لَفَظاتُ مُحتَضِرٍ مِنْ قَلبِ غَزَّة العِزَّة

زوار طريق الإسلام

{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ
كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}...

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

لَفَظاتُ مُحتَضِرٍ مِنْ قَلبِ غَزَّة العِزَّة


رَبَّنَا إِنَّا مَسَّنَا الضُرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ..!!
{وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [سورة آل عمران: 139]...

بِسْـمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيـمِ

رَائِحةٌ مَلأتِ الآفاقَ...!!

أصوَاتٌ وَصَلت حتَّى الزِّقاقَ...!!

شُمُوعٌ أُضيئتْ...!!، وَمصَابيحُ أُسرجتْ...!!

عَويلٌ ونحِيبٌ ضَجَّ...!!

أمَّا الأولى: فرائحةُ الموتِ..
وأمَّا الثَّانية: فصوتُ العدْوانِ: قَصْفٌ.. إطْلاقُ نَارٍ.. وَتدمِيرٌ..
وأمَّا الثَّالثة: فظلامٌ دامسٌ بدونِ كَهرُباءٍ..
وأمَّا الرَّابعة: فحزنٌ وأسَىً على المفقودِ!!..

أَمَا علِمْتَ أين اجتمعتْ هذه الصِّفاتُ؟!!، و(تكاثرتْ) تلك المدلهماتُ؟!!

في غــــزَّةَ..... وما أدراكَ ما غـــزَّةُ...!!

الحمدُ للهِ القَائِلِ: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [سورة الأنبياء: 35]، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى نبيِّ الرَّحمةِ وإمامِ الأُمَّةِ القَائِلِ: «ما يُصيبُ المسلمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حَزَنٍ وَلا أَذَىً وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا إلاّ كَفَّرَ الله بِهَا مِنْ خَطَايَاه» [رواه البخاري].

((أَيَـا)) إِخْوَانِي...
لستُ أدري مِنْ أيْن أبدأ، وإلى أينَ انتَهِي؟!!

دُمُوعٌ تَذرِفُ عَلى وجْنَتيَّ سَحَّاً، حُزنَاً وَأسَىً وكَمَدَاً عَلى أُمَّتِي فِي غَزَّة، وَأهْلِي فِي أَرْضِ العزَّةِ!!

فَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ كمْ مِنْ دِمَاءٍ أُرِيقَتْ...!!

وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ كمْ مِنْ أَروَاحٍ أُزْهِقتْ...!!

وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ كمْ مِنْ مَساجِدَ قُصِفَتْ فَهُدَّمَتْ...!!

وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ كمْ هُوَ مُرٌ وَاقِعُنا أَليِمْ...!!

فِإلى اللَّهِ _لا إِلى سِوَاهُ_ نَشكُو ضعفَ حالِنَا، وَوَهَن يَقِينِنَا!، وهوانَنَا على النَّاسِ بل وهوانَنَا على أنفُسِنَا..!!

فـ(اللهمَّ) يا ربَّ العالمينَ ويا أرحمَ الراحمينَ إلى مَنْ تكلُ (عبادكَ) المُستضعَفِينَ في غزةَ،
إلى.....!!، أَمْ إلى.....!!

أهوَ بَلاءٌ أم امِتحانٌ وابتلاءٌ...؟!!

فإن كانت الأولى فنسألُ اللهَ العافيةَ منْ كلِّ بلاءٍ وشرٍّ وفتنةٍ!!

وإن كانت الثانية فنسأَلُهُ-سبحانهُ-الثباتَ والتثبِيتَ والرَّبطَ على القلوبِ!!

يا أيُّها الذيـنَ آمنُوا.....
في خِضَمِّ هذه النَّازلةِ، وفي أتُوُنِ هذه (الرَّزِيَّةِ) العَاصِفَة...

نسألُ... لكي نضعَ أيْدِيِنَا على مكمَنِ الدَّاءِ؟!!

أحكامٌ.. أم أعداءُ.. أم تفرقٌ.. أمْ مَاذا؟، ما هوَ الدَّاءُ؟!

نعـم، ما هو الدَّاءُ...؟، لكي نضعَ الدواءَ...

وخَيْرُ مجيبٍ على هذهِ التساؤلاتِ، وهِاتيكَ الاستفساراتِ قولُ ربِّ الأرضِ والسماواتِ:
{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ..} [سورة آل عمران: 165].

نعـم، هوَ من عندِ أنفُسِنَا!!

وبِمـا كَسَبـتْ أيْدِينَـا!!

إذًا وجدَ الداءُ، فما هوَ الدَّواءُ يا عبادَ اللهِ حتَّى نَتجرَّعُهُ ولو كانَ مُرَّاً علْقَماً، ولكنَّه حُلْوُ مستساغٌ!!

إنَّهُ العَوْدُ والأَوْبُ إلى اللهِ والفرارُ منهُ إليهِ: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} [سورة الذاريات: 50-51].

نعم أيَـا أحبابُ وإنْ جلَّ المُصابُ..
فلابدَّ مِنَ العَوْدِ و(العَوْدِ الصَّادقِ) لرَبِّ الأربابِ ومُسبِّبِ الأسبابِ (فإنهُ لا ملجأَ ولا مَنْجَى منهُ إِلا إليهِ)

فبِهِ =(العَوْدُ)
تدفعُ المصائِبُ، ويُستراحُ منَ المتاعبِ!!

وبِهِ =( العَوْدُ)
يُمكَّنُ لنا في الأرضِ!!

وبهِ =( العَوْدُ)
ننتصرُ على العدُوِّ الغاصِبِ!!

وبِـهِ
لا يضرُّنَا كيدُهُم شيْئَاً، ((نعــم)):
ألمْ تسمعْ قولَ ربِّنا _جَلَّت قُدرتُه_: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [سورة آل عمران: 120].

تخافونَ من كيدهمْ؟!!، تخشونَ من بطشهمْ وسطوتهمْ؟!!

الصبرُ والتَّقْوى يَدفعانِ البلوَى!!!

فالصـبرَ الصبرَ أهلَ غزَّةَ...

والتَّقْوى التَّقْوى أهلَ غزَّةَ...

العَـوْدَ العَوْدَ أهلَ غزَّةَ...

والأَوْبَ الأَوْبَ أهلَ غزَّةَ...

وإن أردتمْ معيَّةَ اللهِ _عبادَ اللهِ_ فلا بُدَّ من تحقيقِ ذّيْنِكَ الشَّرطَينَ وهمَا: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} [سورة النحل: 128].

واللهِ لا بُدَّ لنا منْ وقفَةٍ صادِقةٍ مع أنفسِنَا..!!

لا بُدَّ لنا منْ صَحوَةٍ من سُباتِنَا..!!، وانْتِبَاهٍ منْ غفوَتِنَا..!!، وإفَاقَةٍ من غَفلتِنَا..!!

فاللهَ اللهَ في الرُّجوعِ إلى دِينِ اللهِ..

واللهَ اللهَ في التَّمسُّكِ بحبْلِ اللهِ المتِينِ..

واللهَ اللهَ في السيرِ على خُطَى سَيِّدِ المُرسلِينَ..

ولا نريدُ أن نَّزيدَ؟؟!!

هَمَسَاتٌ وَدِدْتُ أنْ أكتُبَهَا وأُسَطِّرَهَا مِن قَلبٍ مُحترِقٍ عَايشَ ألمَ الواقعِ الأليمِ، علَّهَا تجدُ آذَاناً صَاغيةً وقُلوباً واعِيَةً بَدلاً منَ المُظاهراتِ والهُتافاتِ والحِزبياتِ....!!

فالأخِيراتُ لا تجرُّ إلا الوَيلاتَ..!!

اللهـمَّ يا مغيـثُ.. يا مغيـثُ.. يا ذا الجـلالِ والإكـرامِ.. يا حَـيُّ يا قيُّـومُ
برحمتِكَ نستغيثُ.. برحمتِكَ نستغيثُ.. برحمتِكَ نستغيثُ
نسألكَ أن تفرِّجَ عنَّا.. نسألكَ أن تغيثَنَا.. نسألكَ أن ترحمَنَا

اللهمَّ إنكَ أرحمُ بنا مِن أمهاتِنَا.. إلى مَن تَكلُنَا.. إلى عدوٍ يَتَجَهَّمُنا و(يُبيدُنَا).. إنْ لمْ يكنْ بكَ غضبٌ علينَا فلا نُبالي.. لكنَّ رحمتكَ أوسعُ لنا يا رَحيــمُ يا رَحيــمُ.

يا وَدُودُ يا وَدُودُ.. يا ذا العرشِ المجيدِ .. يامُبدئُ يا معيدُ.. يا فعَّالاً لما تريدُ
نسأَلُكَ بِنُورِ وجهِكَ الذِي مَلأَ أَركَانَ عرشِكَ، ونَسألُكَ بقدرَتِكَ التِي قَدِرتَ بِها على جميعِ خلقِكَ، ونَسألُكَ برحمتِكَ التيِ وَسِعَتْ كُلَّ شَيءٍ أَنْ تَرفَعَ الضُّرَّ والبَلا وتَكشِفَ السُّوءَ وَالبِلا.

نفَثاتُ مصدُورٍ ..وتأوُّهاتُ مَنْحُورٍ
كَتَبـــَها على ضُـوءِ المِصبَاحِ
وعـلى صَـوتِ أزيزِ الطَّـائراتِ
ودَوَي المدافعِ والصَّوارِيخِ الغّادِراتِ

 


محمُودُ بْنُ محمَّد حَمَدان
المَغَازي _غَزَّة _فِلَسطِين
الأربعاء 10_محرم_1430
من هجْرة النبيِّ الأمينِ.



المصدر: زوار الموقع