يا يوسف هذا العصر، استعصم
حنان لاشين
لا تجعل أحلام اليقظة تقتل شبابك وتنهش في لحظات عمرك، فتظل مكانك لأنك مسحور بحلاوة الأحلام فقط، فتتحول إلى كائن حي يضج بالحيوية لكنه مشلول، يسير في مكانه فقط ويبحث عن متعة لحظية ومدمرة؛ ولا تعمل لأنك تكتفي بالحلم والتمني.
استعصم…واصبر…وتشبّه بيوسف.
- التصنيفات: قضايا الشباب -
يا ولدي، أمراهق أنت؟ أم شابا وحيدا يجلس في غرفته؟
تنفي أنك مراهق، لكنك مرهق مما يشغلك، هل رأيت صورتها على التلفاز، فخُطف قلبك، واهتزت مشاعرك، وأنت متقوقع بجوار أمك، وخلفك أباك، لكنك لا تستطيع أن تصرخ "أنقذوني، فأنا في نار يا أماه"
هل أنت، وبدون قصد وقعت عينك على شاشة الحاسوب، فرأيت ما زلزل جسدك؛ وسلب من عينيك النوم لأيام؟
هل رأيته يحتضنها وهو يغني فتمنيت هذا للحظات؟
سبحان الله؛ لك الحمد يا ربنا أنك أنت وحدك سبحانك تعلم ما تخفي الصدور.
أرأيت كيف سترك الله؟ فكيف تعصاه؟
يا ولدي... لسنا ملائكة، ولسنا إنسانات آلية مبرمجة على طاعة دائمة، ولكننا لا نحلّي المعصية؛ ولابد أن نصارع تلك العجوز الشمطاء التي تتحلى لتفتننا وتأتي في صور جميلة.
إن الله سبحانه وتعالى هو أعلم بحالك، وعندما خلقك ووضع فيك تلك الشهوة، يعلم سبحانه وهو العادل والرحيم أيضا؛ أنك تملك من العزيمة والإصرار ما يقويك على التوبة والإستعصام والإقلاع عن إرتكاب أي ذنب تحت ستار تلك الشهوة.
فالله يعلم أنك إن ذكرته سيعينك، وأنك إن أسرعت إلى الوضوء والصلاة سيحفظك، وأنك إن تجنبت الجلوس وحيدا لفترات طويلة سيؤنسك، إن تعرضت للوحدة رغم أنفك (وما أجمل أن تأنس بالحبيب سبحانه وتعالى)،
ألا تحب أن تستعصم يا (يوسف العصر الحديث)؟ ألا تعرض عن صورة المرأة المتجملة، بل والرائعة الجمال؟ فلاشك أنهن موجودات ولكنك تعرض تماما كما أعرض سيدنا يوسف، وتقول معاذ الله، وحتى إن نهشت صدرك الشهوة!
تخيل أنه أحب السجن والوحدة والجدران الأربعة، فكان أحب إليه من تلك الشهوة، والتي جاءته سهلة، فاستعاذ بالله وطلب منه أن يصرف عنه كيدهن.
هيا أطلبها من ربك، ليصرفها ويصرفهن عنك.
يا بني إن النساء المتعريات تماما كحلوى يعف عليها الذباب النتن، فلا تشارك الذباب تلك الحفلة، وحتى إن كانت الحلوى جميلة، فلا تذقها لأنها ملوثة، وفي النهاية مصير من يتناولها (النار)…أقصد المرض والمستشفى.
ولك أن تشتهى حلالا من عند الله، وربما تحلم ولو قليلا بزوجة صالحة، ولكن لا تجعل أحلام اليقظة تقتل شبابك وتنهش في لحظات عمرك، فتظل مكانك لأنك مسحور بحلاوة الأحلام فقط، فتتحول إلى كائن حي يضج بالحيوية لكنه مشلول، يسير في مكانه فقط ويبحث عن متعة لحظية ومدمرة؛ ولا تعمل لأنك تكتفي بالحلم والتمني.
استعصم…واصبر…وتشبّه بيوسف.
أعلم أن قلبك ليس من حجر، وأنك أحيانا تضعف، لكنك قوي بالله؛ فاستعن به، وأتبع السيئة الحسنة تمحها؛ وكلما ازددت جهادا لنفسك؛ ستشعر بقربك من الله؛ وسترتاح نفسك، ويهون الأمر.
ولا تظن أن الشيطان سيتركك؛ بل سيعرض على مخيلتك صورة ما؛ أو حوار غرامي من فيلم ما؛ أو ربما فكرة شيطانية من إبتكاره.؛ فاستعن برب الأرباب وكن على يقين أنك بالإستعاذة ستحرق الشيطان.
أعانك الله على نفسك؛ وطيبها بذكره، وأسأله أن يرزقك صحبة صالحة تعينك، وأن يحشرك مع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يجعلك من أصحاب يوسف.
يا ولدي... وأخي في كل مكان...