غيث القلوب!

عبد اللطيف بن هاجس الغامدي

هذا مثل العلماء والدعاة، فخيرهم متعدي لغيرهم، ونفعهم منبسط لسواهم، وفضلهم ليس حكرًا عليهم.

  • التصنيفات: الدعاة ووسائل الدعوة -

ومن الناس من خيره كماء الأنهار الساري فوق وهادها والجاري في أوديتها، يدرك منفعته من يسري في أرضه ويجري على ثراه ومن يسعى إليه ويقف على ظفَّتيه.

ومن الناس من خيره كماء الغيث الذي يهمل فوق الوهاد ويهطل على الثنايا وينزل في كل واد، فينال منه السهل والجبل والمرتفع والمنخفض والبحر الأجاج وهامدات الفجاج.

فيحيي الله به الأرض بعد موتها، وتنشرح به الصدور بعد انقباضها، وينبت به الزرع الهامد، ويدر به الضرع الجامد، وتكتسي به الأرض زخرفها. تفرح به البهائم وتحلو به النسائم، ولذا فالخلائق ترقبه والكائنات تنتظره، فإذا ما لاح برقه وصوَّت رعده وتلاحمت مزونه، ارتفعت الأيدي للمعيد المبدىء بأن يرسله من سمائه وينزله من عليائه.

فالغيث حيثما وقع.. نفع، فهو طاهر في ذاته ومطهر لغيره.

وهذا مثل العلماء والدعاة، فخيرهم متعدي لغيرهم، ونفعهم منبسط لسواهم، وفضلهم ليس حكرًا عليهم.
تعمر بهم المجالس، وتأنس بهم النفوس، وترتاح لهم الأرواح، فهم يعلمون الجاهل، وينبهون الغافل، ويذكرون الناسي، ويحذرون القاسي. يذودون عن إسلامهم بنفوسهم، ويبذلون دنياهم لإعلاء دينهم، فإذا ما تلذذ أهل الدنيا بدنياهم، كانوا عنهم بمعزل، فلا لذَّة لهم في غير دينهم الذي ملك عليهم نفوسهم، وحكم بشرائعه وشعائره حركاتهم وسكناتهم.

فالناس في حاجة ملحة للعلماء والدعاة أكثر من حاجتهم لطعامهم وشرابهم، فحياة قلوبهم خير لهم من حياة قوالبهم، لو كانوا يفقهون!

وهل للأرض حياة دون ماء السماء؟!

وهل للقلوب حياة دون وحي السماء؟!

أجيبوا.. أيها العقلاء!
 

* لفته!

رعاكم مولاكم يا ورثة الأنبياء.. فما أجمل أثركم على الناس! وما أقبح أثر الناس عليكم!

فلا تحزنوا.. ولا تركنوا، فيوم الجزاء بين أيديكم!

وسلام الله عليكم

 

موقع هاجس

8/8/2007