إصلاح الوعاء لينفع العلم وتُجْدي المعلومة
مدحت القصراوي
إن أمانة القلوب والضمائر قبل الإيمان، فهي الوعاء الحافظ للإيمان وإلا ضاع من صاحبه مع الغفلة.
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
يرفض الباطل نوعان:
إما شريف صاحب عقيدة صحيحة، أو شريف صاحب وعي صحيح. فقبل العقيدة الصحيحة وقبل الوعي لا بد من الشرف، وهو وعاء يحفظ فيه الإيمان والوعي.
صاحب عقيدة وعلم بلا شرف ولا خلق فسيبيع دينه ويلوي الأدلة ويتبع الهوى ويجعل الحق خادمًا للباطل.
صاحب وعي وعلم واطلاع بخطورة الأوضاع بلا شرف أو ضمير، فسيبيع الحق ويشترى الباطل، شراء للدنيا أو تنفيثًا عن حقد.
لذلك كان الوعاء هو البداية، قال صلى الله عليه وسلم: «البخاري:6497)، وقال حذيفة رضي الله عنه: "إنا قوم أوتينا الإيمان قبل أن نؤتى القرآن، وإنكم أوتيتم القرآن قبل أن تؤتوا الإيمان".
» (إن أمانة القلوب والضمائر قبل الإيمان، فهي الوعاء الحافظ للإيمان وإلا ضاع من صاحبه مع الغفلة.
وفي رسالة بعض (الثوار!) بمعرفته بالتآمر على الثورات والتخطيط للانقلاب قبل حدوثه ومشاركته فيه رغم ذلك: دلالة، وهناك أضعاف ما ذكر من المعلومات عنده، وهناك أضعاف ما عنده عند غيره، وهناك القصة كاملة عند الأجهزة المتآمرة.
يؤرق الشخص عند فعل الخطأ أو الاطلاع عليه، الإيمانُ بالآخرة والقلق من الوقوف لانتظار الحساب والوقوف بين يدي الله تعالى لخمسين ألف سنة في جوع وظمأ، ونصب وضحٍّ تحت الشمس، وقلق وخوف مستطير. أو يؤرق الإنسان ضميرٌ حي وعدم قبول الباطل والظلم.
فإذا فسد الوعاء فلا ينفع العلم الشرعي بل يضر، ولا ينفع الاطلاع على معلومات التآمر.
ولذا فالتوجيه الإسلامي لا بد أن يكون شاملًا للعلم والعقيدة، والوعي السياسي، وتوجيه الضمائر وتنمية الخوف من الآخرة وتعظيم الأمانة التي حملها الإنسان. وفي الأثر: "القلوب أوعية، فأحبها إلى الله أرقها وأصلبها وأصفاها".
قد يجهد المخلصون أنفسهم في بيان الحقيقة الشرعية وحقائق الواقع، ثم لا يجدون الاستجابة الكافية واللائقة بالجهد العظيم الذي بذلوه، واللائق بوضوح الباطل وبشاعته وقبحه، والسبب أنه لا بد من خطاب آخر يرافق معرفة الحقيقة الشرعية ومقتضياتها وحقيقة الواقع، وهي مخاطبة هذه الأوعية وإصلاحها، لعله يفيق غافل فينفع علم أو تُجْدي معلومة.