أغلبها إلى معقلهم في صعدة، أقصى شمال الشمال، بالإضافة إلى كونهم يسيطرون على المنطقة العسكرية السابعة ومقر قيادتها في مدينة ذمار وسط البلاد، وفيها معسكرات وأسلحة نوعية بعضها تابع لقوات الحرس الجمهوري الموالي لصالح.
وتتكون قيادة الجيش بحسب الهيكلة العسكرية التي صدرت عام 2012، من الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس الدفاع الوطني، يليه وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي الذي انشق عن الحوثيين وتمكن من الفرار من صنعاء، إلى مدينة عدن، حيث يقود الوحدات العسكرية التي لا تزال موالية لشرعية هادي وأغلبها في الجنوب والشرق.
في المقابل يستلم موقع الرجل الأول عسكريًا في معسكر الانقلابيين (الرئيس السابق صالح والحوثيين) رئيس هيئة الأركان العامة، العميد الركن حسين خيران، الذي خلف اللواء محمود الصبيحي في موقع وزير الدفاع، فهو موال للحوثيين ويدير الوحدات العسكرية الخاضعة لهم بما فيها القوات الجوية، لكن مصادر عسكرية أكدت أن نائب رئيس هيئة الأركان، اللواء زكريا الشامي، وهو من القيادات الحوثية وهو القائد الفعلي للجيش بصورة مباشرة حاليًا، ويشرف على إدارة شؤون وزارة الدفاع في العاصمة صنعاء.
وفي غضون الفترة القصيرة الماضية التي عين فيها العميد الركن حسن خيران نهاية العام الماضي 2014م، سعى بكل جهده إلى تمكين جماعته من السيطرة على معظم المناصب القيادية في عدد من المعسكرات والقوات في المحافظات الشمالية، والتي كان من أبرزها وأهمها تسهيل سيطرتهم على قوات النخبة في معسكرات الصباحة نهاية شهر فبراير (شباط) الماضي 2015م، وهي أقوى المعسكرات وتمتلك أسلحة نوعية حديثة وجنودًا مدربين على العمليات الخاصة ومكافحة الإرهاب.
وتقول بعض المصادر والمعلومات العسكرية أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح تقاسم إدارة معسكرات الجيش والوحدات الأمنية، عبر منظومته العسكرية التي بناها طوال سنوات حكمه الـ34 مع الحوثيين. واستدلت تلك المصادر التي طلبت إخفاء هويتها لأسباب أمنية، بأن سقوط المعسكرات والمدن في الشمال، كان بتوجيهات مباشرة من الرئيس السابق صالح وأقاربه الذين كانوا يديرون أجهزة الجيش والمخابرات والأمن، ولا يزالون يحتفظون بمعسكرات ومخازن أسلحة ضخمة، في مسقط رأسهم في مديرية سنحان بصنعاء بمنطقة تسمى (ريمة حميد)، وأكدت المصادر أن الحوثيين لم يكن بمقدورهم السيطرة على المدن والعاصمة صنعاء، لولا مساعدة ودعم وتوجيهات مباشرة من صالح للموالين له في المعسكرات والمناطق القبلية والسلطات المحلية، بهدف عودته للحكم تحت غطاء الحوثيين.
وتتوزع ألوية الجيش إلى وحدات مدفعية ودبابات ومدرعات ومشاة ميكانيك، ودفاع جوي وألوية صواريخ، أغلبها تتركز في العاصمة صنعاء، والمناطق النفطية، وقد ذكر تقرير لمركز (أبعاد) أن الحوثيين باتوا يمتلكون أكثر من 70 في المائة من قدرات الجيش اليمني، وكان ذلك قبل سقوط معسكرات الحرس الرئاسي والقوات الخاصة في صنعاء، وقد ارتفعت النسبة إلى أكثر من ذلك، وبحسب التقرير، فإن الجماعة تمتلك 120 دبابة من نوع (T55-T62)، ونحو 70 مدرعة (BTR – BMB 20) مدفع (شيلكا) و(هاوتزر) ذاتي الحركة، ونحو 10 عربات (كاتيوشا)، وما يقرب من 100 صاروخ (بين حراري مضاد للطيران و(غراد) بر- بر)، وأكثر من 100 مدرعة تحمل رشاشات ثقيلة ومتوسطة، إلى جانب مئات الأطقم العسكرية وعشرات المخازن للذخيرة الحية.
وكانت صحيفة (الشرق الأوسط) نشرت قبل أيام إحصائية خاصة بالقوات الجوية اليمنية الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين؛ حيث أوضحت أنها تمتلك أكثر من 120 طائرة عسكرية متنوعة، في إطار 10 أسراب، كل سرب يضم 12 طائرة، وتتركز معظمها في قاعدة الديلمي بصنعاء فيما تتوزع البقية على القواعد الجوية في محافظات أخرى، حيث يوجد في صنعاء سربان من نوع (ميغ 29)، بعدد 12 طائرة، وسرب في قاعدة العند بالجنوب، و4 أسراب من نوع (سيخوي) بعدد 48 طائرة، منها 3 أسراب في صنعاء، وسرب في الحديدة، أما طائرات (ميغ 21) فتضم سربين في مدينة الحديدة، بعدد 24 طائرة، كما تمتلك 10 مروحيات في صنعاء، وواحدة في الحديدة، وواحدة في الريان بحضرموت، إضافة إلى طائرات شحن من نوع (يوشن) العملاقة، وطائرات صغيرة من نوع (أنتونوف) تستخدم للمهمات اللوجستية.
أما القبائل اليمنية المسلحة فإنها في الجملة ضد (الحوثيين) لكنها تتباين في مواقفها وولاءاتها بين الرئيس السابق صالح والرئيس الشرعي هادي، ويمكن وصف وتقدير مواقف القبائل اليمنية بـ(الملتبس، وهي قبائل مسلحة تسليحًا جيدًا، كما يتنازعها في المقابل أيضًا الولاء الديني والسياسي، بين كونها ضد الحوثيين لكنها في الوقت ذاته مع الرئيس السابق صالح وبعضها مع الشرعية السياسية مع هادي وضد الحوثيين لكن لا يعني بالضرورة أنها مع الرئيس هادي ذاته، والعكس صحيح أيضًا، ومجمل القول أن جميع القبائل يقاتل من أجل حماية مصالحها في مناطق تواجدها).
غير أن المعركة مع الانقلابيين حلفاء إيران وأدواتها في اليمن (الرئيس السابق صالح والحوثيين) تبدو مفتوحة وليست محدودة، ولن تتوقف عند أهداف (عاصفة الحزم) لتنحو باتجاه الصراع والمواجهة الحتمية على الأرض شرعيًا ودستوريًا وسياسيًا وعسكريًا، ذلك أن معركة الشقيقة السعودية ودول الخليج واليمنيين بالدرجة الأولى على الأرض مع حلفاء إيران وأدواتها أعمق وأعظم بكثير من معركة دول التحالف العربي العشري مجتمعة مع إيران.
ومن اللافت في المشهد والتطورات الأخيرة على الأرض، نجد أن قوات التحالف العربي (عاصفة الحزم) حققت نجاحًا ملموسًا في أيامها الأولى، وحسمت إلى حد ما وبصورة خاطفة معركتها المصيرية مع إيران إقليميًا ودوليًا، عدا كونها استهدفت في ذات السياق مواقع مهمة وأهداف استراتيجية وعسكرية لأدوات وحلفاء إيران (الرئيس السابق صالح والحوثيين) في العاصمة صنعاء وعدد من المدن الرئيسية، التي استولى عليها المتمردين وميليشياتهم بقوة السلاح وشراء الذمم والولاءات، وبالترغيب والترهيب.
والحاصل أن اليمن في ظل المعركة المفتوحة مع الانقلابيين يعيش وضعًا منفلتًا على كل الأصعدة، والبلد لا شك مقبلة على مخاض عسير ومرحلة سياسية غامضة، ومعظم اليمنيين لم يفيقوا بعد من وقع تأثير الصدمة وعنصر المفاجئة غير المحسوبة من قبل المتمردين والمتوقعة من الشعب اليمني بمختلف توجهاته ومكوناته الدينية والاجتماعية والسياسية والمدنية، في دخول المملكة العربية السعودية على خط المواجهة وخوض غمار الصراع العسكري الحدي مع الانقلابيين (الرئيس السابق صالح والحوثيين)، عدا أن القوى الفاعلة والمؤثرة في المشهد العام دينيًا وسياسيًا واجتماعيًا مرتبكة إلى حد كبير وتسيطر عليها الحيرة ويغمرها التوجس من واقع ما يحدث والتداعيات المتوالية في البلد، نتيجة انعدام القدرة على الفعل والحركة والتأثير لديها، وضبابية الرؤية وضيق الخيارات وعدم اكتمال الصورة.
ميدانيًا، يبذل الانقلابيين حاليًا قصارى جهدهم في تطبيع الأوضاع على الأرض لصالحهم، من خلال بسط النفوذ والسيطرة الكاملة على ما تبقى من مناطق ومحافظات، ومحاولة فرض الأمر الواقع في العديد من المدن في الجنوب وما تبقى لهم من مناطق في الوسط، وفي مقدمة ذلك تتركز جهودهم على مدينة عدن الاستراتيجية التي جرت فيها مواجهات ساخنة ومحتدة في الأيام الماضية، نظرًا لما يمثله موقعها الجغرافي ابتدءً واحتضانها للشرعية السياسية كدافع رئيسي لهم تاليًا واتصالها بالمناطق الهامة والحيوية ثالثًا ورابعًا، وذلك عن طريق استحداث النقاط ونشر الفوضى والمسلحين واستهداف وتصفية الخصوم.
في الجهة المقابلة لم تتشكل حتى اللحظة جبهة صراع ومواجهة عسكرية على الأرض مع الانقلابيين، وكل ما هنالك حتى كتابة هذه السطور حالة من المدافعة والمواجهة المحدودة لتوغل المتمردين وتمددهم بقوة السلاح وانتشارهم في المدن، تقوم بها بعض القبائل اليمنية في نقاط التماس والصراع مع الانقلابيين في المناطق الحدودية الواقعة بين بعض المناطق في الشمال وفي منطقة الوسط وفي الجنوب، عدا جهد يسير وضئيل مصاحب تقوم به بعض القوات العسكرية التابعة والموالية للرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي واللجان الشعبية غير النظامية التي تشكلت مؤخرًا في العديد من مدن ومناطق الجنوب، التي ليس بمقدورها مقاومة الانقلابيون والصمود في وجه زحفهم.
وتتعزّز في المشهد اليمني الآن مؤشرات عدّة باتجاه ذهاب التحالف العربي لإرسال قوات برية عربية مشتركة لمواجهة سلطة الانقلابيين (الرئيس السابق صالح والحوثيين)، والعمل على تثبيت السلطة الشرعية في الواقع على الأرض، ومساندتها داخليًا بتشكيل جبهة وحلف واسع تنتظم فيه كافة الأطراف اليمنية السياسية والدينية والمجتمعية التي تناهض معسكر الانقلابيين في اليمن، على أن يمثل هذا الحلف كافة القوى اليمنية الرافضة لسيطرة الانقلابيين على السلطة والألوية العسكرية في البلد، ويحظى بدعمها خصوصًا في المحافظات الرئيسية والبعيدة.
وفي هذه الحالة، فإنّ المواجهة تغدو مآلًا محتملًا، ويعتمد أولًا وأخيرًا على حالة موازين القوى، وقدرة الأطراف الأخرى على توحيد موقفها، وفي الجملة مازال النفوذ الأكبر في الجيش والبلاد لصالح الانقلابيين (الرئيس السابق صالح والحوثيين)، وسيكون لهذا المعطى أثره في مسار الصراع والأحداث في البلد، إذا ما ذهبت الأمور في هذا الاتجاه، خصوصًا أن جزءًا كبيرًا من نفوذ الرئيس السابق صالح يشمل الخارطة اليمنية ومستغل بعضه حاليًا من قبل حلفائه الحوثيين، عدا ارتباط مصالح جزء كبير من مشايخ القبائل وبعض التيارات الدينية السنية والأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها بالرئيس السابق علي عبدالله صالح.
عمليًا، على الأرض يبدو الاستقرار السياسي الداخلي في مهب الريح، فلا يزال الانقلابيون (الرئيس السابق صالح والحوثيين) لديهم سطوة ونفوذ على الأرض ويتحركون في الجنوب ولديهم مئات الآلاف من المتعاونين والمؤيدين لهم، على الرغم من ضربات (عاصفة الحزم) الخاطفة والمركزة التي دمرت الكثير من مقوماتهم وقدراتهم العسكرية، وإذا لم تتبلور في اللحظة الراهنة قوة عسكرية سنية منتظمة ذات طابع حزبي وعصبوي مؤدلج تدافع الانقلابيين وتزاحمهم على الأرض، فلن يكون ثمة بارقة أمل في الأفق ومآل ضربات (عاصفة الحزم) إلى بوار، عدا أن الرهان القائم الآن على ضربات (عاصفة الحزم) في الجو وأداء القوات الموالية للرئيس هادي أشبه بالرهان الخاسر، كما عبّر عنه الرئيس السابق صالح في خطابه الأخير الذي جاء متزامنًا مع انعقاد القمة العربية وانطلاق (عاصمة الحزم) وعملها في أجواء اليمن.
سلمان راشد العماري