الاتجار بالبشر مصير الروهنجيين الفارين

تصنِّفُ المنظمات الدولية الاتجار بالبشر بأنه من أبشع أشكال الجرائم في العصر الحديث، وتشبِّهُ التجارة بالبشر بالرق والعبودية التي كانت في الماضي من ناحية الملكية فقط.

  • التصنيفات: الواقع المعاصر -

تصنِّفُ المنظمات الدولية الاتجار بالبشر بأنه من أبشع أشكال الجرائم في العصر الحديث، وتشبِّهُ التجارة بالبشر بالرق والعبودية التي كانت في الماضي من ناحية الملكية فقط.
 
وتُدرُّ عملية الاتجار بالبشر مليارات الدولارات لأصحابها حسب تأكيدات منظمة الإنتربول، والواضح أن سوق الاتجار بالبشر سوق واسع ونشِط، يتمتع بحركة دائمة ويجد رواجًا كبيرًا، رغم أن القوانين الدولية صارمة وتوقع أشدَّ العقاب على ممارسي الاتجار بالبشر - كما يقولون - لكن الواقع يثبت أن تجارة البشر لا تجدُ عقوبات وقوانين رادعةً تمنع الدخول فيها وتشل حركتها، فهناك ما يقارب الـ 30 مليونَ شخصٍ تمَّ الاتِّجار بهم بأحد أنواع الاتجار بالبشر حسب إحصائية CNN في عام 2013م.
 
والغريب أن الأرقام في تزايد مخيف جدًّا، ويتم - غالبًا - استدراج ضحايا الاتجار بالبشر عن طريق الخداع والإكراه، ويتعرضون للإيذاء الجسدي والنفسي علاوةً على استعبادهم.
 
وإذا ألقيت نظرة سريعة إلى أكثر الشعوب تعرضًا للاتجار بهم تجد أنها الشعوب المضطهدة، وفي مقدمتهم الشعب الروهنجي الذي يلقَى أشدَّ أنواع الاضطهاد من قِبَل الحكومة البورمية مع سلب حقوق الروهنجيا في أرضهم ووطنهم، ومُصادرة جزء من أملاكهم، والتشديد في الحصار عليهم؛ لكي يخرجوا من أرض أراكان.
 
وعندما يريد هذا الروهنجي المظلوم الفرار من الظلم الذي هو فيه يقع تحت أيدي عصابات تجار البشر ليتنقل هذا الروهنجي الشارد من الظلم والتعذيب إلى مكان جديد يلقى فيه أنواع أخرى من التعذيب، فهذا الروهنجي الذي فرَّ بدينه وعِرضه وروحه من وطنه ما إن يصل إلى شواطئ بعض الدول المجاورة بعد رحلة طويلة وشاقة تستغرق أكثر من 10 أيام غالبًا حتى يجد عصابات التجارة بالبشر في انتظارهم، ويتم خداعهم بالمال والثراء والأمن الذي يبحث عنه ليتم بعد ذلك استغلاله من خلال الاتجار به، وهناك الفئة الثانية التي تخرج من أراكان بمراكب متهالكة فتتوقف هذه المراكب في وسط المحيط، فتتقدم إليهم عصابات التجارة بالبشر الذين يأخذون مقابلاً عاليًا من المال جرَّاء نقلهم على مراكبهم، وما إن تصل المراكب إلى الساحل حتى تستغل العصابات جهلَهم بالمنطقة التي وصلوا إليها، ببيعهم لدى عصابات المخدرات والجنس، وأيضًا يتم شراؤهم من قِبل أصحاب المزارع.
 
وأما النساء فيتم بيعهم كأزواج، وكثيرًا ما يتم بيعهم إلى مراكز الدعارة، وأما الشخص الذي لا يتم الاستفادة منه فيتم رميه في الشوارع!
 
ختامًا: نسمع كثيرًا أن المنظمات التابعة لحقوق الإنسان تندِّدُ أو تستنكر عمليات الاتجار بالروهنجيا، ولكن هذا التنديد لن يفيد الشعب الروهنجي إن لم يكن هناك عملٌ حقيقي في الميدان، والسعي الجاد بالتعاون مع حكومات الدول المجاورة لميانمار للحد من ظاهرة الاتجار بالشعب الروهنجي المظلوم، وأيضًا توفير الحماية والأمن للروهنجي الذي يفرُّ من الظلم والاستبداد والقهر.


محمود مختار