نزول البلاء ببعض ديار المسلمين

عبد اللطيف بن هاجس الغامدي

وليس وقوع البلايا دليل البغض والكره من الله تعالى للعبد المؤمن كما أن العافية والسلامة ليست دليل الحب من الرب للعبد.

  • التصنيفات: الواقع المعاصر -

 

الحقيقة الدقيقة أن البلايا والرزايا التي تقع على المؤمن إنما هي لأحد سببين:

أولاً: بلاء من الله تعالى وفتنة، واختبار وتمحيص، ليميز الله به الخبيث من الطيب، فمن رضي عن الله وقضائه وقدره، خيره وشره حلوه ومره فله الرضا، ومن سخط مما نزل به وتبرم منه واعترض وتشكى فعليه السخط ولا يضر إلا نفسه ولن يضر الله شيئًا.

ولذلك كان الأنبياء من أشد الناس بلاءً، ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى المؤمن على قدر دينه، فإن كان في دينه ثخن وصلابة ضوعف عليه من البلاء، ليضاعف له الأجر والجزاء من رب الأرض والسماء، وإن كان في دينه رقة وضعف خفف الله عليه من البلايا رحمة به.

وإلاَّ فبماذا نفسر ما وقع على الأنبياء من بلاء، وما حدث للصحابة من عناء؟!

وراجع إن شئت ما وقع عليهم في غزوة أحد، وحنين، وتبوك، وما قبل ذات الرقاع، وطاعون عمواس، وعام الرمادة، وما وقع فيهم من مقتلة في معارك شتى ومواقع متعددة، هل وقع ما وقع لهوانهم على الله أو لضعف منزلتهم عنده؟!

حاشا والله فلا يقول بذلك مسلم، فهم قوم رضي الله عنهم ورضوا عنه، وقد اختارهم الله بعلمه لمصاحبة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وليس وقوع البلايا دليل البغض والكره من الله تعالى للعبد المؤمن كما أن العافية والسلامة ليست دليل الحب من الرب للعبد.

 

ثانيًا: أن تنزل البلايا وتقع الرزايا عقوبة من الله تعالى للعبد على بعض ذنوبه ومعاصيه، ولو يؤاخذ الله الناس بجميع ذنوبهم ما ترك على ظهر الأرض من دابة، ولكن يصيبهم ببعض ما كسبوا ليتوبوا إليه، وليفزعوا بين يديه، وليصلحوا ما بينهم وبينه، ليرفع عنهم ما نزل بهم، فما نزلت عقوبة إلاَّ بذنب ولا رفعت إلاَّ بتوبة.

ولا بد للمسلم عندما تلم به ملمة أو تنزل به نازلة أن يتهم نفسه، ويرجع ذلك لذنبه، ليرضي ربَّه، فالإقرار بالذنب والاعتراف بالخطيئة عبادة قلبية يؤجر عليها العبد، وهي تدفعه للمزيد من محاسبة النفس، والرجوع إلى الله تعالى، ليكشف السوء ويدفع البلاء ويمنع سوء القضاء.

فالواجب علينا جميعًا أن نراجع أنفسنا، ونتوب إلى بارئنا، ونستغفر الله من جميع ذنوبنا، ليكشف ما حلَّ بنا، وما نخاف أن يقع علينا.

المصدر: موقع هاجس