(337) سُنَّة التذكير بيوم القيامة
راغب السرجاني
لا تكاد تخلو صفحة من صفحات القرآن الكريم مِن ذِكْرٍ ليوم القيامة، ليس فقط لأنه ركنٌ من أركان الإيمان ولكن لأن الناس كثيرًا ما يغفلون عنه مع إيمانهم به..
- التصنيفات: السيرة النبوية -
لا تكاد تخلو صفحة من صفحات القرآن الكريم مِن ذِكْرٍ ليوم القيامة، ليس فقط لأنه ركنٌ من أركان الإيمان ولكن لأن الناس كثيرًا ما يغفلون عنه مع إيمانهم به، فقد قال تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم:7]، ولهذا كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُذَكِّر المسلمين دومًا باليوم الآخر.
ولم يكن يكتفي بما يكون من تذكيرٍ أثناء الخطب والدروس، إنما كان يفعل ذلك في أثناء اليوم والليلة في كل فرصة مناسبة، ومن ذلك ما رواه الترمذي -وقال الألباني: حسن- عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: « »".
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتحيَّن الفرص لكي يُذَكِّر الناس بيوم القيامة، فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} [آل عمران من الآية:180]» الآيَةَ، وروى البخاري عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « ».
وتَعَلَّم الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم سُّنَّة التذكير بيوم القيامة، فمارسوا ذلك في حياتهم، وانشغلوا بتَذَاكُر الساعة وصفتها، فقد روى مسلم عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: "اطَّلَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقَالَ: « » قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قَالَ: « ».
فلننشغل بهذا الأمر الجلل، ولْنُكْثِر من تذاكره والتذكير به، ولْنعلم أن الغفلة الحقيقية هي الغفلة عن يوم القيامة، فقد قال تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم:39].
ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].