المحتوى العربي خطوات نحو الطريق الصحيح
أبو الهيثم محمد درويش
المحتوى العربي يحتاج لتضافر جهود حقيقية؛ للارتقاء بالكاتب والقارئ العربي على حد سواء، وتوفير دعم مالي مباشر للأبحاث وقواعد البيانات والمحكمين والكتاب والباحثين العرب.
- التصنيفات: الواقع المعاصر - اللغة العربية -
لا شك أن المحتوى العلمي للأبحاث وأوراق البحث والمقالات العربية يعاني حاليًا من تدهور ملحوظ؛ لافتقاده في غالب الأحيان إلى المعايير العلمية الصحيحة والمنهج العلمي الثابت، وجنوحه إلى العاطفة والاعتماد في أغلب الأحيان على صناعة اللفظ التي تؤثر في وجدان القارئ.
وهذا الاتجاه الخاطىء الذي ينحوه المحتوى العربي نتج عنه فساد حقيقي في ذوق القارئ العربي، وبعد عن الحيادية العلمية لدى المثقف العربي، ويتجلى هذا في العصبية الواضحة والجنوح العاطفي لدى المثقف العربي عند أي حوار سياسي أو علمي.
والصدمة الكبرى للقارئ العربي تتجلى عندما يسأل عن الأبحاث العربية في قواعد البيانات العالمية، التي لا تعتد بالبحث العربي أو تعتد بالتحكيم العربي على الأبحاث، حتى يخضع البحث لمحكميها وبشرط تحويله للغات التي تعتمدها وليس منها اللغة العربية.
صورة لقاعدة بيانات (ERIC) وهي الأشهر في مجال التربية على المستوى العالمي، تبين خيبة الأمل التي تصادف من يبحث خلالها عن عنوان باللغة العربية.
http://team.islamway.net/uploads//monthly_07_2015/post-411-0-62263300-1437683940.gif
هذه المكانة المتدنية التي وصلت إليها أبحاثنا العربية حلها الوحيد في أيدينا نحن العرب، ولن يتفضل علينا سوانا بحل إشكالياتنا، لا شك أن بداية الطريق الصحيح هو الاهتمام بمستوى المتعلم العربي، وبالتالي سيرتقي أداء كاتب المحتوى العربي سواء: بحث أو ورقة علمية أو مقال علمي أو حتى مقال صحفي.
التعليم العربي يحتاج لجهود كبيرة ومتواصلة للخروج من أزمة الإخلاد للتعليم التقليدي، إلى الانطلاق نحو طرق وأساليب تعلم حديثة، تتيح للمجتمع تحصيل ما فاته بأبسط الوسائل، مستغلين في ذلك الانفجار التكنولوجي الهائل الذي أنتج تطور سريع ومتواصل في وسائل الاتصال، ثم أخيرًا وسائل التواصل الثقافي والاجتماعي.
الاهتمام بالتعليم والترقي والإبداع في وسائل وطرق التدريس يعني:
كاتب متميز للمحتوى العربي.
قارئ متميز للمحتوى العربي.
لا بد أن تخضع كتاباتنا العربية للمنهجية العلمية، ولا بد أن تتواجد هيئات تحكيم عربية تقيم المحتوى المنشور بمعايير ودرجات تقدير متفق عليها وموزونة علميًا، سواء على مستوى البحث العلمي أو المحتوى الصحفي أو الإعلامي، الذي يعاني من اهتراء مبالغ فيه.
المحتوى العربي الحالي:
إما ورقي يعتمد على الدعم الحكومي، وبالتالي لا ينشر في الغالب إلا ما يناسب ويوافق سياسات الحكومات العربية، حتى وإن خالف المنشور معايير العلم والبحث، بل حتى المعايير العقلية والذوقية و هناك القليل من المحتوى الورقي الذي يعتمد على الجهد المالي للناشر أو المؤلف الجاد و هو يخضع للإمكانيات المادية التي تتيح له فرصة الانتشار و هي في الغالب محدودة .
وإما محتوى إلكتروني، وهو نوعان:
- مواقع لها توجهات مموليها، وفي الغالب يدخلها ويتابعها من يوافق هؤلاء الممولون فكريًا.
- مدونات وصفحات شخصية أصبحت وسائل شعبية للتعبير عن الرأي، تغلب عليها العاطفة والتعبير الفج عن الكبت الفكري الناتج عن القمع السياسي، المانع لحرية الرأي والفكر.
وكلا النوعان يفتقدان في الغالب للمعايير العلمية إلا ما ندر، وهذا النادر يفتقد للتمويل الحقيقي، حتى أن أبحاث ورسائل الباحثين العرب لا تجمعها قواعد بيانات لها وزنها وشهرتها وانتشارها المطلوب، بالرغم من توافر المال العربي.
وفي النهاية: فالمحتوى العربي يحتاج لتضافر جهود حقيقية؛ للارتقاء بالكاتب والقارئ العربي على حد سواء، وتوفير دعم مالي مباشر للأبحاث وقواعد البيانات والمحكمين والكتاب والباحثين العرب.
وأقل ما يمكن أن نقدمه بجهودنا الفردية كخطوة نحو الأمام هو: أن يلتزم كل كاتب عربي بالمعايير العلمية في الكتابة والتوثيق والحيادية الحقيقية البعيدة عن العاطفة والتعصب في توجيه القارئ.
دمتم بود.