لم أعد أستمتع بالمعصية ولكن!
إياد قنيبي
إنه شلل الإرادة، وإلفُ المعصية، والخوف من المجهول إن تركها، وعدم اليقين بأن الله سيعوضه ويعمر حياته بخير منها.
- التصنيفات: التوبة - أعمال القلوب - الطريق إلى الله -
كثيرًا ما يصل الإنسان إلى مرحلة لا يعود يستمتع بالمعصية، لكنه (لا يستطيع تركها) على حد تعبير من ابتُلي بذلك.
لماذا لا يتركها ما دام لا يستمتع بها؟ وما دام لا يجني منها إلا الإثم ووخز النفس اللوامة؟
إنه شلل الإرادة، وإلفُ المعصية، والخوف من المجهول إن تركها، وعدم اليقين بأن الله سيعوضه ويعمر حياته بخير منها.
يصل الإنسان حالة تشبه بعض أنواع الإدمان، حيث لا يعود المرء يحصل النشوة من تعاطي المادة الإدمانية، لكنها مع ذلك متعلق بها نفسيًا ويخاف من تركها ويتخلى عن ماله وأخلاقه في سبيل تحصيلها.
وللمعاصي كذلك إدمان.. فكأن المدمن عليها عبد بائس حزين مقيد بأغلال وهمية يجره الشيطان منها! هي وهمية، لكنه لا يملك الجرأة ليحاول إهمالها ثم إعطاء ظهره للشيطان ليسير عكس الاتجاه الذي يجره إليه.
وكأن هذا (المدمن) ناله نصيب من قوله تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ} [المجادلة من الآية:19].
إنه استحواذ بحيث يتملك الشيطان العبد مقابل لا شيء! ولا حتى مقابل متاع الدنيا الرخيص! والذي يُبقي العبد في هذا الاستحواذ البائس: {فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ} [المجادلة من الآية:19]. كأن العبد نسي أن له ربًا بإمكانه أن يستعين به ليخلصه مما هو فيه.
أيها المدمن الحزين! ألم تر أن الشيطان ما مُكن أن يأتيك إلا من أربع جهات: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:16-17].
ولم يُمكَّن أن يأتيك من فوقك فيحول بينك وبين رحمة الله تعالى.
فهلَّا رفعت رأسك وقلت: (يا رب)؟!
فإنه: {مَّا يَفْتَحِ اللّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} [فاطر من الآية:2].