[18] قلب يقلب المعركة
قال ابن الجوزي: "الشجاع يلبس القلب على الدرع، والجبان يلبس الدرع على القلب".
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
قد يدخل قلبٌ المعركة فيقلب الهزيمة الساحقة نصرًا مبينًا خاصة إن كان من نوع قلب أبي طلحة رضي الله تعالى عنه الذي شهد له النبي صلى الله عليه وسلم: « » (صحيح الجامع).
صوته فحُسب بألف فكيف بسيفه؟! وهل بلغ هذا إلا بقلبه وما يحويه قلبه؟ وهل هذا إلا نتاج شجاعته وإقدامه وثباته وإيمانه وهي كلها أعمال قلوب؟! رحمة الله عليه وكأنه يشرح بفعله معنى قول ابن الجوزي: "الشجاع يلبس القلب على الدرع، والجبان يلبس الدرع على القلب".
ليدخل بذلك في زمرة من عناهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «
ومعنى آخِر مقطعٍ في الحديث: « »: أن هزيمة أي جيش إن بلغ هذا العدد لا تكون بسبب قلته لكن بسبب قلوب جنوده، فهل علمتم الآن سبب غثائية الأمّة وكثرة زبدها وضعف قوتها ووهن عزيمتها وتبوئها ذيل الأمم؟
وفي المقابل: قد ينقلب قلب نصر الأمة هزيمة ماحقة، فإن مرضًا واحدًا من أمراض القلب وهو الوهن كان كافيًا لتسلط حفنة من اليهود لا تجاوز ملايينها عدد أصابع اليدين على مقدَّرات أمّة فاق عددها الألف ومائتي مليون مسلم، إن قلوبنا هي سلاحنا الحقيقي في معركتنا الفاصلة مع العدو، لذا كانت ولا زالت هي هدف العدو الأساسي ومرمى سهامه الوحيد، يبث فيها السم ليتفشى فيها الداء ؛ فتبقى دوما طريحة فراش الشهوات والأمنيات، وتترك بوابة الأمّة مفتوحة على مصراعيها لغارات العدو بعد أن رفعت رايتها البيضاء مستسلمة.
ويعضِّد هذا قول رسولنا صلى الله عليه وسلم: «
» (السلسلة الصحيحة)، وهي كما ترى ليست أعمال جوارح بل أعمال قلوب، فاعلم قدر قلبك وأعطه ما يستحق واعتن به يا غافلًا عن أثمن ما يملك!! نصر الأمّة في قلب وهزيمتها من قلب، فأي القلبين قلبك؟