(47) قواعد في طلب العلم (5)
مدحت القصراوي
- التصنيفات: التربية والأسرة المسلمة -
ولا بد من التزكية..
عندما يسمع الإنسان العلم فهو يدخل الى قلبه؛ فإن وجد محلاً قابلاً كاعتقاد راسخ، وإن لم يجد محلاً قابلاً وأرضاً طيبة فإما أن ينقلع العلم بالكلية فيصير جاهلاً بعد العلم أو يتحول العلم إلى شك أو يبقى خواطر في النفس..
لو وجد محلاً قابلاً للإمساك بالعلم رسخ وبقي، لكن يبقى سؤال كبير هلك فيه الكثير.. وهو هل سيعطي هذا العلم موجبَه من الموافقة والموالاة والانقياد لهذا العلم؟ أم سيقابل موانع تمنع القلب من موافقة العلم، فيبقى العلم راسخاً كمعلومة لكنه لا يعطي إرادات نافعة؟
الكِبر مانع، وإيثار العاجلة على الآجلة مانع، الحسد مانع، حب الرياسة مانع، التقليد مانع، غلبة الشهوات مانع، ضعف الإرادة مانع، الخوف مانع.. وهكذا الكثير من موانع القلب البشري..
بهذا تعلم لماذا يقرن القرآن العظيم بين بيان الحق وبين خطاب القلب بالوعظ والزجر والترغيب في الآخرة والجنة والترهيب من عقوبة رب العالمين وبيان مغبة المعصية..
فتجد خطاباً تعليميًا للبيان وهزة عنيفة للنفس أو موجة مشوقة للجنة تكاد تشهق روحك معها من شدة الشوق.. ذلك أن القلب فيه قوتان تحتاجان للإيقاظ لينتفع العبد، قوة العلم والإدراك وقوة الإرداة والحب والعمل. ولا بد من إصلاحهما.
فلا يكفي أن تعلم الحق بل لابد من أن تعمل به..
فقد فرق تعالى بين العلم و التزكية فقال: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة:2] وقال تعالى في موطن آخر: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ} [البقرة:129] واعتبر بمن هلك رغم علمه..
يتبع إن شاء الله تعالى..