القدس في ويكيبيديا بين الإجحاف والإنصاف
أيمن الشعبان
والقومية اليهودية كما يزعمون تستند في نهاية الأمر إلى قراءة صهيونية لما يسمونه (التاريخ اليهودي) تثبت وجـود شعب يهودي متميِّز مستقل، وهي ليسـت قوميـة عادية (كما كان يدَّعي هرتزل وأتباعه)، وإنما هو كيان فريد، والشعب اليهودي ليس شعبًا عاديًا مثل كل الشعوب وإنما هو شعب إلهي المصدر.
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
سنة التدافع بين الحق والباطل أخذت أشكالًا عديدة في وقتنا الحاضر، لا سيما في ظل التطور التقني والتكنولوجي، وسرعة إيصال المعلومة وانتشارها، وتنوع وسائل الإعلام وكثرتها وسهولة الوصول إليها، وما هذه الثروة المعلوماتية إلا جانب وشكل من هذه الأشكال بحسب استثمارها سلبًا أو إيجابًا.
الشبكة العنكبوتية تعتبر رافد كبير، وطريق قصير، وخزين وفير، لاستقاء المعلومة بشتى المجالات، فأكثر من 250 مليون موقع إلكتروني تحظى بزيارات متنوعة، واستفادة مختلفة وحضور واسع، تجعل السجال والتدافع كالحرب الباردة، وقد أثبتت التجارب انعكاس هذه الشبكة بما فيها من موسوعات وتسهيلات على ثقافة وفكر وتاريخ بل وعقيدة الأجيال.
الموسوعة الحرة أو السريعة أو التي يتم تحريرها جماعيًا المعروفة بـ (ويكيبيديا) تعتبر من أشهر وأقوى الموسوعات المعلوماتية في الانترنت، وهي من أشهر وأبرز عشرة مواقع على الشبكة، وتحتل الترتيب السابع ضمن تصنيفات موقع (أليكسا) العالمي.
موسوعة ويكيبيديا المجانية التفاعلية التطوعية المنفتحة على الجميع، تأسست في عام 2001م، وهي سلاح ذو حدين، لا سيما أنها موسوعة متعددة اللغات -أكثر من 250 لغة- ذات محتوى معلوماتي ومعرفي حر ومفتوح المصدر، والإشكال الكبير أنها مؤسسة غير دينية، هذا ما يؤدي للخبط والخلط والاضطراب بل والانحراف في القضايا التي لا اجتهاد فيها وتتبع الدليل الشرعي والتأصيل العلمي والتوثيق التاريخي الصحيح.
بعيدًا عن من يقف وراء هذه الموسوعة وما هي أهدافها وطموحاتها، وما الذي يراد من جراء ذلك، لكن هنالك العديد من القضايا التي تخص كل مسلم، لا بد من تمحيصها وتدقيقها وتوثيقها، وهذا يدخل من باب النصيحة وترشيد المفاهيم وتصحيح الأخطاء وتنقية وتصويب المصطلحات، وتعديل المسار التاريخي المعوج، وتوضيح الحقيقة خصوصًا إذا كان الأمر يتعلق بمقدس وربنا جل في علاه يقول {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [1].
إنصافًا لا يمكن التجاهل أو التقليل من شأن تلك الموسوعة، فلها شهرة واسعة لما تميزت به من كثرة محرريها وسرعة تطويرها وانتشارها وتحديثها المستمر لمحتواها ومعطياتها ومواكبة التطور بجميع المجالات، وضخامة المادة وبساطتها، ما جعل زوارها يزيد عن المليون يوميًا.
بالمقابل نجد هنالك عيوب وأخطاء ونواقص لتلك الموسوعة، من أبرزها عدم انضباطها لقواعد ومبادئ البحث العلمي، وكذلك انعدام الدقة للوصف السليم والتحليل الرصين للأحداث والوقائع والأشياء، وأيضًا عدم التخصص والتحيز والابتعاد عن الموضوعية، وكذلك من العيوب والأخطاء الفادحة النقل من غير إحالة أو توثيق، ناهيك عن الأخطاء اللغوية واختلاط المحتوى لكثرة المحررين، والعفوية والارتجال في المواضيع والترتيب [2].
كل هذه العيوب تؤدي إلى انخفاض في القيمة العلمية لها، والفوضوية في المعلومة، وعدم الانضباط، وتذبذب المصداقية، وبالتالي تنعكس على القارئ والمطلع والباحث، وقد يكون هنالك نوع من الاستسلام (الذي يسمونه تطبيعًا) في العديد من القضايا المصيرية والهامّة للمسلم والعربي، لا سيما في صراعنا مع اليهود، وأحقيتنا بأرضنا المغتصبة فلسطين.
انطلاقًا من ذلك لا بد من التنويه والتوضيح والتصويب والتقييم، فيما جاء عن مدينة القدس في هذه الموسوعة، حتى لا تلتبس الأمور ولا يكون ما يطرح كأنه من المسلّمات، فالقدس ليست مدينة كسائر المدن الجغرافية أو الاقتصادية أو السياحية، والخطأ في تاريخها ومكانتها الحقيقية وما يتعلق بها، ليس خطأً اعتياديًا.
ومن هانت القدس في دينه *** يكون كمن هان حتى كفر
وعليه سنقف وقفات تصويب أو انتقادات عما ينشر في موسوعة (ويكيبيديا) بما يخص القدس، لأن القضية ليست كما يراد لها أن يُدلي كلٌ بدلوه، فهي قضية عقيدة ومقدسات وتاريخ وحضارة وتراث، وتكاد تكون من أكثر المدن عرضة للمؤآمرات وطمس المعالم وتزوير التاريخ وتغيير الحقائق وتهويد كل شيء يخطر على البال، فمن حقنا التحسس والتوجس والتخوف من أي شيء يثار أو يطرح خارج الأدلة والبراهين وبعيدًا عن الموضوعية والحقوق الشرعية، وعليه لا بد من التصويب والتأييد في أماكن الصواب والتنقيح والتصحيح فيما عدا ذلك.
عندما نبدأ باستكشاف واستطلاع ما نشر في ويكيبيديا عن القدس، سنجد عنوان توضيحي أعلى الشرح [3]، مكتوب فيه (هذه المقالة عن مدينة القدس بشطريها الغربي والشرقي !) أي أن ما سيتم الحديث عنه وبيان التفصيل فيه يشمل مدينة القدس بشطريها الغربي والشرقي وكأن هذا الوصف فعلي ومؤصل وتاريخي! والحقيقة أن القدس هي مدينة واحدة متكاملة مترابطة وحصل هذا التقسيم بفعل الاحتلال اليهودي عام 1948 للسيطرة عليها بشكل تدريجي وإفراغها من محتواها والاستحواذ عليها بالكامل مع مرور الوقت.
ما تسمى القدس الشرقية وهي عاصمة الدولة الفلسطينية الموعودة والتي فيها البلدة القديمة والمسجد الأقصى، لم تكن العاصمة الفعلية للفلسطينيين لكن من باب ذر الرماد بالعيون فقط ومرحلية الأعداء في التكتيك والاستفادة من الوقت، أما ما تسمى القدس الغربية (وهي قرابة 85% من مساحة القدس) ففيها معظم المؤسسات الحكومية الحيوية للكيان اليهودي كالبرلمان ومقري رئيس الوزراء والحكومة والمحكمة العليا، بالإضافة لأماكن سياحية ورياضية وعلمية.
بالرغم من عدم اعتراف ما يسمى بالمجمتع الدولي بضم الكيان اليهودي ما تسمى (القدس الشرقية) لهم بعد احتلالها عام 1967، بعد أن كانت تتبع الأردن، إلا أن الواقع المرير الملموس عكس ذلك حيث أقر برلمان الكيان اليهودي بتاريخ 31 يوليو عام 1980 قانون أساس (القدس عاصمة إسرائيل!)
فالقدس بكاملها أرض وقفية لا يحق التنازل عنها أو بيعها أو تسليم جزء منها لأعداء الله اليهود، وكذلك فهي حق شرعي للمسلمين طال الزمان أو قصر، والقدس مدينة متكاملة غير مجزأة ولا مقسمة، منذ تأسيسها في زمن اليبوسيين الكنعانيين، مرورًا بزمن الفراعنة، ثم الفترات المتعاقبة.
وهكذا بقيت القدس مدينة ثابتة راسخة ثم جاء عهد الرومان سنة 63 قبل الميلاد، وعندما تولى قسطنطين عرش الأباطرة سنة 313م أصبح للنصرانية نفوذًا بعد أن كانت مضطهدة، لتصبح مدينة القدس بيزنطية تابعة للقسطنطينية سنة 330م حيث كان اسمها آنذاك (إيليا).
الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح مدينة القدس سنة 15هـ ، وبقيت هكذا في خلافة بني أمية ثم بني العباس، وهكذا إلى أن احتلها الصليبيون سنة 1099م، لتتحرر على يد القائد الهمام صلاح الدين الأيوبي سنة 1187م، لتمر بمراحل متعددة حتى احتلها الجيش البريطاني في 9 كانون الأول عام 1917م، وتسليمها بعد ذلك لليهود عام 1948م.
اليهود يتكلمون عن القدس من منظورهم التلمودي والتوراتي المحرف كمدينة كاملة غير مجزأة، يقول بن غوريون: "لا معنى لفلسطين بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل، ولا معنى لقيام إسرائيل على غير أرض المعاد"، فلماذا نستسيغ ونستسلم لهذه القسمة ونحن أحق بها وأهلها؟!
في مطلع حديثها عن القدس ذكرت ويكيبيديا (القدس بالعبرية... أكبر مدينة في فلسطين التاريخية من حيث المساحة وعدد السكان )، وهي بداية غير موفقة وهذا يرجع لعدم وجود خلفية علمية بحثية تأصيلية متخصصة في تحرير المعلومة، فقولهم (القدس بالعبرية كذا) هذا استدراج استباقي لما يسمونه تطبيعًا، مع أن القدس عربية النشأة إسلامية المذاق.
القدس من حيث المساحة أكبر مدينة فلسطينية، لكن من حيث عدد السكان فغزة هي الأكثر، حيث يبلغ عدد سكان مدينة القدس ( المسلمون واليهود والنصارى وغيرهم) 774000،[4] بينما عدد سكان قطاع غزة يبلغ ( 1535120) [5].
مما جاء في ويكيبيديا عن القدس (تُعرف بأسماء أخرى في اللغة العربية مثل: بيت المقدس، القدس الشريف، وأولى القبلتين، وتُسميها إسرائيل رسميًا: أورشليم القدس).
لبيت المقدس عدة أسماء تقرب من عشرين اسمًا، كما بين ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري، ومن أقدمها (يبوس) نسبة لأول من سكنها وهم اليبوسيون الذين انحدروا من الكنعانيين من شبه جزيرة العرب، ومن أسمائها القديمة (أور سالم) أي مدينة السلام.
أما تسمية القدس (أولى القبلتين) فهذا لم يرد إطلاقًا، لكن هو من أسماء أو أوصاف المسجد الأقصى المبارك كمسجد وكقبلة أولى للمسلمين، والذي هو جزء من بيت المقدس أو مدينة القدس، فلا ندري من أين دخلت هذه التسمية أو تسللت ولعل هنالك آثار أو تبعات لذلك!
أورشليم: اسم كنعاني قديم أطلق على مدينة القدس قبل قدوم العبرانيين إلى أرض كنعان.
واسم (أورشليم) ليس عبريًا أصيلًا، فقد كانت تحمل هذا الاسم قبل دخول بني إسرائيل بشهادة نص تل (العمارنة)، وبدليل أن اليهود وجدوا صعوبة في كتابة اسمها باللغة العبرية (يروشاليم)، فهذه الياء الواقعة قبل الميم الأخيرة لم تكن تُثبت في الكتابة العبرية [6].
مصطلح إسرائيل الذي يطلق على دولة الكيان اليهودي لم يُعرف إلا بعد الإعلان عن قيام دولتهم بتاريخ 15مايو/أيار 1948م، وتمت التسمية قبيل الإعلان بثلاثة أيام بل هنالك أسماء وخيارات أخرى طرحت، مثل يهودا وصهيون وتسبار.
كل يهودي يعيش على أرض فلسطين يسمى (إسرائيلي) وجنسيته (إسرائيلية) ومجموعهم (إسرائيليين)، حتى شاعت هذه المصطلحات والتسميات لأولئك اليهود الغاصبين المعتدين المحتلين لأرضنا؛ على ألسنة المسلمين والعرب وهذه من الأخطاء بل من الطامات الكبرى.
وكلمة إسرائيل كلمة عبرانية مركبة من كلمتين وهما (إسرا) بمعنى عبد و(إيل) بمعنى الله، فيكون المعنى عبد الله، فمن المغالطات والإجحاف والتضليل وتزييف الحقائق تسميتهم بذلك، فهم بعيدون كل البعد عنها، فإسرائيل هو عبد الله ونبي الله يعقوب عليه السلام، إذ يحاول اليهود إلصاق أنفسهم بالأنبياء كذبا وزورًا وبهتانًا، والحقيقة أن صلتهم انقطعت بالأنبياء بمجرد كفرهم، وإطلاق مصطلح (إسرائيل) عليهم يكسبهم فضائل ومزايا ويحجب عنهم رذائل وخزايا فلينتبه.
تسمية اليهود الرسمية للقدس بـ (أورشليم القدس) هذا من الخلط والإيهام، وتغيير المفاهيم وقلب الحقائق، واستغفال السامع بأنها مدينة مشتركة بين اليهود والعرب، وهذا أسلوب لقبول الآخر والاعتراف به بكل الوسائل، منها تغييب المصطلحات الحقيقية ووضع تسميات جديدة توحي بدلالات يستفيد منها الكيان اليهودي بتمرير ما يطمحون إليه، كما بينا أن (أورشليم) من أسماء القدس وهي كلمة عربية، إلا أن اليهود يحاولون التضليل بأنها كلمة عبرانية وتخصهم.
جاء في ويكيبيديا ( يعتبرها العرب والفلسطينيون عاصمة دولة فلسطين المستقبلية، كما ورد في وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطينية التي تمت في الجزائر بتاريخ 15 نوفمبر سنة 1988، فيما تعتبرها إسرائيل عاصمتها الموحدة، أثر ضمها الجزء الشرقي من المدينة عام 1980، والذي احتلته إسرائيل بعد حرب سنة 1967).
القدس قضية كل المسلمين، ولا تقتصر على العرب والفلسطينيين فقط، كما يحاول العدو اليهودي والإعلام المضلل الإيهام بذلك، حتى تخطى ذلك لاختزال القضية تارة بأنها عربية كما يلهج بذلك دعاة القومية، وتارة أخرى بأنها فلسطينية كما يشير لذلك دعاة الثوابت الوطنية، فأفرغت من محتواها الديني العقدي، وضعف ارتباط المسلمين بها وتمسكهم بحقهم الشرعي في الدفاع عنها وضرورة استردادها.
فالقدس أول قبلة للمسلمين، وفيها ثاني مسجد وضع في الأرض، وثالث مسجد تشد إليه الرحال، وهي مسرى النبي عليه الصلاة والسلام، وقد بشر النبي عليه الصلاة والسلام بفتحها، وفيها تضاعف أجر الصلوات، وهي أرض المحشر والمنشر، وفيها مقام الطائفة المنصورة، وفي المسجد الأقصى صلى نبينا عليه الصلاة والسلام إماما بجميع الأنبياء، وبورك فيه وبمن حوله، والقدس هي مبتغى الفاتحين ورباط المجاهدين، وهي مهبط الأنبياء ومعدنهم وفيها قبورهم، وهي مهجر وملجأ ومأوى الأنبياء الذين اضطُهِدوا من أقوامهم، وفيها يحسم الصراع مع الباطل وقربها يقتل المسيح الدجال.
القدس هي عاصمة فلسطين الأزلية والأبدية بإذن الله، تاريخيًا وشرعًا وتراثًا، وهي ملك لجميع المسلمين بما فيهم العرب والفلسطينيون، كما أن اليهود -زورًا وبهتانًا- يرتبطون بها ارتباطًا عقديًا، ويعتبرونها إرثًا قديمًا واستمدوا هذه العقيدة من مفاهيم ديانتهم اليهودية المحرفة، حيث (أنّ إله اليهود (يهوه) قد وعد شعبه الخاص (بني إسرائيل)، بأرض فلسطين، ملكًا أبديًا وخصّهم بها ميراثًا أزليًا)،[7] وما ورد في العهد القديم (وأعطى لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان ملكًا أبديًا). (سفر التكوين:الأصحاح:17:8).
جاء في الموسوعة أيضًا (وقد نمت هذه المدينة وتوسعت حدودها كثيرا عما كانت عليه في العصور السابقة).
إذ يرجع هذا التوسع لمخطط اغتصابي كبير للقدس يسمى (مشروع القدس العظمى) والذي يشمل جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، (فقد كشفت الإذاعة اليهودية يوم 19 يناير 1995م عن تقرير سري صَادَق عليه حزب العمل عام 1993م ينص على توسيع حدود بلدية القدس لتشمل عددًا من المغتصبات اليهودية في الضفة الغربية ) [8].
جاء في ويكيبيديا (تعتبر القدس مدينة مقدسة عند أتباع الديانات السماوية الثلاث: اليهودية، المسيحية، الإسلام).
تحاول الموسوعة الحيادية ومجرد نقل آراء الديانات الثلاث -بحسب وصفها- ودعوى الجميع أحقيتهم بمدينة القدس، وهذا يدل على ابتعاد ويكيبيديا عن أصول وآداب البحث العلمي وتمحيص المعلومة والاستدلال الفعلي، وعدم ترجيح الحق في ذلك، بل هنالك نوع من التحيز وإعطاء الأولوية لليهودية والمسيحية -بحسب وصفها- على الإسلام!! كما جاء في التسلسل الوارد والترتيب، وهذا إجحاف واضح وإيهام وتضليل خطير.
ثم من حيث المصطلحات تُقر الموسوعة بالوجود الشرعي والنسبي [9] لليهودية والنصرانية بعيدًا عن التقريرات القرآنية ونسخ الإسلام لأي ديانة قبله، فاقتضى التنبيه هنا على بعض الحقائق:
1- لم يرد ذكر (اليهود) في القرآن إلا على سبيل الذم والتنقص، والإدانة وإظهار كفرهم وصفاتهم وأخلاقهم السيئة.
2- أطلق لفظ (اليهود) على بني إسرائيل بعد أن كفروا بالله وابتعدوا عن الدين الصحيح.
3- وردت كلمات (اليهود، هودا، هادوا) عشرين مرة في القرآن الكريم.
4- لقد حذر الله سبحانه وتعالى بشكل جلي وواضح من اليهود بغير ما آية نذكر منها قوله عز وجل {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [10].
5- نفى الله سبحانه وتعالى مزاعم اليهود والنصارى بانتسابهم لإبراهيم عليه السلام وبقية الأنبياء، يقول سبحانه: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [11]، ويقول عز وجل: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْركِينَ} [12].
6- لا يجوز استخدام مصطلح المسيحية، بل الأولى استعمال لفظ النصرانية كما سماهم الله بذلك، لأن (معنى مسيحي نسبة إلى المسيح ابن مريم عليه السلام، وهم يزعمون أنهم ينتسبون إليه وهو بريء منهم، وقد كذبوا فإنه لم يقل لهم أنه ابن الله ولكن قال عبد الله ورسوله). فالأولى أن يقال لهم نصارى كما سماهم الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} [13] الآية: [14].
وتستأنف الموسوعة ببيان قداسة المدينة لدى كل ديانة فتقول عن اليهودية: (فبالنسبة لليهود، أصبحت المدينة أقدس المواقع بعد أن فتحها النبي والملك داود وجعل منها عاصمة مملكة إسرائيل الموحدة حوالي سنة 1000ق.م، ثم أقدم ابنه سليمان، على بناء أول هيكل فيها، كما تنص التوراة).
يحاول اليهود وبكل الوسائل إلصاق أنفسهم بالأنبياء، والحقيقة أنهم قتلة الأنبياء وأعدائهم، بل رموهم بأبشع الأوصاف والأفعال، حتى زعموا أن داود أعجبته امرأة أحد الجند فزنى بها وزوجها غائب فى الحرب ولما حملت أرسل إلى قائد الجيش ليضع زوجها فى مقدمة المعركة حتى يقتل ولما تم ذلك ضم امرأته إليه فأنجبت سيدنا سليمان فهو ابن زنى وأراد الله أن يعاقبه فأمر بأن يزنى ابنه مع امرأة داود علنًا أمام الناس ولكن فى خيمة منصوبة لذلك!
دأب الكيان اليهودي على نشر وبث حقائق مغلوطة، من خلال إعلام كاذب مزيف، من ذلك أسطورة ما تعرف بـ(مملكة إسرائيل الموحدة)، (ومن الطريف أن عالمة الآثار البريطانية (ديم كنتن) وفريقها بدأوا بحثًا عن هذه المملكة منذ الستينات ولمدة عقد كامل ولم يجدوا شيئًا) [15].
وأن الرواية التوراتية التي يعتبرها جميع المؤرخين الإسرائيليين حجر الزاوية في الذاكرة الوطنية والمرحلة الأكثر إشراقًا والأكثر تأثيرًا في التاريخ اليهودي، دحضتها أيضًا الاكتشافات الأثرية الجديدة، إنها مملكة داود وسليمان التي يفترض أنها عاشت في القرن العاشر قبل الميلاد، إن الحفريات التي تم القيام بها في 1970 في كل محيط المسجد الأقصى لم تثبت وجود أي أثر لهذه المملكة ولا حتى لأي أثر لسليمان الذي تجعله التوراة بمرتبة ملوك بابل وفارس [16].
اسم (مملكة إسرائيل الموحدة) لا يدل على دولة إسرائيل الموجودة حاليًا في الشرق الأوسط، غير أن اليهود المعاصرين ينسبون أنفسهم إلى أبناء مملكة يهوذا الجنوبية التي انفصلت عن مملكة إسرائيل الموحدة، ويقول الأثري والثيولوجي توماس تومبسون من جامعة كوبنهاجن عن تاريخ منطقة فلسطين في القرن ال10 ق.م: "إن كتاب العهد القديم يقدم لنا تاريخًا لا يمكن الوثوق به، و ما صرنا الآن نعرفه عن تاريخ سوريا الجنوبية، و ما نستطيع إعادة بنائه اعتمادًا على الشواهد الأثرية، يعطينا صورة مختلفة تمامًا عن الصورة التي تقدمها الروايات التوراتية".
و بالمثل يشير إريك كلين "إن كثيرًا مما ورد في التوراة حول القدس يثير انقسامًا في الوقت المعاصر" [17].
الهيكل المزعوم لدى اليهود يحتل مكانة كبيرة في وجدانهم، إذ هو بيت الإله ومكان العبادة المقدس عندهم، وهم يستدلون عليه بقصص وخرافات وأساطير في توراتهم المحرفة، وربنا عز وجل يقول عنهم {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [18]، ولم يثر اليهود موضوع البحث عن هيكل سليمان وإعادة بنائه إلا في القرن التاسع عشر في طيات البحث عن مزاعم تاريخية لليهود بفلسطين تمهيدًا لإصدار وعد بلفور الشهير والبدء في إقامة دولة قومية لهم على الأراضي الفلسطينية [19].
وما يؤكد أسطورة وافتراء هذا الهيكل، اضطرابهم واختلافهم وتعدد رواياتهم ونظرياتهم بتحديد مكانه، فكيف لأقدس مكان لديهم يختلفون بمكانه، ولم يتوصل أي من الباحثين اليهود بتحديد مكانه بشكل قطعي، ومن أقوالهم في مكان الهيكل:
1- أنه تحت المسجد الأقصى الذي بني على أنقاض الهيكل.
2- أنه يقع فوق الصخرة التي تعتبر حجر الأساس للهيكل.
3- أنه يقع بين مصلى المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة.
4- ويرى بعض حكماء اليهود أن الهيكل موجود على جبل جرزيم قرب نابلس.
5- والبعض يقول أنه في بيت أيل شمال القدس وجنوب رام الله في لوزة أو لوز [20].
جاء في الموسوعة (وعند المسيحيين، أصبحت المدينة موقعًا مقدسًا، بعد أن صلب يسوع المسيح على إحدى تلالها المسماة (جلجثة) حوالي سنة 30 للميلاد..).
بيّنا أن الصواب أن يقال (نصارى) وليس (مسيحيين)، كما أن عيسى المسيح عليه السلام لم يصلب ولم يقتل كما بين هذه الحقيقة جليا ربنا تبارك وتعالى في القرآن الكريم إذ يقول: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا . بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [21].
بعدها تحدثت الموسوعة عن أهمية القدس بالنسبة للمسلمين ومما جاء (وكنتيجة لهذه الأهمية الدينية العظمى، تأوي المدينة القديمة عددًا من المعالم الدينية ذات الأهمية الكبرى، مثل: كنيسة القيامة، حائط البراق والمسجد الأقصى المتكون من عدة معالم مقدسة أهمها مسجد قبة الصخرة والمسجد القبلي...).
لا أدري على أي شيء استندت ويكيبيديا عندما اعتبرت أن كنيسة القيامة من أهم المعالم الدينية للمسلمين في القدس!! وهذا خطأ فادح وتضليل كبير، فأبرز معلم ديني وأهم مكان هو المسجد الأقصى وما يحويه، الذي ضاعف الله فيه أجر الصلوات ويُشد الرحال إليه وبارك فيه وحوله، وحائط البراق جزء من المسجد الأقصى.
لا قداسة شرعية خاصة لمسجد قبة الصخرة، بل من الأخطاء الشائعة والمنتشرة لدى الكثير من وسائل الإعلام وعوام الناس أن المسجد الذي عليه القبة المذهبة (مسجد قبة الصخرة) هي المسجد الأقصى!! (الفضيلة للمسجد الأقصى وليس للصخرة، وما ذكر فيها لا قيمة له إطلاقًا من الناحية العلمية، ولا ينبغي تقديس ما لم يقدسه الشرع ، ولا تعظيم ما لم يعظمه الشرع) [22].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما أهل العلم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فلم يكونوا يعظمون الصخرة، وما يذكره بعض الجهال فيها من أن هناك أثر قدم النبي عليه الصلاة والسلام، وأثر عمامته، وغير ذلك، فكله كذب، وأكذب منه من يظن أنه موضع قدم الرب. وكذا من زعم أن هناك الصراط والميزان، أو أن السور الذي يضرب به بين الجنة والنار هو ذلك الحائط المبني شرقي المسجد، وكذلك تعظيم السلسلة، أو موضعها ليس مشروعًا) [23].
جاء في الموسوعة (وقد جرت العادة والعرف على تقسيمها إلى 4 حارات، إلا أن الأسماء المستخدمة اليوم لكل حارة من هذه الحارات: حارة الأرمن، حارة النصارى، حارة الشرف (أو حارة اليهود)، وحارة المسلمين، لم تظهر إلا في أوائل القرن التاسع عشر).
هنالك حارة مهمة وتاريخ مفقود ووقف ضائع، هي حارة المغاربة التي تقع في جنوب شرق البلدة القديمة لمدينة القدس، قرب حائط البراق، والتي أوقفها الملك الأفضل نور الدين علي ابن صلاح الدين للمسلمين المغاربة الذين كانوا يشدون الرحال لزيارة المسجد الأقصى لكثرة عددهم وذلك في القرن الثاني عشر الميلادي.
وفي عام 1967م عندما احتل اليهود القدس واستولوا على حائط البراق، دمروا حارة المغاربة بالكامل، والتي كان فيها أربعة مساجد والمدرسة الأفضلية وأوقاف أخرى.
وحارة الشرف حي كان يقطنه المسلمون في البلدة القديمة في مدينة القدس، ويقع بجوار حارة المغاربة؛ حيث قام اليهود بطرد أهلها عند احتلالها في سنة 1967م، وأسكنوا فيها اليهود، وأدخلوها ضمن ما أسموها حارتهم، وذلك تحريفًا وتزويرًا وادعاء للأجيال اليهودية القادمة، لترسخ في أذهانهم المسميات اليهودية، والإيحاء بأن لليهود تواجدًا مستمرًا على تلك البقعة من الأرض المقدسة. فأطلق اليهود مصطلح حارة اليهود على أرض وقفية إسلامية هي ملك للمسلمين جميعًا [24].
مما جاء في الموسوعة أيضًا (يعتبر النزاع القائم حول وضع القدس مسألة محورية في الصراع العربي الإسرائيلي).
يعمل الإعلام اليهودي على إطلاق ألفاظ ومصطلحات تخفف من حدة الصراع والحرب القائمة على أرض فلسطين، وتضيق الأمر بمسألة نزاع، وكأنها خصومة على حدود وأمر داخلي على بستان أو بيت، أو على بضعة أمتار، وليس بين أمة الإسلام والعرب من جهة وشتات اليهود من جهة أخرى!
صراعنا مع اليهود صراع هوية ووجود لا صراع أرض وحدود، وما يراد لأن يكون الصراع (عربي-إسرائيلي) هو اختزال للقضية وصرف للحقيقة وتحييد للمسار الفعلي، فالقدس أرض إسلامية لا تخص فقط الفلسطينيين أو العرب، بل هي حق شرعي لجميع المسلمين، وعليه يفترض أن يكون الصراع (إسلامي-يهودي).
للأسف هذه حقيقة مغيبة عن الكثير من العرب والمسلمين، وعلى الرغم من أننا أصحاب الحق في تلك الأرض والقضية، إلا أن الكثير لا يزال يجهل أبجديات الصراع وحقيقة الحراك مع يهود الذين يزورون الحقائق ويضللون الشعوب، وينسبون أنفسهم للأنبياء كذبًا، وشعوبنا تصدق وتتداول تلك المصطلحات حتى أصبحت كأنها مسلمات.
بالمقابل اليهود يتشبثون بباطلهم وضلالهم وتزييفهم، ويصرحون بأن صراعهم ديني، تقول كولدا مائير: "من يعيش داخل أرض إسرائيل يمكن اعتباره مؤمنًا، وأما المقيم خارجها فهو إنسان لا إله له".
يقول هرتزل: "إن فلسطين التي نريد هي فلسطين داود وسليمان".
يقول مائير كاهانا زعيم حركة كاخ الصهيونية: "إن أكبر خطأ ارتكبه جيش الدفاع، أنه لم يهدم المسجد الأقصى يوم دخول القدس عام 1967م، ونحن مهمتنا أن نصحح هذا الخطأ ونهدم الأقصى" [25].
جاء في ويكيبيديا (تقع معظم الإدارات الحكومية الإسرائيلية في القدس الغربية، وهي تشمل: البرلمان الإسرائيلي أو الكنيست..).
من الخطأ تسمية (المجلس النيابي للكيان اليهودي) بالكنيست الإسرائيلي لأن (الكنيست كاسم مأخوذ من لفظ (هكنيست هغدولا) أي (المجلس الأكبر) الذي يزعمون أنه كان بمثابة الهيئة التشريعية لليهود في بداية عصر الهيكل الثاني.
وبهذا اللفظ يحاول اليهود ربط البرلمان اليهودي كهيئة تشريعية يهودية (بالهيكل المزعوم) ومجلسه الأكبر وجماعة اليهود، وبالألفاظ ذات المرجعية الدينية لربط اليهود بتلك الأرض، ونزع الصفة الإسلامية عنها، والإيحاء بأن المسلمين دخلاء على تلك الأرض المقدسة) [26].
وفي معرض حديثها عن تاريخ القدس جاء في الموسوعة( تلعب القدس دورًا أساسيًا عند الحديث عن القومية العربية عمومًا والوطنية الفلسطينية خصوصًا، وكذلك بالنسبة للقومية الإسرائيلية أو الصهيونية ...).
تحاول (ويكيبيديا) مرارًا وتكرارًا الحديث عن الصراع القومي العربي والوطني الفلسطيني مقابل الصراع الإسرائيلي، مع تحييد وإقصاء أصل الصراع وحقيقة العداء الديني، وبذلك يتم تحييز فئات عديدة من المجتمع المسلم عن هذا الصراع، فمن الذي فتح بيت المقدس أليس الصحابي الجليل المسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 15هـ؟ ومن حررها بعد الاحتلال الصليبي إلا القائد الهمام الكردي المسلم صلاح الدين الأيوبي رحمه الله سنة 1187م؟!
بالمقابل تحاول الموسوعة تداول وتثبيت استعمال مصطلحات (القومية الإسرائيلية) أو (القومية الصهيونية) وكأنها من المسلمات والافتراضات الحقيقة، وبينّا أن مصطلح (إسرائيل) لا يجوز نسبته لأولئك الذين يغتصبون أرضنا وينهبون مقدراتنا ويستولون على مقدساتنا.
الصهيونية هي حركة تهدف لجمع شتات اليهود في العالم في أرض فلسطين، ويرادفها مصطلح (القومية اليهودية)، كما أن اليهود يفترضون بأن الشعب اليهودي يشكلون وحدة عرقية ودينية وحضارية متكاملة، ويعتبرون الدين والقومية حالة واحدة متزاوجة، وهذا يتنافى مع الواقع.
والقومية اليهودية كما يزعمون تستند في نهاية الأمر إلى قراءة صهيونية لما يسمونه (التاريخ اليهودي) تثبت وجـود شعب يهودي متميِّز مستقل، وهي ليسـت قوميـة عادية (كما كان يدَّعي هرتزل وأتباعه)، وإنما هو كيان فريد، والشعب اليهودي ليس شعبًا عاديًا مثل كل الشعوب وإنما هو شعب إلهي المصدر [27].
فدعوى القومية اليهودية رؤية غير واقعية وليس لها سند تاريخي، فاليهود عند ظهور الصهيونية في القرن التاسع عشر مجاميع عرقية غير متجانسة، فمنهم اليديشية من الإشكناز في أوربا، ويهود العالم العربي من العرق الشرقي، ويهود الفلاشة من الحبشة، واليهود الأفارقة الزنوج، واليهود القادمين من حوض البحر المتوسط وهكذا.
والحقيقة أن الكيان اليهودي لم يقم على أساس قومي راسخ أصيل بثقافته ولغته وتقاليده ووطنه لأن اليهود لم يملكوا أي تراث خاص بهم فمعظم ما مارسوه من لغة وثقافة وديانة وتقاليد وعادات مقتبس من الكنعانيين سكان فلسطين الاصليين، حيث لم يكن لهم وطن اذ كانوا غرباء على فلسطين وكيانهم قائم على الدين وحده والدين عرضة للتغيير والتبدل وليس على قومية لاثبات ذلك [28].
هذا وأثبت العديد من الدارسين والباحثين أن أكثر من 92% من يهود اليوم والذين يستوطن الكثيرون منهم الآن في الولايات المتحدة ودول أوروبا وروسيا والكيان اليهودي ليسوا من الوجهة التاريخية من سلالة الذين عُرِفُوا بـ (يهود الأرض المقدسة) في تاريخ (العهد القديم)، وأن الحقائق المقررة في كتب التاريخ أن (الخزر) قد تحولوا عن وثنيتهم ليسموا أنفسهم (يهوداً)، ولم يسمهم أحدٌ (يهودًا) قبل نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، حيث تحول في نهاية ذلك القرن ملك الخزر ونُبلاؤُه وعددٌ كبير من شعبه إلى الديانة اليهودية. وهذا دلالة واضحة على كذب مزاعمهم وافتراءاتهم [29].
وعند حديث الموسوعة عن العهد الكنعاني ذكرت مغالطة واضحة وتلبيس جلي حيث قالت: "أظهرت بعض التنقيبات الأثرية وجود بعض الأواني الخزفية في مدينة داود، الواقعة ضمن حدود القدس حاليًا، والتي تعود لحوالي الألفية الرابعة قبل الميلاد".
يطلق اليهود مصطلح مدينة داود على القدس، لترسخ في الأذهان أن مدينة القدس مدينة يهودية، بناها الملك داود حيث يعتقد اليهود أن داود عليه السلام ملكًا وليس نبيًا، فيزعمون أنها القدس لم تعرف إلا بعد داود عليه السلام، وأن تاريخ الحضارة فيها 3000 سنة، وبذلك يسقطون 2000 سنة حيث يقدر تاريخ القدس بـ 5000 سنة منذ أن سكنها اليبوسيون العرب الذين هم بطن من الكنعانيين، الذين بنوا فيها مدينة عريقة وحضارة لا يمكن تجاهلها [30].
ولماذا لا يتشبث اليهود بمدينة الخليل بدلًا من مدينة القدس مع العلم أنها حسب رأيهم مدينة الآباء والأجداد؟ فعند اليهود: أن داود وسليمان كانا ملكين؛ وإبراهيم؛ كان نبيًاً فكيف تقدس مدينة الملوك ولا تقدس بنفس الدرجة مدينة الآباء والأجداد والأنبياء؟! [31].
والقدس مدينة الله، بل داود نفسه لم يكن يسميها إلا مدينة الله، واليهود يعرفون ذلك جيدًا، ويعرفون أن التلمود كان يعتربها (مدينة مملوكة لله)، ولذلك حرمت شريعته أن يمتلك فيها الانسان بيتًا أو أرضًا أو بستانًا، أو أن يسكن أحدًا في بيته بأجر، ولكنهم عند اللزوم كثيرًا ما يسكتون جميع الأصوات حتى صوت داود وسليمان وأصوات الأنبياء وحتى صوت التلمود [32].
وتحاول الموسوعة أيضًا الإشارة لنصوص توراتية تارة واستكشافات وتنقيبات أثرية تارة أخرى، للاستدلال على تبعية وارتباط مدينة القدس تاريخيًا ودينيًا باليهود! حيث تقول: "أظهرت أعمال التنقيب مؤخرًا وجود أساسات حجرية ضخمة في وسط القدس، قال الإسرائيليون بأنها بقايا هيكل داود".
من المعلوم أن اليهود يدندنون دائمًا حول أسطورة الهيكل المزعون، الذي يعتبر أكبر عملية تزوير للتاريخ، كما أنهم يحاولون جعل علم الآثار أداة بأيديهم للكذب والاختلاق ثم إلصاق المكتشفات المزعومة بدولتهم لتتلائم مع الأسطورة التوراتية، تقول عالمة الآثار اليهودية (شولاميت جيفا): "إن علم الآثار اليهودي أريد له تعسفًا أن يكون أداة للحركة الصهيونية تختلق بواسطته صلة بين التاريخ اليهودي القديم والدولة اليهودية المعاصرة" [33].
جاء في الموسوعة بمعرض حديثها عن مسجد قبة الصخرة (وتقع في داخله الصخرة المقدسة التي يؤمن المسلمون أن النبي محمد عرج منها الى السماء...).
الحقيقة أن هذه الصخرة ليست مقدسة ولم يثبت حديث صحيح بخصوصها، فلا يجوز تعظيمها، وما ذُكر هو السائد عند عامة المسلمين لكن ليس صحيحًا فلينتبه.
وعند حديثها عن حائط البراق ذكرت (يعرف أيضًا باسم حائط المبكى، يتلو اليهود صلواتهم عند هذا الحائط منذ القرن الرابع).
ركزت الموسوعة بالكلام عن (حائط البراق) من الوجهة اليهودية، إذ يطلقون عليه (حائط المبكى) ويعتقدون أنه الجزء المتبقي من الهيكل المزعوم، وهذا المصطلح ليس له مستند من كتبهم التي اعتمدوها، كما أن الموسوعة العبرية لم تتطرق لهذه العبارة أبدًا [34].
والثابت أنه حتى القرن السادس عشر لم يكن أي ارتباط لليهود بذلك الحائط، وكان تجمعهم حتى عام 1519م قريبًا من السور الشرقي للمسجد الأقصى قرب بوابة الرحمة ثم تحولوا إلى السور الغربي! [35].
بالرغم من ذلك كله لا بد إنصافًا نقول: أن ويكيبيديا تقدم تسلسل وسياق سلس وسهل، يكسب القارئ أو الباحث ثقافة من جميع الجوانب، التاريخية والجغرافية والدينية في مدينة القدس، لكن لا بد من التنبه للعديد مما يطرح وعدم التسليم بكل شيء إلا بعد التوثيق والتمحيص والتثبت من صدقية وموضوعية المعلومة.
9/1/2011
[1] [آل عمران:187].
[2] انظر مقال بعنوان: موسوعة ويكيبيديا المفتوحة، نقاط التفوق وجوانب القصور- ج3- سعيد بن جبلي.
[3] وهذا أسلوب متبع في الموسوعة من خلال ذكر عنوان قصير كمدخل لما سيتم شرحه بالاسفل.
[4] حسب إحصائية نشرها مركز الزيتوبة للدراسات والاستشارات، بتاريخ 19/5/2010.
[5] حسب إحصائية الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، لعام 2010.
[6] تذكير النفس بحديث القدس (1/16).
[7] المرتكزات العنصرية للفكر الصهيوني، وتجلياتها الإرهابية، المركز الفلسطيني للإعلام.
[8] مجلة الجندي المسلم، العدد 92 ، مقال بعنوان (القدس العظمى مخطط صهيوني لابتلاع المدينة المقدسة).
[9] أي نسبة الأتباع لتلك الديانات التي نعتقد نحن المسلمين أنها باطلة ومحرفة.
[10] [المائدة:82].
[11] [البقرة:140].
[12] [آل عمران:67].
[13] [البقرة:113].
[14] مجموع فتاوى ومقالات ابن باز، (5/416).
[15] مقال بعنوان: الأقصى في الإعلام الإسلامي، د. وائل الحساوي، موقع مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية.
[16] مقال بعنوان: متى وكيف اخترع الشعب اليهودي، عيسى القدومي، موقع مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية.
[17] موقع المعرفة.
[18] [المائدة:13].
[19] مقال بعنوان (هيكل سليمان هل هو حقيقة أم أسطورة؟)، محمد عبد العاطي.
[20] مقال بعنوان (تحديد مكان الهيكل عند اليهود)، مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية.
[21] [النساء:157].
[22] من كلام الشيخ الألباني رحمه الله، ينظر كتاب المسجد الأقصى الحقيقة والتاريخ ص:35، للأستاذ الفاضل عيسى القدومي.
[23] مجموع الفتاوى( 27/12-13).
[24] مصطلحات يهودية احذروها ص60-61.
[25] كتاب (مصطلحات يهودية احذروها).
[26] المصدر السابق.
[27] انظر موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، عبد الوهاب المسيري.
[28] أصل اليهود، اعداد: د. حنان اخميس.
[29] مقال بعنوان: إسرائيل جذور التسمية وخديعة المؤرخين الجدد-ج2 ، عيسى القدومي.
[30] مصطلحات يهودية احذروها، للأستاذ عيسى القدومي.
[31] مقال بعنوان (القدس عاصمة الثقافة وأكاذيب اليهود) عيسى القدومي، مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية.
[32] القدس مدينة الله أم مدينة داود، د.حسن ظاظا، ص35.
[33] نقلًا من كتاب تاريخ القدس بين تضليل اليهود ونضييع المسلمين، للأستاذ عيى القدومي، ص80.
[34] ينظر كتاب (حائط البراق) للأستاذ جهاد العايش، ص8.
[35] مصطلحات يهودية احذروها، ص21.