من "رملة" إلى من تراه من المؤمنات
عبد الملك بن محمد القاسم
- التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة -
لكل ملة من الملل ونحلة من النحل تميز يميزهم عن غيرهم.. عبادة
وتعاملاً ومعابد.. بل وحتى ملابس.. فهي الأخرى من شعارات الأمم
الظاهرة، فهذا اللباس هندي، وذاك ياباني، وآخر أوروبي!
والمرأة المسلمة المؤمنة لها تميزها الكامل والواضح في طاعة ربها، وامتثال أمره، واجتناب نهيه.. وهي تتعبد الله عزّ وجلّ في كل لحظاتها وسكناتها، وفي كل أمر عظم أو صغر لأن مصدر التشريع هو الله عزّ وجلّ..
فها هي المؤمنة تعبد الله عزّ وجلّ بالصلاة تقيمها وتؤديها، ثم هي مرة أخرى تترك الصلاة لعذر شرعي وتتعبد الله عزّ وجلّ بهذا الترك.. فما أجمل الامتثال وما أنصع التسليم !!
هاهي التوابة الأوابة تلقي جانباً ما استجدّ من أنواع العباءات وهي تتأمل وتقول: أنا لست ألعوبة بأيدي من يريد إسقاط الحجاب.. ولست دمية يعبث بها العابثون.. أنا امرأة مسلمة أسلم بأمر الله ورسوله في الستر والعفاف، ولا تقوم قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام، والعباءة ليست ثوباً وكساءً فحسب بل هي عبادة وطاعة وطريق جنة ومورد نجاة!
وتلك العباءة الساترة المحتشمة أبرز مظاهر المرأة المسلمة التي لا تتحرك ولا تهمس إلا بأمر، ولا تقوم ولا تقعد إلا بأمر الشرع المطهر مثل شقيقها الرجل، لذا فهي تسير واثقة الخطا، ملقية جانباً: ما خالف الشرع، مبتعدة عن المطايا المسمومة التي يريدها الأعداء والمغفلون أن تعتلي ظهرها لتطرحها حيث شاءوا!!
إنها صاحبة موقف وقدوة.. وكلما رابها أمر واستجدت محدثة وألقى الأعداء لها بسهام.. تمثَّلت مواقف المؤمنات الخالدات، الصالحات القانتات، وعادت سريعاً إلى ربها محافظة على دينها وعفافها وحيائها.. تعلم علم اليقين أن خير أعمالها القرار في بيتها، وزينة عملها وأجلها للأمة أن يخرج من تحت يدها الحنون أمثال عمر وخالد وعمار ومعاذ..
هاهي الحييَّة التقية النقية التي تُعدّ لراية الإسلام يداً لا تسقط من المجاهدين والدعاة والمصلحين.. تتأمل فيما جرى لأم حبيبة رضي الله عنها، رملة بنت أبي سفيان.. زعيم مكة وقائدها.. فقد كانت زوجة لابن عمة الرسول صلى الله عليه وسلم عُبيد الله بن جحش الأسدي، وقد أسلم زوجها عُبيد الله وأسلمت رملة معه. وهاجرت مع زوجها إلى الحبشة وتركت موطنها وأباها أبا سفيان وتركت الدار والأحباب طلباً لرضا الله عزّ وجلّ.. ولكن الحياة لم تَصْفُ لهذه المؤمنة الصابرة المهاجرة فقد فُجعت بعد حين برِدّة زوجها عُبيد الله عن الإسلام ودخول النصرانية.. وجاهد أن يردها عن دينها فأبت وثبتت على دينها كالجبال الرواسي والتزمت الصبر وتعاهدت الدعاء، وكانت قد وضعت ابنتها حبيبة التي كُنيت بها، فصارت تدعى "أم حبيبة" وكانت في نهارها وليلها مهمومة مغمومة مفجوعة في أهلها وزوجها تتناوبها الوحشة والغربة حيناً والفجيعة والحزن حيناً آخر.. وكادت أن تهلك غماً وكمداً وأسى وحسرة، فهي امرأة مسكينة وحولها طفلة صغيرة وزوج تنصَّر، وفي مكة أب مشرك تربَّص بها وبالمسلمين الدوائر.. ولم يُبرِّد وجعَ كبدها وأنَّة قلبها.. إلا طارقٌ أتى إلى النجاشي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب منه أن يزوج أم حبيبة برسول الله صلى الله عليه وسلم.. وقرَّت عين أم حبيبة وتدثرت بشرف عظيم حين تسمت بأم المؤمنين وأزال الله ما بقلبها من حزن وقلق وهم وغم.
وتتابع الأيام والشهور فإذا بالفجر الصادق يلوح في أفق المدينة النبوية مبشراً بنصر مؤزَّر وفتح لمكة قريب بعد أن نقض المشركون صلح الحديبية..
فحاروا في استعداد المسلمين وقدموا وأخروا واستشاروا.. وقرروا أن يبعثوا من يثني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فتح مكة ويؤجله ولو إلى حين، فكان رسولهم إلى المدينة أبا سفيان ابن حرب- والد أم المؤمنين "رملة" قبل إسلامه.. الذي تسلل تحت جنح الليل في هدوء وحذر حتى استقر به المقام في المدينة وهتف قلبه.. أن سِرْ إلى ابنتك رملة فلن تُخيب ظنك ولن تفشي سرك وستكون يداً لك.. وتنازعته رغبة الأبوة وحنانها فأدرك ذلك كله بالخطا السريعة إلى منزل ابنته رملة يريد أن يدخل بيتها.. ولم تكن رأته منذ هاجرت إلى الحبشة قبل سنوات طويلة، فوقفت تنظر إليه بادية الدهشة والحيرة وقد عقدت المفاجأة لسانها، وأدرك والدها ما نزل بابنته من هول المفاجأة والمباغتة فأعفاها من أن تأذن له بالجلوس وتقدم بعاطفة الأبوة ليجلس على الفراش وهو مطمئن الفؤاد.. ولكن أنطق الله عزّ وجلّ لسان رملة رضي الله عنها وحرك يدها فاختطفت الفراش وطوته عن أبيها فقال لها متسائلاً: يا بُنية، ما أدري أرغِبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عني؟ فأجابته جواباً أذهله.. قالت: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت رجل مشرك، فلم أحب أن تجلس عليه.
لقد محضت أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان- رضي الله عنهما- ولاءها لله، فلم تَأْسَ على زوج تنكَّب عن الصراط وارتد عن دينه، وتحملت في غربتها الضيق والمعاناة، ثم هاهي تتغلب على عاطفة الأبوة وتظهر ولاءها لله ورسوله وللمؤمنين، وبراءتها من الكفار والمشركين، حتى وإن كان أباها أو أخاها..
تأملت مؤمنة هذا الزمن موقف أم المؤمنين وتأسفت على حال أخواتها وكيف عصفت بهن الفتن، فقلَّ الدِّين وضعف الاتباع، وأصبح البعض منهن يتقلبن في يد كل ساقط وخلف نداء كل ناعق، ولذا ظهرت أنواع من العباءات غير المحتشمة، وترجلت النساء، وندر الحياء، وكثرت الخرَّاجات الولاَّجات، ممن همهن الموضة والأزياء ولو على حساب دينهن!!
zلقد طال بمؤمنة هذا الزمن التفكير وألقت عصا الترحال وهي ترسل الطرف وتقلب النظر وتتأمل عباءة اسمها "العباءة الفرنسية" وتساءلت في عجب: منذ متى والفرنسية تلبس العباءة؟ وأهمَّها سؤال أشد إيلاماً.. منذ متى والفرنسية الكافرة تهتم بحجاب المرأة المسلمة وتعتني به؟! وأسقط في يد مؤمنة هذا الزمن وهي ترى تلك العباءة وشكلها!
أختي المسلمة: هذه رسالة كُتبت بدموع الصبر، وأنين الفاجعة، وصدق التوكل، وثبات اليقين، والرغبة فيما عند الله عزّ وجلّ.. إنها أيتها المؤمنة رسالة من أم المؤمنين "رملة" إليك خاصة، فما هي رسالتك أنت للأجيال القادمة؟!
دار القاسم: المملكة العربية السعودية_ص ب 6373 الرياض 11442
هاتف: 4092000/ فاكس: 4033150
البريد الالكتروني: [email protected]
الموقع على الانترنت: www.dar-alqassem.com
والمرأة المسلمة المؤمنة لها تميزها الكامل والواضح في طاعة ربها، وامتثال أمره، واجتناب نهيه.. وهي تتعبد الله عزّ وجلّ في كل لحظاتها وسكناتها، وفي كل أمر عظم أو صغر لأن مصدر التشريع هو الله عزّ وجلّ..
فها هي المؤمنة تعبد الله عزّ وجلّ بالصلاة تقيمها وتؤديها، ثم هي مرة أخرى تترك الصلاة لعذر شرعي وتتعبد الله عزّ وجلّ بهذا الترك.. فما أجمل الامتثال وما أنصع التسليم !!
هاهي التوابة الأوابة تلقي جانباً ما استجدّ من أنواع العباءات وهي تتأمل وتقول: أنا لست ألعوبة بأيدي من يريد إسقاط الحجاب.. ولست دمية يعبث بها العابثون.. أنا امرأة مسلمة أسلم بأمر الله ورسوله في الستر والعفاف، ولا تقوم قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام، والعباءة ليست ثوباً وكساءً فحسب بل هي عبادة وطاعة وطريق جنة ومورد نجاة!
وتلك العباءة الساترة المحتشمة أبرز مظاهر المرأة المسلمة التي لا تتحرك ولا تهمس إلا بأمر، ولا تقوم ولا تقعد إلا بأمر الشرع المطهر مثل شقيقها الرجل، لذا فهي تسير واثقة الخطا، ملقية جانباً: ما خالف الشرع، مبتعدة عن المطايا المسمومة التي يريدها الأعداء والمغفلون أن تعتلي ظهرها لتطرحها حيث شاءوا!!
إنها صاحبة موقف وقدوة.. وكلما رابها أمر واستجدت محدثة وألقى الأعداء لها بسهام.. تمثَّلت مواقف المؤمنات الخالدات، الصالحات القانتات، وعادت سريعاً إلى ربها محافظة على دينها وعفافها وحيائها.. تعلم علم اليقين أن خير أعمالها القرار في بيتها، وزينة عملها وأجلها للأمة أن يخرج من تحت يدها الحنون أمثال عمر وخالد وعمار ومعاذ..
هاهي الحييَّة التقية النقية التي تُعدّ لراية الإسلام يداً لا تسقط من المجاهدين والدعاة والمصلحين.. تتأمل فيما جرى لأم حبيبة رضي الله عنها، رملة بنت أبي سفيان.. زعيم مكة وقائدها.. فقد كانت زوجة لابن عمة الرسول صلى الله عليه وسلم عُبيد الله بن جحش الأسدي، وقد أسلم زوجها عُبيد الله وأسلمت رملة معه. وهاجرت مع زوجها إلى الحبشة وتركت موطنها وأباها أبا سفيان وتركت الدار والأحباب طلباً لرضا الله عزّ وجلّ.. ولكن الحياة لم تَصْفُ لهذه المؤمنة الصابرة المهاجرة فقد فُجعت بعد حين برِدّة زوجها عُبيد الله عن الإسلام ودخول النصرانية.. وجاهد أن يردها عن دينها فأبت وثبتت على دينها كالجبال الرواسي والتزمت الصبر وتعاهدت الدعاء، وكانت قد وضعت ابنتها حبيبة التي كُنيت بها، فصارت تدعى "أم حبيبة" وكانت في نهارها وليلها مهمومة مغمومة مفجوعة في أهلها وزوجها تتناوبها الوحشة والغربة حيناً والفجيعة والحزن حيناً آخر.. وكادت أن تهلك غماً وكمداً وأسى وحسرة، فهي امرأة مسكينة وحولها طفلة صغيرة وزوج تنصَّر، وفي مكة أب مشرك تربَّص بها وبالمسلمين الدوائر.. ولم يُبرِّد وجعَ كبدها وأنَّة قلبها.. إلا طارقٌ أتى إلى النجاشي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب منه أن يزوج أم حبيبة برسول الله صلى الله عليه وسلم.. وقرَّت عين أم حبيبة وتدثرت بشرف عظيم حين تسمت بأم المؤمنين وأزال الله ما بقلبها من حزن وقلق وهم وغم.
وتتابع الأيام والشهور فإذا بالفجر الصادق يلوح في أفق المدينة النبوية مبشراً بنصر مؤزَّر وفتح لمكة قريب بعد أن نقض المشركون صلح الحديبية..
فحاروا في استعداد المسلمين وقدموا وأخروا واستشاروا.. وقرروا أن يبعثوا من يثني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فتح مكة ويؤجله ولو إلى حين، فكان رسولهم إلى المدينة أبا سفيان ابن حرب- والد أم المؤمنين "رملة" قبل إسلامه.. الذي تسلل تحت جنح الليل في هدوء وحذر حتى استقر به المقام في المدينة وهتف قلبه.. أن سِرْ إلى ابنتك رملة فلن تُخيب ظنك ولن تفشي سرك وستكون يداً لك.. وتنازعته رغبة الأبوة وحنانها فأدرك ذلك كله بالخطا السريعة إلى منزل ابنته رملة يريد أن يدخل بيتها.. ولم تكن رأته منذ هاجرت إلى الحبشة قبل سنوات طويلة، فوقفت تنظر إليه بادية الدهشة والحيرة وقد عقدت المفاجأة لسانها، وأدرك والدها ما نزل بابنته من هول المفاجأة والمباغتة فأعفاها من أن تأذن له بالجلوس وتقدم بعاطفة الأبوة ليجلس على الفراش وهو مطمئن الفؤاد.. ولكن أنطق الله عزّ وجلّ لسان رملة رضي الله عنها وحرك يدها فاختطفت الفراش وطوته عن أبيها فقال لها متسائلاً: يا بُنية، ما أدري أرغِبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عني؟ فأجابته جواباً أذهله.. قالت: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت رجل مشرك، فلم أحب أن تجلس عليه.
لقد محضت أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان- رضي الله عنهما- ولاءها لله، فلم تَأْسَ على زوج تنكَّب عن الصراط وارتد عن دينه، وتحملت في غربتها الضيق والمعاناة، ثم هاهي تتغلب على عاطفة الأبوة وتظهر ولاءها لله ورسوله وللمؤمنين، وبراءتها من الكفار والمشركين، حتى وإن كان أباها أو أخاها..
تأملت مؤمنة هذا الزمن موقف أم المؤمنين وتأسفت على حال أخواتها وكيف عصفت بهن الفتن، فقلَّ الدِّين وضعف الاتباع، وأصبح البعض منهن يتقلبن في يد كل ساقط وخلف نداء كل ناعق، ولذا ظهرت أنواع من العباءات غير المحتشمة، وترجلت النساء، وندر الحياء، وكثرت الخرَّاجات الولاَّجات، ممن همهن الموضة والأزياء ولو على حساب دينهن!!
zلقد طال بمؤمنة هذا الزمن التفكير وألقت عصا الترحال وهي ترسل الطرف وتقلب النظر وتتأمل عباءة اسمها "العباءة الفرنسية" وتساءلت في عجب: منذ متى والفرنسية تلبس العباءة؟ وأهمَّها سؤال أشد إيلاماً.. منذ متى والفرنسية الكافرة تهتم بحجاب المرأة المسلمة وتعتني به؟! وأسقط في يد مؤمنة هذا الزمن وهي ترى تلك العباءة وشكلها!
أختي المسلمة: هذه رسالة كُتبت بدموع الصبر، وأنين الفاجعة، وصدق التوكل، وثبات اليقين، والرغبة فيما عند الله عزّ وجلّ.. إنها أيتها المؤمنة رسالة من أم المؤمنين "رملة" إليك خاصة، فما هي رسالتك أنت للأجيال القادمة؟!
دار القاسم: المملكة العربية السعودية_ص ب 6373 الرياض 11442
هاتف: 4092000/ فاكس: 4033150
البريد الالكتروني: [email protected]
الموقع على الانترنت: www.dar-alqassem.com
المصدر: دار القاسم