وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ

أبو الهيثم محمد درويش

القرآن يحدثنا عن مصلحة نشر الدين وضرورة إيقاف فتنة الشرك والكفر؛ يقارن لنا بين فتنة الشرك والكفر مع البقاء في الحياة وبين نقض حياة أهل الشرك لوأد فتنتهم.

  • التصنيفات: القرآن وعلومه - التفسير -

التمسك بحياة بعيدة عن الله أم القتل في سبيله؛ قتال الكفار وسلبهم الحياة أم الإبقاء على حياتهم مع انتشار فتنتهم وصدهم عن سبيل الله وسوقهم الناس إلى نار جهنم؟
القرآن يحدثنا عن مصلحة نشر الدين وضرورة إيقاف فتنة الشرك والكفر؛ يقارن لنا بين فتنة الشرك والكفر مع البقاء في الحياة  وبين نقض حياة أهل الشرك لوأد فتنتهم.

قال تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ؛ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ؛ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة:191-193].
قال العلامة السعدي رحمه الله:
{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} هذا أمر بقتالهم، أينما وجدوا في كل وقت، وفي كل زمان قتال مدافعة، وقتال مهاجمة ثم استثنى من هذا العموم قتالهم {عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وأنه لا يجوز إلا أن يبدأوا بالقتال، فإنهم يقاتلون جزاء لهم على اعتدائهم، وهذا مستمر في كل وقت، حتى ينتهوا عن كفرهم فيسلموا، فإن الله يتوب عليهم، ولو حصل منهم ما حصل من الكفر بالله والشرك في المسجد الحرام، وصد الرسول والمؤمنين عنه وهذا من رحمته وكرمه بعباده.
ولما كان القتال عند المسجد الحرام، يتوهم أنه مفسدة في هذا البلد الحرام، أخبر تعالى أن المفسدة بالفتنة عنده بالشرك، والصد عن دينه، أشد من مفسدة القتل، فليس عليكم -أيها المسلمون- حرج في قتالهم.


ويستدل بهذه  الآية على القاعدة المشهورة، وهي: أنه يُرتكب أخف المفسدتين، لدفع أعلاهما.
ثم ذكر تعالى المقصود من القتال في سبيله، وأنه ليس المقصود به، سفك دماء الكفار، وأخذ أموالهم، ولكن المقصود به أن {يَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} تعالى، فيظهر دين الله [تعالى]، على سائر الأديان، ويدفع كل ما يعارضه، من الشرك وغيره، وهو المراد بالفتنة، فإذا حصل هذا المقصود، فلا قتل ولا قتال، {فَإِنِ انْتَهَوْا} عن قتالكم عند المسجد الحرام {فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ} أي: فليس عليهم منكم اعتداء، إلا من ظلم منهم، فإنه يستحق المعاقبة، بقدر ظلمه.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام