(5)

أيمن الشعبان

من تلك الكتب النافعة، التي حوت عبارات جامعة، وفقرات ماتعة؛ كتاب "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" للإمام العلامة الحافظ أبو حاتم محمد ابن حبان البستي، صاحب الكتب المشهورة منها كتاب: "صحيح ابن حبان المسمى "المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع"، قال عنه الحاكم كما في السير: "كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه، واللغة، والحديث، والوعظ، ومن عقلاء الرجال".

  • التصنيفات: تراجم العلماء -

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
لما ابتعد الناس كثيرًا عن حال سلفنا الصالح؛ علمًا وعملًا، سلوكًا ومنهاجًا، كان لزامًا علينا أن نقف ونستخرج من بطون كتبهم وما خلّفوه لنا من تراث وأدب، ينير الطريق ويستنهض الهمم، سيما في الجانب التربوي الذي نحن بأمس الحاجة إليه، في دنيا الماديات وكثرة المغريات وانكباب الناس على الشهوات.

ومن تلك الكتب النافعة، التي حوت عبارات جامعة، وفقرات ماتعة؛ كتاب "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" للإمام العلامة الحافظ أبو حاتم محمد ابن حبان البستي (ت:354هـ)، صاحب الكتب المشهورة منها كتاب: "صحيح ابن حبان المسمى "المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع"، قال عنه الحاكم كما في السير: "كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه، واللغة، والحديث، والوعظ، ومن عقلاء الرجال".

يقول ابن حبان في مقدمة كتابه الذي بين أيدينا: "فلما رأيت الرُّعَاع من العالَم يغترون بأفعالهم، والهمجَ من الناسِ يقتدون بأمثالهم، دعاني ذلك إلى تصنيف كتاب خفيف، يشتمل متضمنه على معنى لطيف، مما يحتاج إليه العقلاء في أيامهم، من معرفة الأحوال في أوقاتهم، ليكون كالتذكِرة لذوي الحجى عند حضرتهم، وكالمعين لأولي النُّهى عند غيبتهم، يفوق العالِمُ به أقرانه، والحافظ له أترابه، يكون النديمَ الصادق للعاقل في الخلوات، والمؤنس الحافظَ له في الفلوات، إن خَصَّ به من يحب من إخوانه، لم يفتقده من ديوانه، وإن استبدَّ به دون أوليائه، فاق به على نظرائه".

اعتمدت في كتاب "روضة العقلاء" على طبعة مطبعة السنة المحمدية (1368هـ- 1949م)، وقمت بانتقاء واختيار بعض العبارات النفيسة والمقولات المهمة لابن حبان أو من نقل عنهم، دون ذكر السند لسهولة الوصول والاستفادة من تلك الدرر، مع وضع عناوين تناسب كل مقولة أو فقرة.

في حالة ذكر العبارة دون نسبتها لقائل، هذا يعني أنها من كلام المصنف أبي حاتم ابن حبان رحمه الله، كما قمت بوضع فقرة تحت عنوان (الدرر الغراء مما قلَّ ودلّ) للمقولات القصيرة التي لا تتجاوز السطر الواحد ذات الدلالات الكبيرة، وفقرة (الدرر الغراء مما قيل شعرًا) مع ذكر رقم الصفحة لكل عبارة أو جملة أو شعر.

مجانبة المسألة وكراهيتها:
"الواجب على العاقل مجانبة المسألة على الأحوال كلها، ولزوم ترك التعرُّض، لأن الإفكار في العزم على السؤال، يورث المرء مَهانة في نفسه، ويَحطُّه رَتوة عَن مرتبته، وتركُ العزم على الإفكار في السؤال، يُورث المرء عِزَّا في نفسه، ويرفعه درجة عَن مرتبته" (ص152).

حرمة السؤال:
قال عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "مَنْ سَأَلَ النَّاسَ لِيُثْرِيَ مَالَهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رَضْفٌ [3] مِنَ النَّارِ يَلْقُمُهُ، فَمَنْ شَاءَ اسْتَقَلَّ، وَمَنْ شَاءَ اسْتَكْثَرَ" (ص153).

وصية عاقل ومُحب ومشفق لابن أخيه:
قَالَ مطرف بْن عَبْد اللَّه بْن الشِّخِّير لابن أخيه: "يا بُنَيَّ أخي إذا كانت لك حاجة إلي، فاكتب بها إلي في رُقعة، فإني أصون وجهك عَن ذُلِّ السؤال" (ص154).

إياك وذُل السؤال:
"أعظم المصائب سوء الخَلَف، والمسألة من الناس، والهمُّ بالسؤال نصف الهرم، فكيف المباشرة بالسؤال؟! ومن عَزَّت عَلَيْهِ نفسه، صَغُرت الدنيا في عينه، ولا يَنبُلُ الرجلُ حتى يَعِفَّ عما في أيدي الناس، ويتجاوز عما يكون منهم، والسؤال من الإخوان مَلال، ومن غيرهم ضِدُّ النَّوال" (ص154).

لو لم يكن في السؤال خَصلة تُذمُّ إلا وجود التذلل في النفس عند الاهتمام بالسؤال وإبدائه، لكان الواجب على العاقل أن لو اضطره الأمر إلى أن يَستَفَّ الرمل، ويَمُصَّ النَّوَى، ألا يتعرض للسؤال أبدًا، مَا وجد إليه سبيلاً" (ص155).

القناعة كنز عظيم:
"ليس شيء أروحَ للبدن من الرضا بالقضاء، والثقة بالقاسم؛ ولو لم يكن في القناعة خصلة تحمد إلا الراحة، وعدم الدخول في مواضع السوء، لطلب الفضل، لكان الواجب على العاقل، ألا يفارق القناعة على حالة من الأحوال" (ص157-158).
"من عدم القناعة لم يزده المال غنى، فتمكن المرء بالمال القليل مع قلة الهم أهنا من الكثير ذي التَّبعة" (ص158-159).

مَن غَنيَ قلبه غنيت جوارحه:
القناعة تكون بالقلب: "فمن غني قلبه، غنيت يداه، ومن افتقر قلبه، لم ينفعه غناه، ومن قنع لم يتسخط، وعاش آمنا مطمئنًا، ومن لم يقنع لم يكن له في الفوائد نهاية لرغبته، والجد والحرمان كأنهما يصطرعان بين العباد" (ص159).
"القانع الكريم أراح قلبه وبدنه، والشره اللئيم أتعب قلبه وجسمه، والكرام أصبر نفوسًا، واللئام أصبر أجسادًا" (ص160).

التوكل على الله:
التوكل هو قطع القلب عَن العلائق، برفض الخلائق، وإضافته بالافتقار إلى محول الأحوال" (ص164).

الرضا بالشدائد والصبر عليها:
"فكم من شدة قد صعبت وتعذر زوالها على العالم بأسره، ثم فرج عنها السهل في أقل من لحظة" (ص166).

من أفضل أخلاق أهل الدين والدنيا:
من أراد الثواب الجزيل، واستِرهَانَ الوُدِّ الأصيل، وتوقع الذكر الجميل؛ فليتحمل من ورود ثِقَلِ الردى، ويتجرع مرارة مخالفة الهوى، باستعمال السُّنة التي ذكرناها في الصلة عند القطع، والإعطاء عند المنع، والحلم عند الجهل، والعفو عند الظلم؛ لأنه من أفضل أخلاق أهل الدين والدنيا" (ص175).

خُلُق العفو والتجاوز عن الآخرين:
قَالَ أيوب: "لا ينبُلُ الرجل حتى يكونَ فيه خصلتان، العفة عما في أيدي الناس، والتجاوز عنهم" (ص175).
قال عمر بْن عَبْد العزيز، أحب الأمور إلى اللَّه ثلاثة: "العفو في القدرة، والقصد في الجدة، والرفق في العبادة، وما رفق أحد بأحد في الدنيا إلا رفق اللَّه به يوم القيامة" (ص176).

"صاحب الصفح إنما يتكلف الصفح بإيثاره الجزاء، وصاحب العقاب وإن انتقم، كان إلى الندم أقرب، فأما من له أخ يوده، فإنه يحتمل عنه الدهر كله زلاته" (ص176).

"لو لم يكن في الصفح وترك الإساءة خصلة تحمد، إلا راحة النفس ووداع القلب، لكان الواجب على العاقل ألا يكدر وقته بالدخول في أخلاق البهائم بالمجازاة على الإساءة إساءة، ومن جازى بالإساءة إساءة فهو المسيء، وإن لم يكن بادئًا" (ص177).

قَالَ لقمان لابنه: "كذب من قَالَ إن الشر يطفئ الشر، فإن كان صادقًا، فليوقد نارًا إلى جنب نار، فلينظر هل تطفئ إحداهما الأخرى؟ ألا فإن الخير يطفئ الشر، كما يطفئ الماء النار" (ص178).

التقوى والكرم:
التقوى: "هي العزم على إتيان المأمورات، والانزجار عَن جميع المزجورات، فمن صح عزمه على هاتين الخصلتين، فهو التقي الذي يستحق اسم الكرم، ومن تعرى عَن استعمالهما، أو أحدهما، أو شعبة من شعبهما، فقد نقص من كرمه مثله" (ص181).

من هو الكريم؟
قَالَ زيد بن ثابت: "ثَلاثُ خِصَالٍ لا تَجْتَمِعُ إِلا فِي كَرِيمٍ، حُسْنُ الْمَحْضَرِ، وَاحْتِمَالُ الزَّلَّةِ، وَقِلَّةُ الْمَلالَةِ" (ص181).

من صفات الكريم:
"الكريم لا يكون حقودًا، ولا حسودًا، ولا شامتًا، ولا باغيًا، ولا ساهيًا، ولا لاهيًا، ولا فاجرًا، ولا فخورًا، ولا كاذبًا، ولا ملولاً، ولا يقطع إلفه، ولا يؤذي إخوانه، ولا يضيع الحفاظ، ولا يجفو في الوداد، يعطي من لا يرجو، ويؤمن من لا يخاف، ويعفو عَن قدرة، ويصل عَن قطيعة" (ص181).

"الكريم يلين إذا استُعطِف واللئيم يقسو إذا ألطف، والكريم يُجِل الكرام، ولا يهين اللئام، ولا يؤذي العاقل، ولا يمازح الأحمق، ولا يعاشر الفاجر، مؤثرا إخوانه على نفسه، باذلاً لهم مَا ملك، إذا اطلع على رغبة من أخ لم يدع مكافأتها، وإذا عرف منه المودة، لم ينظر في ملق العداوة، وإذا أعطاه من نفسه الإخاء، لم يقطعه بشيء من الأشياء" (ص182).

"الكريم من أعطاه شكره، ومن منعه عذره، ومن قطعه وصله، ومن وصله فضله، ومن سأله أعطاه، ومن لم يسأله ابتدأه، وإذا استضعف أحدا رحمه، وإذا استعطف أحدا رأى الموت أكرم له منه، واللئيم بضد مَا وصفنا من الخصال كلها" (ص183).

مثل الكريم والئيم:
قَالَ الشعبي: "إن كرام الناس أسرعهم مودة، وأبطؤهم عداوة، مثل الكوب من الفضة: "يبطئ الانكسار، ويسرع الانجبار، وإن لئام الناس أبطؤهم مودة، وأسرعهم عداوة مثل الكوب من الفخار: "يسرع الانكسار ويبطئ الانجبار" (ص183).

من آثار الكرم:
"الكريم محمود الأثر في الدنيا، مرضي العمل في العقبى، يحبه القريب والقاصي، ويألفه المتسخِّط والراضي، يفارقه الأعداء واللئام، ويصحبه العقلاء والكرام" (ص184).

كيف يتعامل مع النمام؟
قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه: "الواجب على العاقل لزوم الإغضاء عما ينقل الوشاة، وصرف جميعها إلى الإحسان، وترك الخروج إلى مَا لا يليق بأهل العقل، مع ترك الإفكار فيما يزري بالعقل، لأن من وشى بالشيء إلى إنسان بعينه، يكون قصده إلى المخبر، أكثر من قصده إلى المخبر به، لمشافهته إياه بالشيء الذي يشق عَلَيْهِ علمه وسماعه" (ص187).

قد نحتاج للعتاب أحيانًا:
من لا يعاتب على الزلة، لم يكن بحافظ للخُلة، ومن أعتب لم يذنب، كما أن من اغتفر لم يعاقب، وظاهر العتاب خير من مكتوم الحقد، ورُبَّ عَتب أنفعُ من صفح" (ص190).

كثرة العتاب يقطع الود ويورث الصد:
"لا يجب على العاقل أن يناقش على تصحيح الإعتاب بالإكثار، مخافة أن يعود المعاتب إلى مَا عوتب عَلَيْهِ؛ لأن من عاتب على كل ذنب أخاه، فخليق أن يمله ويقلاه، وإن من سوء الأدب كثرة العتاب، كما أن من أعظم الجفاء ترك العتاب، والإكثار من المعاتبة يقطع الود، ويورث الصد" (ص191).

قَالَ علي بن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "لا تُكْثِرِ الْعِتَابَ، فَإِنَّ الْعِتَابَ يُورِثُ الضَّغِينَةَ وَالْبَغْضَةَ، وَكَثْرَتُهُ مِنْ سُوءِ الأَدَبِ" (ص191).

قبول اعتذار المعتذر:
"الواجب على العاقل إذا اعتذر إليه أخوه بجرم مضى، أو لتقصير سبق، أن يقبل عذره، ويجعله كمن لم يذنب" (ص192).

التماس الأعذار وحسن الظن:
قال أبو قلابة: "إذا بلغك عَن أخيك شيء تكرهه فالتمس له عذرًا، فإن لم تجد له عذرًا فقل لعل له عذرًا لا أعلمه" (ص193).

أهمية الاعتذار:
"الاعتذار يذهب الهموم، ويجلي الأحزان، ويدفع الحقد، ويذهب الصد، والإقلال منه تستغرق فيه الجنايات العظيمة، والذنوب الكبيرة، والإكثار منه يؤدي إلى الاتهام، وسوء الرأي، فلو لم يكن في اعتذار المرء إلى أخيه خصلة تحمد إلا نفي العجب عَن النفس في الحال، لكان الواجب على العاقل ألا يفارقه الاعتذار عند كل زلة" (ص195).

السر أمانة وإفشاؤه خيانة:
"من حَصَّنَ بالكتمان سره، تم له تدبيره، وكان له الظفر بما يريد، والسلامة من العيب والضر، وإن أخطأه التمكن والظفر، فالحازم يجعل سره في وعاء، ويكتمه عَن كل مستودع؛ فإن اضطرهُ الأمر وغلبه، أودعه العاقل الناصح له؛ لأن السر أمانة، وإفشاؤه خيانة، والقلب له وعاؤه، فمن الأوعية مَا يضيق بما يودع، ومنها مَا يتسع لما استودع" (ص198).

من لم يكتم السر استحق الندم:
"من لم يكتم السر استحق الندم، ومن استحق الندم صار ناقص العقل، ومن دام على هذا رجع إلى الجهل" (ص200).

أهمية التشاور:
قَالَ الحسن: "مَا حزب قوما قط أمر، فاجتمعوا فتشاوروا فيه، إلا أرشدهم اللَّه جل وعلا لأصوبه" (ص201).
قال وهب بْن منبه: "في التوراة أربعة أحرف مكتوبة، من لم يشاور يندم، ومن استغنى استأثر، والفقر الموت الأحمر، وكما تدين تدان" (ص201).

العاقل آخر من يشير:
"الواجب على العاقل إذا استشير قوم هو فيهم، أن يكون آخر من يشير، لأنه أمكن من الفكر، وأبعد من الزلل، وأقرب من الحزم، وأسلم من السقط" (ص202).

الاستشارة عند النائبات:
إن من شيم العاقل عند النائبة تنُوبه: "أن يشاور عاقلاً ناصحًا ذا رأي، ثم يطيعه، وليعترف للحق عند المشورة، ولا يتمادى في الباطل، بل يقبل الحق ممن جاء به، ولا يحقر الرأي الجليل، إذا أتاه به الرجل الحقير، لأن اللؤلؤة الخطيرة لا يشينها قلة خطر غائصها الذي استخرجها، ثم ليستخر اللَّه، وليمض فيما أشار عَلَيْهِ" (ص203).

الدرر الغراء مما قلَّ ودل:
قال سُفْيَان بْن عيينة: "من سأل نذلا حاجة، فقد رفعه عَن قدره" (ص153).
"من استغنى بالله أغناه اللَّه، ومن تعزز به لم يفقره، كما أن من اعتز بالعبيد أذله اللَّه" (ص156).
عن مُحَمَّد بْن المنكدر، عَن أبيه، قَالَ: "القناعة مال لا ينفذ" (ص158).

قال ابن المبارك: "مروءة القناعة، أفضل من مروءة الإعطاء" (ص159).
"الواجب على العاقل لزوم التوكل على من تكفل بالأرزاق" (ص161).
قال أَبو الدَّرْدَاءِ: "إِنَّ الرِّزْقَ لَيَطْلُبُ الْعَبْدَ كَمَا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ" (ص162).
"الصبر جماع الأمر، ونظام الحزم، ودِعَامة العقل، وبذر الخير، وحيلة من لا حيلة له" (ص170).

قال ميمون بْن مهران: "مَا نال عَبْد شيئا من جسيم الخير، من نبي أو غيره، إلا بالصبر" (ص170).
قَالَ الفضيل بْن عياض: "من طلب أخا بلا عيب بقي بلا أخ" (ص177).
"أجل الناس مرتبة من صد الجهل بالحلم" (ص177).
"وما الفضل إلا لمن يحسن إلى من أساء إليه" (ص177).

قَالَ ابن السماك: "لِن لِمَن يَجفُو، فقلَّ مَن يصفُو" (ص178).
"العاقل يحسن عند الجفوة، ويغضي عَن المجازاة عليها بمثلها" (ص179).
قال أبو جحيفة: "جَالِسُوا الْكُبَرَاءَ، وَخَالِطُوا الْحُكَمَاءَ، وَسَائِلُوا الْعُلَمَاءَ" (ص185).
قَالَ سليمان بْن داود لابنه: "يا بني، إياك والنميمة، فإنها أحد من السيف" (ص185).

قال يَحْيَى بْن أَبِي كثير: "الذي يعمله النمام في ساعة، لا يعمله الساحر في شهر" (ص188).
"يجب على العاقل أن يكون صدره أوسع لسره من صدر غيره، بألا يفشيه" (ص199).
"لا أَنَس آنس من استشارة عاقل ودود، ولا وحشة أوحش من مخالفته" (ص201).
قَالَ الحسن: "لا يندم من شاور مرشدًا" (ص202).

الدرر الغراء مما قيل شعرًا
أنشدني منصور بْن مُحَمَّد الكريزي: (ص155).
 

لا يحِسُّ الصديق منك بفقر *** لا، ولا والد ولا مولود
ذاك ذل إذا سألت بخيلا *** أو سألتَ الذي عليك يجود

أنشدني عَبْد العزيز بْن سليمان الأبرش: (ص159).

إذا المرء لم يقنع بعيش فإنه *** وإن كان ذا مال من الفقر مُوقَرُ
إذا كان فضل الناس يُغنيك بينهم *** فأنت بفضل اللَّه أغنَى وأيسرُ


أنشدني منصور بْن مُحَمَّد الكريزي: (ص162).
 

توكل على الرحمن في كل حاجة *** أردتَ؛ فإن اللَّه يقضي ويُقَدِّرُ
متى مَا يُرِد ذو العرش أمرا بعبده *** يُصِبهُ وما للعبد مَا يتخيرُ
وقد يهلك الإنسان من وجه أمنه *** وينجو بإذن اللَّه من حيث يحذر


أنشدني الأبرش: (ص166).
 

هَوِّن على نفسك من سعيها *** فليس مَا قُدِّر مردود
وارض بحكم اللَّه في خلقه *** كل قضاء منه محمود


أنشدني منصور بْن مُحَمَّد الكريزي: (ص168).
 

تجري المقادير إن عسرًا وإن يُسرًا *** وللمقادير أسباب وأبوابُ
ما اشتد عسر ولا انسدَّت مذاهبه *** إلا تفتَّح من مسروره بابُ


مما قيل في خُلُق العفو عن الآخرين: (ص178).
 

لما عفوتُ ولم أحقد على أحدٍ *** أرحتُ قلبيَ من غَمِّ العداواتِ
إني أحيِّي عدوي عند رؤيته *** لأدفع الشر عني بالتحيات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه *** كأنما قد حُشي قلبي محبات


وأنشدني ابن زنجي البغدادي: (ص187).
 

يمشون في الناس يبغون العيوبَ *** لمن لا عيب فيه لكي يستشرفَ العطَبُ
إن يعلموا الخيرَ يخفوه وإن علموا *** شرا أذاعوا وإن لم يعلموا كذبوا


أنشدني على بْن مُحَمَّد البسامي: (ص189).
 

أعاتب إخواني وأبقي عليهمُ *** ولستُ لهم بعد العتاب بقاطع
وأغفر ذنب المرء إن زَلَّ زلة *** إذا مَا أتاها كارها غير طائع
وأجزع من لوم الحليم وعذله *** وما أنا من جهل الجهول بجازع


وأنشدني مُحَمَّد بْن أَبِي علي الصيداوي: (ص191).
 

إذا كنتَ في كل الأمور معاتبًا *** خليلك لَم تلق الذي لا تعاتبه
فعش واحدا أو صِل أخاك فإنه *** مًقارف ذنبٍ مرةً ومجانبه
إذا أنت لم تَشرب مِرارًا على القَذَى *** ظَمِئت وأي الناس تصفو مشاربه؟


وأنشدني الكريزي: (ص198).
 

اجعل لسرك من فؤادك منزلاً *** لا يستطيع له اللسان دخولا
إن اللسان إذا استطاع إلى الذي *** كتم الفؤاد من الشئون وصولا
ألفيت سرَّك في الصديق وغيره *** من ذي العداوة فاشيًا مبذولا



____________
[1] روضة العقلاء ونزهة الفضلاء ص15.
[2] الطبعة بتحقيق وتصحيح محمد محي الدين عبد الحميد، محمد عبد الرزاق حمزة، محمد حامد الفقي.
[3] الحجارة المحماة بالنار.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام