{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}
أبو الهيثم محمد درويش
صور من الفساد انتشرت بين المسلمين حتى كاد الناس يتنفسونها.
انتشر الربا وصارت له بيوت مقننة وأشكال منظمة حتى قارب الأمر الاستحلال.
انتشر الغصب سواء كان غصب أموال عامة أو خاصة.
انتشرت السرقات والتعدي على حقوق الناس بسبب انتشار الفقر والحاجة وقلة الواعز الديني والتضييق على المصلحين والدعاة فلم يعد هناك (في الغالب) من ينصح إلا القليل الذي لا يكفي.
انتشرت الخديعة واندثرت في الناس الأمانة وهذا واقع مشاهد يستثنى منه من زينه الله تعالى بزينة الإيمان.
كل هذا نتاج طبيعي لتغييب الشريعة الإسلامية عن التطبيق.
- التصنيفات: التفسير -
صور من الفساد انتشرت بين المسلمين حتى كاد الناس يتنفسونها.
انتشر الربا وصارت له بيوت مقننة وأشكال منظمة حتى قارب الأمر الاستحلال.
انتشر الغصب سواء كان غصب أموال عامة أو خاصة.
انتشرت السرقات والتعدي على حقوق الناس بسبب انتشار الفقر والحاجة وقلة الواعز الديني والتضييق على المصلحين والدعاة فلم يعد هناك (في الغالب) من ينصح إلا القليل الذي لا يكفي.
انتشرت الخديعة واندثرت في الناس الأمانة وهذا واقع مشاهد يستثنى منه من زينه الله تعالى بزينة الإيمان.
كل هذا نتاج طبيعي لتغييب الشريعة الإسلامية عن التطبيق.
قال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:188].
قال العلامة السعدي رحمه الله: "أي: ولا تأخذوا أموالكم أي: أموال غيركم، أضافها إليهم، لأنه ينبغي للمسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويحترم ماله كما يحترم ماله؛ ولأن أكله لمال غيره يجرئ غيره على أكل ماله عند القدرة.
ولما كان أكلها نوعين: نوعًا بحق، ونوعًا بباطل، وكان المحرم إنما هو أكلها بالباطل، قيده تعالى بذلك، ويدخل في ذلك أكلها على وجه الغصب والسرقة والخيانة في وديعة أو عارية، أو نحو ذلك، ويدخل فيه أيضًا، أخذها على وجه المعاوضة، بمعاوضة محرمة، كعقود الربا، والقمار كلها، فإنها من أكل المال بالباطل، لأنه ليس في مقابلة عوض مباح، ويدخل في ذلك أخذها بسبب غش في البيع والشراء والإجارة، ونحوها، ويدخل في ذلك استعمال الأجراء وأكل أجرتهم، وكذلك أخذهم أجرة على عمل لم يقوموا بواجبه، ويدخل في ذلك أخذ الأجرة على العبادات والقربات التي لا تصح حتى يقصد بها وجه الله تعالى، ويدخل في ذلك الأخذ من الزكوات والصدقات، والأوقاف، والوصايا، لمن ليس له حق منها، أو فوق حقه.
فكل هذا ونحوه، من أكل المال بالباطل، فلا يحل ذلك بوجه من الوجوه، حتى ولو حصل فيه النزاع وحصل الارتفاع إلى حاكم الشرع، وأدلى من يريد أكلها بالباطل بحجة، غلبت حجة المحق، وحكم له الحاكم بذلك، فإن حكم الحاكم، لا يبيح محرما، ولا يحلل حراما، إنما يحكم على نحو مما يسمع، وإلا فحقائق الأمور باقية، فليس في حكم الحاكم للمبطل راحة، ولا شبهة، ولا استراحة.
فمن أدلى إلى الحاكم بحجة باطلة، وحكم له بذلك، فإنه لا يحل له، ويكون آكلا لمال غيره، بالباطل والإثم، وهو عالم بذلك. فيكون أبلغ في عقوبته، وأشد في نكاله.
وعلى هذا فالوكيل إذا علم أن موكله مبطل في دعواه، لم يحل له أن يخاصم عن الخائن كما قال تعالى: {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}".