خرج من المقابر بعد موته مائة سنة
عبد اللطيف بن هاجس الغامدي
الموت وسكرته وآلامه وكربته! لحظة عاصفة ومرحلة خاطفة، لا بُدَّ لكلِّ عبدٍ منها، فالموت بوابة الولوج إلى عالم الآخرة، فهو برزخ بين حياتين، ومعبر بين مرحلتين
- التصنيفات: الموت وما بعده -
الموت وسكرته وآلامه وكربته! لحظة عاصفة ومرحلة خاطفة، لا بُدَّ لكلِّ عبدٍ منها، فالموت بوابة الولوج إلى عالم الآخرة، فهو برزخ بين حياتين، ومعبر بين مرحلتين، لأنه نهاية العاجلة، وبداية الآجلة، وكم بين الحياتين من دواهٍ مجلجلة! وهو باب لا بُدَّ من دخوله، وكأس لا مناص من تجرعه، وكساء لا محيص من ارتدائه؛ فهو مرحلة خطيرة ومثيرة وعسيرة تمرُّ بالعبد كالخروج من قمقم الزجاجة الضيق! لذلك فلا بُدَّ من الآلام الرهيبة والأوجاع القاسية والكربات المريرة التي تمرُّ بالمؤمن فتمحِّص من ذنوبه، وتزيد من حسناته، وترفع في درجاته، وتمرُّ بالكافر والفاجر، فتزيد من لوعاته، وتُضاعف من حسراته، وتكاثر من كرباته ونكباته.
وقد ورد أن ألم الموت أشنع من ألف ضربة بالسيف، وأفظع من قرضٍ بالمقاريض، ونشر بالمناشير، وغليٍ في القدور. ومع شدَّة ألمه على العبد وعظيم معاناته منه إلاَّ أنه لا يستطيع أن يُعبِّر عن كربته منه، فهو فوق الألم، وأعظم من الوجع، وأشد من الضيق. وإذا أردت أن تصف ما ألمَّ بك من وجع مفجع، قلت: كأنه الموت! وأنت لم تذقه، فكيف بك عند معاناته ومقارعته على شدَّة ضعفك وشدَّة قوته؟! فلطفك يا لطيف! ولعلم الله تعالى به سمَّاه بالمصيبة! فقال تعالى: {فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ} [المائدة:106].
ولمعرفة الأنبياء عليهم السلام به وقع لهم معه العجائب والغرائب. وتأمل: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (صحيح الترمذي:3076) فمن ذا يريد الموت؟!
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البخاري:1339). وللوقوف على ألم الموت وشدَّته لا بُدَّ لنا من ميِّتٍ ذاق غصصه، وتجرع هوله، وكرع من كأسه، وشرق به ليصفه لنا، فليس من ذاق كمن سمع! فهل لنا بمثل هذا؟! لقد بحثت عنه فلم أجده إلا في حديث عجيب غريب، أبعث به إليك على أمل أن يُحيي الله به قلبي وقلبك، والله ربِّي وربك!
» (صحيحفعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (السلسلة الصحيحة:2926) فهل تأملت؟ مائة سنة وما زال يعاني من شدَّة الموت وحرارته، فرحماك اللهم بنا، رحماك اللهم بنا، رحماك اللهم بنا.سؤال أخيرٌ وخطير: هل أنت مستعدٌ للقاء ملك الموت؟!