موتوا بغيظكم.. انتصرت حماس

ممدوح إسماعيل

والمؤامرة ليست وليدة اليوم، ولكنها مؤامرة انكشفت يوم فازت حماس
بأغلبية في انتخابات البرلمان؛ مما مكَّنها من تشكيل الحكومة
الفلسطينية....

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
كان انسحاب العدو الصهيوني من غزة بعدما فشل في تحقيق أهدافه، رغم ما دمَّر من البيوت والمساجد، وما قتل من الأطفال والنساء والشيوخ، هو بمثابة إعلان واضح بالهزيمة وانتصار حماس، وهو ما اعترف به الكثير من المراقبين الغربيين والصهاينة قبل العرب.

لقد كان المخطط والمؤامرة "الصهيو أمريكية"، والتي تواطأ فيها أطراف عربية ودولية، وأُعلن عنها بوضوح، هي القضاء على مشروع المقاومة كله، متمثل في حركة حماس وفصائل المقاومة كلها، وتنصيب سلطة رام الله الموالية للمشروع الأمريكي، عبر الطائرات والدبابات الصهيونية، وعبر آلآف الضحايا من الفلسطنيين.

والمؤامرة ليست وليدة اليوم، ولكنها مؤامرة انكشفت يوم فازت حماس بأغلبية في انتخابات البرلمان؛ مما مكَّنها من تشكيل الحكومة الفلسطينية.

فاجتمعوا وتآمروا وخططوا لتدمير حركة حماس بكل الطرق والمؤامرات السياسية والعسكرية والاقتصادية، فلم يعترفوا بحكومة حماس، وقاموا بمحاولة الانقلاب العسكري عليها في يونيو 2007م، ففشلوا فاتجهوا للاغتيالات؛ ففشلوا، ثم كان الحصار؛ فصبر أهل غزة وصمدت حماس وفشلوا، وكان أملهم أن يثور الشعب الفلسطيني في غزة؛ ولكنه صمد والتف حول حماس، فكان قرار الحرب والعدوان هو قرار اليأس من حماس ومن المقاومة؛ فاندلعت الحرب على غزة يوم 27 ديسمبر 2008م، لتعلن للعالم أن حلف الشر "الصهيو صليبي" لم يعد يحتمل بقاء حركة حماس قوية متمسكة بأمانة الحقوق الفلسطينية، فانطلقت آلة العدوان والغدر الصهيوني تدمر وتقتل كل شيء أمامها، بمباركة أمريكية، وتؤاطؤ مريب من بعض الحكومات العربية والغربية.

وفي عدوان اليهود على غزة انكشفت مواقف الخونة جميعًا، أبو مازن ومن معه، ودحلان، وبعض الحكام العرب، فقد أفزعهم صمود وانتصار حماس، فلم يجدوا إلا التشفي في عدد القتلى الذي وصل إلى ما يزيد عن 1350 ـ نحسبهم شهداء ولا نزكي على الله أحدًا ـ وجرح ما يزيد عن 5500، حتى قال العميل الأمريكي دحلان بلهجة التشفي الساخرة على القناة الثانية في التلفزيون المصري يوم 21 يناير: "أن "إسرائيل" كانت تلعب لعبة أتاري في غزة، ولم تكن هناك مقاومة تُذكر"!!؛ ففضحه الله بانتصار المقاومة.

ولذلك أقول له وللجميع: موتوا بغيظكم؛ فقد انتصرت حماس، وإليكم الأدلة، ولا يخفى ضوء الشمس إلا على ذي رمد:

1- ظلت صواريخ المقاومة تنطلق طوال المعركة ولم تتوقف؛ مما يعني أن الهدف الأول من العدوان لم يتحقق، وكان قمة علامة النصر هو انطلاق الصواريخ صوب المغتصبات الصهيونية خلال كلمة رئيس وزراء الكيان الصهيوني، التي أعلن فيها تحقق أهداف عدوانهم على غزة، وكان ملفتًا أن الصواريخ تطورت عن قبل المعركة، وازداد مداها بصورة مفاجئة، وظهرت صواريخ جراد لتصل إلى قرب مفاعل "ديمونة".

2- ثبات وصمود المقاومة لمدة 22 يومًا، في الوقت الذي انهزمت فيه جيوش ثلاث دول عربية من قبل في 1967م في ستة أيام، ورغم قوة جيش العدو ومخابراته، لم يستطع أن يحرر الجندي الصهيوني الأسير "شاليط"، ولا حتى أن يعرف مكانه.

3- استخدم العدو مليون طن من المتفجرات، فلم يهرب سكان غزة، بل ظلوا صامدين، ولم ينقلبوا على حماس ولم يحدث فلتان أمني وسرقات كما يحدث في مثل تلك الحالات من الحروب، وكانت حكومة حماس تنظم كل سبل الحياة أثناء العدوان وبعده، في صورة أذهلت كل المراقبين.

4- كان ملفتًا منع الصهاينة لـ400 صحفي من دخول غزة، وفرض رقابة عسكرية على أخبار العدوان والحرب؛ وذلك حتى لا ينفضحوا أمام العالم بنشر هزيمتهم وإسرافهم في سفك دماء المدنيين بجنون، لفشلهم في تحقيق أهدافهم في القضاء على البنية العسكرية لحماس.

5- زادت شعبية حماس وتم إحياء الوعي بالقضية الفلسطينية في العالم العربي، رغم مرور ثلاثين عامًا على تزييف الوعي بمبادرات الاستسلام، ولو دفعت حماس مليارات الدولارات لتفعيل إعلامي لها مثل ما حدث؛ لفشلت، ولكن الصمود وانتصارها هو الذي صنع هذه الشعبية، وأعاد إحياء القضية الفلسطينية أيضًا عالميًّا.

مما سبق؛ يتضح بلا شك أن حماس والمقاومة انتصروا، رغم أن المعركة كانت غير متكافئة، ورغم أن كل الظروف كانت ضدهم، في مؤامرة مريبة، تواطأ فيها بعض الفلسطنيين والعرب مع الغرب الصليبي والعدو الصهيوني.ومن المعلوم أن نتيجة المعارك العسكرية ليست فقط بحساب عدد الخسائر من قتلى وغيره ولكن أهم ميزان فى تحديد نتيجة أى معركة هو مدى النجاح فى تحقيق الأهداف
وبعد الفشل في تحقيق أهدافهم بالعدوان العسكري الهمجي؛ اتجهت المؤامرة إلى محاور أخرى لخطط بديلة:

1- الاستمرار في فرض الحصار حتى تذعن حماس للاستسلام، وتقبل الخضوع للمخطط بعودة عصابة سلطة رام الله.

2- تشكيل تحالف دولي أوربي من حلف "الناتو"، خاصةً لحصار حماس في غزة، ومنع تهريب السلاح؛ حتى تظل قوة حماس العسكرية ضعيفة.

3- منع وصول أموال إعمار غزة إلى القطاع، والتلويح بتسليمه لعصابة سلطة رام الله.

الهدف من كل ما سبق تضييق الخناق بكل السبل، لكن حماس بكل عزَّة ردت عليهم، أن وصول السلاح للمقاومة حق يفرضه الواقع والقانون الدولي والشرع الإسلامي، ولن نقبل هذا الحصار، وسنحصل على سلاحنا بكل الطرق مهما فعلتم، ثم بكل إباء أعلنت عن توزيع إعانات لأهل غزة المتضررين، بلغت أربعين مليون يورو، وكان هذا الإعلان بمثابة صفعة قوية لكل الخونة والمتآمرين.

لذلك نعيد ونكرر لكل الأعداء باختلاف أشكالهم وألوانهم، وأولئك المرجفين والمنافقين الذين جلسوا في المكاتب الإعلامية في الوطن العربي، يروجون لفشل حماس، ويطمعون في التشفي، فنقول لهم جميعًا: "موتوا بغيظكم، لقد انتصرت حماس، وخرجت قوية أكثر مما ظن حتى الكثير من أنصارها"؛ فنحن أمة تستمد العون من الله، ملك السموات والأرض، وقوتنا في طاعتنا لله.

وأخيرًا لقد خرجت حماس من المحنة أقوى بكثير مما سبق؛ فقد زادت صلابتها السياسية، وحنكتها العسكرية، وزادت شعبيتها، وتفهم الكثيرون للقضية الفلسطينية، ليس في العالم العربي والإسلامي فحسب، بل في العالم أجمع.

ممدوح إسماعيل محام وكاتب
[email protected]


بقلم ممدوح إسماعيل
نقلاً عن لواء الشريعة








المصدر: طريق الإسلام