دَعُوها فإنها مُنتنِة!
أبو فهر المسلم
دَعُوا التسبيح بحَمد الأوطان والتراب، ولا تَغرنَّكم القوميّاتُ البَغيضة، فقد ألقَى شباكهَا الماكرون ليَصيدوا ثمينًا فاخْذِلوهم! وابذلُوا طاقتَكم، واستفرِغوا وُسعَكم؛ في تطهير أوطانكم وتحريرها، فإمّا أن تُطهَّر من رجسها، وإلا فالخيرُ في هَجرها..
- التصنيفات: مذاهب فكرية معاصرة -
إن كثرة الحديث والدَّندنة دومًا حول أسماء البلاد والأوطان، وإعلاء اسم الوطن فوق كلّ قامة وقيمة، حتى أصبحَت الدُّول والبلاد والتراب أعظم قيمة، وأغلى ثمنًا من الأنفس والأموال والدماء والأعراض، إن هذه النبرات نبراتٌ خسيسة رخيصة، ساقطةٌ لقيطة.
إنها نبراتُ الحزبية المَقيتة، والقوميّة البَغيضة، والغَربية اللعينة، لا يمتدحُها بحال شرعٌ ولا دين، ولا سُنة ولا كتاب! إذ إن هذه النبرات؛ تقتل الولاء الشرعيّ في قلوب المؤمنين، الذي مُقتضاه: نُصرة المؤمن لأخيه المؤمن، في الشرق كان أم في الغرب، وجعْل المسلمين كالجسد الواحد، والروح والواحدة..
ورفع شعار الحبّ والبُغض في الله على غير، وجعْل الولاء على الدّين والإسلام، لا على التراب والأوطان، فبدلًا من هذا الولاء الشرعيّ، أصبح الولاءُ للحدود والتراب، والأجناس والألوان، والعِرقيات والأوطان، والدُّول والبلدان، وأصبح الطواغيت شرقًا وغربًا يُعلون هذه النبرات القوميّة اللعينة، ويرفعون ألويتَها، ويَلهجون بذِكرها، ويُحاربون ويُسالِمون على نَتنِها، ويَخدعون رعاياهم وشُعوبهم باسمها، ويمكرون بهم تحت ظِلّها..
حتى قدَّس المساكينُ بقاءَ التراب على أرواح الأحباب، فَهان الولدُ على أمّه وأبيه، والأخُ على صِنوه وأخيه، والزوجُ على زوجه وبَنيه، والرجل على أهلِه وذَويه، كلّ ذلك باسم التراب، ولأجل التراب، وافتداء التراب!
فلَإن كان هذا قبيحًا على لسان الطواغيت وسادَتهم ومَحافلهم، فكيف به على لسان شيخٍ، أو عالِم، أو داعية، أو مُصلِح؟!
لا شكّ أنه أقبح وأطمّ! والحقّ الذي أتَى به الشرعُ والدّين: هو تعظيم الأوطان لا لذواتها وترابها وحدودها وأقطارها، وإنما لمَا اختلط بها، واحتضَن ترابُها، وقام على أرضها من دينٍ وإسلام، وحِفظٍ للحُرمات والأعيان، وإعلاءٍ لراية الحقّ والإيمان، وتمكينٍ للسُّنة والقرآن، وتحقيقٍ للعدل والإحسان، وتقديم ذلك على التراب والأوطان.
فها هنا فقط تُمدَح الأوطان، وهذه حقًّا هي الأرض التي مَن قُتل دونها فهو شهيد!
أما إذا خلَت عن ذلك وضيّعَته، أو استبدلَت به أضداد ذلك فلا كرامة لوطن، ولا تقديس لتراب، ولا قيمة لأرض!
والدَندَنة على اسم الوطن -والحالةُ هذه- تدليسٌ وتضليل! خاصَّة إذا أرادها هكذا الطواغيتُ وأذنابُهم.
فدَعُوا التسبيح بحَمد الأوطان والتراب، ولا تَغرنَّكم القوميّاتُ البَغيضة، فقد ألقَى شباكهَا الماكرون ليَصيدوا ثمينًا فاخْذِلوهم! وابذلُوا طاقتَكم، واستفرِغوا وُسعَكم؛ في تطهير أوطانكم وتحريرها، فإمّا أن تُطهَّر من رجسها، وإلا فالخيرُ في هَجرها، وإلى الله المُشتكَى.