من خَذّل مسلمًا سيُخذَل يقينًا
أيمن الشعبان
كثرت عبارات الأمن والسِلم ودعاة السلام، ومحاربة الإرهاب وإيقاف العنف على ألسنة المتبجحين بها، لكن عندما تصل النصرة للمستضعفين والمظلومين في الشام، تنقلب الموازين وتختلف الأوجه
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
ما يحصل الآن في الشام من ظلم لم يسبق له مثيل، وانتهاك للأعراض والحرمات لم يخطر على بال، ومجازر وسفك للدماء فاقت كل التصورات؛ كشف المستور وأزال الأقنعة، وفضح جميع الادعاءات والشعارات، ابتداءً من دعاة التحرر والحرية وحقوق الإنسان والحيوان! والمتغنون بالديمقراطية! من الغرب ومن عاونهم، مرورًا بالمُنادين بتحرير الأقصى ممن خصص له يوم القدس! ودعاة الممانعة ومقاومة المحتل، وانتهاءً بجميع الدول العربية والإسلامية، التي لم نسمع من غالبيتها إلا التصريحات والشعارات والعبارات الرنانة!
كثرت عبارات الأمن والسِلم ودعاة السلام، ومحاربة الإرهاب وإيقاف العنف على ألسنة المتبجحين بها، لكن عندما تصل النصرة للمستضعفين والمظلومين في الشام، تنقلب الموازين وتختلف الأوجه وتضطرب الآراء وتتقهقر الهمم والإرادات، ولا نسمع إلا جعجعة ولا نرى طحنًا!
لا نستغرب من خذلان الكفار للمسلمين، لكن أن يصل الذل والهوان لدرجة يخذل فيها المسلمون والعرب أبناء جلدتهم بهذه الطريقة، وهم يرون إخوانهم في الشام صرعى وقتلى وجرحى ومشردين ومنكوبين! أين الحكام المنعمون بعروشهم؟! وأين التجار المتباهون بتجاراتهم وثرواتهم؟! بل أين الشعوب المشغولون بلهوهم وملذاتهم؟!
وحتى لا يقع الجميع بنفس الخذلان الذي حصل لأهلنا في العراق من قبل والآن للمسلمين في أراكان ومصر وغيرها من بلاد المسلمين، والواقع أكبر شاهد إن كان هنالك بقية من استشعار للمسؤولية؛ نذكّر بحديث خطير جدًا عسى أن يلامس قلوبكم وضمائركم قبل أسماعكم، وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام: « » (صحيح الجامع:5690).
الحديث عام يشمل المؤمن والكافر، البر والفاجر، العربي والأعجمي، لأن اللفظ جاء: ما من امرئٍ، ثم قال: وما من أحدٍ ينصر مسلمًا دل على توكيد وشمولية الخذلان والنصرة من قبل أي إنسان على وجه الأرض، لأي مسلم مظلوم، ومن باب أولى أن ينصر المسلم أخاه المسلم لأن الوشائج أقوى والروابط أمتن.
كأن النبي عليه الصلاة والسلام بيننا، عندما أوصى أصحابه ونحن من بعدهم بأهل الشام خيرًا، إذا يقول عليه الصلاة والسلام: «
» (صحيح الجامع:702)، وكأني به فداه نفسي وأبي وأمي يشير بأن أهل الشام سيُخذلون، إلا أنهم ثابتون صابرون وسينتصرون بإذن الله.وكما تدين تدان، والجزاء من جنس العمل، فوالله وبالله وتالله سيندم ويتحسر كل إنسان مسلمًا كان أو كافرًا على هذا الخذلان الواضح المخزي، لأهلنا في الشام ويقينًا سيقع ما لا تحمد عقباه وما لا يحسدون عليه، وعندها ولات ساعة مندم، ولن يتأسف أحد -مع شديد الأسى والحزن العميق- على نتائج هذا الخذلان والتخاذل!!
اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد.