ماذا تريد أمريكا من حكومة CJTF-HOA ـ شيخ شريف؟!
حامد بن عبد الله العلي
أيِّ القيادة الفرعية، قوة التدخل المشتركة في القرن الأفريقي، ومقرها
جيبوتي، وتُعـدّ جيبوتي القاعدة الأمريكية الإقليمية الرئيسية في
إقليم القرن الأفريقي، وهي عضو في تحالف (مبادرة مكافحة الإرهاب في
شرق إفريقيا) صنيعة أمريكا....
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
CJTF-HOA، هو اختصار Combined Joint Task Force in the Horn of Africa
أيِّ القيادة الفرعية، قوة التدخل المشتركة في القرن الأفريقي، ومقرها جيبوتي، وتُعـدّ جيبوتي القاعدة الأمريكية الإقليمية الرئيسية في إقليم القرن الأفريقي، وهي عضو في تحالف (مبادرة مكافحة الإرهاب في شرق إفريقيا) صنيعة أمريكا.
كنت قد كتبت مقالا سابقا عمـَّا وراء الصراع الأمريكي الصيني على القارة السوداء، وذكرت فيه أنه من عجائب القدر أن يتسيَّد البيت الأبيض، إبن القارة السوداء، في وقت تتطلع فيه أمريكا إلى هذه القارة، تطلَّع العاشق الولهان، ليس حبـَّا للسود من البشر، ولكن حبَّا للنفط الأسـود، ولك أن نتخيل حالة العاشق لهذا النفط الأسود، وهو غيـران ممن حظيَ بحبِّ الحبيبة، إذا تذكـرت أنِّ الصين تغزو إفريقيا، وأن الشركات الصينية تسـبق أمريكا في الانتشـار هناك.
كان التدخل الأمريكي المباشـر في الصومال من عام 1991م، تحت قرار من مجلس الأمن الدولي ـ الذراع الأمريكية للسيطرة ـ بإرسال قوات أممية إلى الصومال بقيادة أمريكية، وكان على إثر ذلك هزيمة نكراء للقوات الأمريكية، تلتـها حرب أهلية استمرت 16 عاما، انتهت باستقرار مذهل ومزدهر، تحت ظل المحاكم الشرعية، ما لبث أن أزعج شياطين البيت الأبيض، فقرروا استئجار كلاب أثيوبيا المتوحشة الحاقدة لتهجم على الصومال، وتمزق الحالة الإسلامية الآمنة فيه، والآمن بها الشعب الصومالي.
فانتهت هذه الهجمة باندحار الكلاب خاسئة مهزومة ذليلة مؤخراً، على يـد أبطال الجهاد الصومالي، واندحر مع كلاب أثوبيا، ضباعها التي تقتات على جيف العمالة من الحكومة العملية.
وكانت أمريكا وهي ترى فشل مخططها العسكري، وسقوط الدمى التي صنعتها لتحكم بواسطتها الصومال، لتحقق أهدافها في هذا البلد الجريح، وفي القرن أفريقي، كانت تبحث عن شخصية أخرى، إسلامية المظهر، أمريكية المخبر؛ لتحقق نفس الأهداف التي فشلت عسكريا، وهي:
1ـ تأمين عدم وقوع الصومال في قبضة قوى إسلامية تقف في وجه الأطماع الأمريكية في القرن الأفريقي، وتفوت عليها فرصة تغذية إقتصادها المجرم الذي يسيـِّر جيوشها المستعمرة للعالم، بالنفط الإفريقي.
وينبغي لنا أن لا ننسى مقالة ديك تشيني الشهيرة: "أن أفريقيا ستكون أحد المصادر الأمريكية المتنامية بسرعة من النفط والغاز". تقرير لـ "ديك تشيني"، نائب الرئيس الأمريكي، أعده عام 2001 حول السياسة القومية الأمريكية بالنسبة للطاقة.
وتلك التقارير الغربية التي كشفت أن إفريقيا ستلبي 25 % من إحتياجات أمريكا من النفط بحلول عام 2015م ـ تقارير غربية.
وهذا التقرير المهم: "أن أمريكا تعيش حالة من الفزع بسبب هذا النفوذ الصيني العملاق في إفريقيا، لاسيما وقد واجهـت حقيقة أن معارضة معظم دول غرب وجنوب أفريقيا، هي التي دفعتها لنقـل مقر قيادة قوتها العسكرية لإفريقيا (أفريكوم) بشكل دائم إلى شتوتغارت بغرب ألمانيا.
لا سيما أن دوائر المحافظين الجدد في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) هم من اقترحوا إقامة هذه القاعدة للسيطرة على منابع النفط في منطقة خليج غينيا الممتدة من ليبيريا إلى أنغولا، وتأمين واردات النفط الأميركية من نيجيريا التي تمثل 17 في المائة من إجمالي الواردات النفطية للولايات المتحدة، وتزيد على ما تستورده من نفط شبه الجزيرة العربية.
فالصين أظهرت منذ عام 1998- تاريخ ضرب أمريكا لمصنع الشفاء بالسودان قدرةً على ملء الفراغ الذي تتركه الإدارة الأمريكية، وعلى تحويل أخطاء هذه الأخيرة إلى مصالح حقيقية لها.
وقد ارتفعت منذ عام 2000 حاجيات الولايات المتحدة من النفط بنسبة 50 بالمائة، وهو ما دفع إدارة بوش في تلك الفترة إلى مراجعة جذرية لسياستها الطاقية، وفي عام 2001 تم وضع ما سُمّي بـ"السياسة الطاقية القومية"، التي أكدت على ضرورة تنويع مصادر التزَوُّدِ من الطاقة، وفي هذا السياقِ تَبَيّن للإدارة الأمريكية أنّ منطقة غرب إفريقيا، وخليج غينيا بالخصوص، يُشَكِّلان المصدر الأهم للطاقة في القارة بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، وفي عام 2002 طلب من الكونغرس إعلانَ منطقة خليج غينيا ، منطقة مصالح حيوية لأمريكـا".
وفي التقرير أيضا: "جاء تأسيس (أفريكوم) تنفيذا لخطة وضعها المعهد الإسرائيلي الأميركي للدراسات السياسية والإستراتيجيات المتقدمة التابع للمحافظين الجدد" (كنوت ملينثون ـ خبير ألماني ـ مجلة يونغا فيلت).
وباختـصار تريد أميركا من حكومة CJTF-HOAـ شريف، التي تشكلـت بالقرب من أكـبر قاعدة أمريكية عسكرية في القرن الإفريقي، تريدها أن تكون أحد منفذي سياسة ( أفريكوم ) في القرن الأفريقي.
2ـ ضمان عدم وجود نظام إسلامي يدعم النظام السوداني الذي تسعى أمريكا لتفكيكه.
3ـ تريد أمريكا من حكومة CJTF-HOAـ شريف، منح المنظمات والهيئات الغربية كامل الحرية للعمل في الصومال، وتحت غطاءها تحقق أميركا كل أهدافها بما في ذلك المؤسسات الثقافية، حتى مؤسسات التنصير وغيرها.
4ـ تريد أمريكا من هذه الحكومة، أن تحرق الوجود الإسلامي في الصومال الذي يسمى (المحـور المتشدد) ـ ويُطلق هذه المصطلح العصري على كلِّ معارض للمشروع الأمريكي في نسق واحد يجمع ذلك كوريا الشمالية مع فنزويلا مع حماس مع المجاهدين الصومالين!!..إلخ ـ تحرقه في صراعات معه ، وفي صراع داخـلي ـ بعد فشل أثيوبيا في القضاء عليه ـ لئلا تتشكل في الصومال حالة إسلامية تدعـم النهضة الإسلامية التي تتصدى للمشروع الإمبريالي الصهيو أمريكي من غزة إلى كابل مرورا بالعراق ولبنان وباكستـان.. الخ.
5ـ تريد منها أن تتعاون معها في ملاحقة التيار الجهادي، والمطلوبين أمريكيا من الصوماليين المعارضين للمشروع الأمريكي.
6ـ تريد منها أن تحول بين الصومال، وبين وقوفها مع أي قضية من قضايا الأمة العربية أو الإسلامية، لا سيما القضية الفلسطينية، بحيث يكون الصهاينة في مأمن تام من حالة جهادية إسلامية في الصومال تحاربهم.
7ـ تريد منها أن توقع مع الأمريكيين معاهدات تبيح لأمريكا ـ مباشرة ، أو تحت غطاء أممي زائف ـ وجوداً على سواحل الصومال، أوفي أراضيها، تحت حجة ملاحقة القراصنة أو حفظ الأمن، أو الإشراف على مشاريع إعادة الإعمار.. الخ.
ومن على هذه القواعد تحقق أمريكا أهدافها الإستراتيجية التوسعية.
ولاريب أنَّ هذا الخداع الأمريكي الذي يجري الآن تحت شعارات زائفة مثل (الإسلام المعتدل) و (بناء الصومال الجديد) و (التعاون الدولي).. الخ، ليس سوى زخارف من القول تخفي وراءها، خططا تنفيذية تحقق أهداف السياسة الأمريكية في القرن الإفريقي.
وحكومة CJTF-HOAـ شريف بوضعها على كرسي رضيت عنه أمريكا، تعلم ذلك كلُّه، غير أنها اختارت أن تقع في هذا الشَرَك بملء إرادتها.
وهو نفس الشَرَك الذي نُصب، ويُنصـب للمقاومة العراقية، ولطالبان، وكل الحركات التحررية، عندما يفـشل الحسم العسكري، سواء الحركـات الإسلامية وغيرها.
وقـد نُصب لحماس، فأبت أن تقع فيه، وفضَّلت الحصار، ثـمَّ أن تواجـه الموت، فنصرها الله تعالى.
وهي مع ذلك خدعـة، ليست بجديدة، فقد كانت هذه الوسائل الخداعة ذاتها، استعملت مع المجاهدين ضد الإستعمار الأوربي لبلادنا، في القرن الماضي والذي قبله، وممن عرض عليهم مثل هذا الخداع القائد الجهادي عمر المختار نفسـه، فسخر من عرضهم، وقال: "كلُّ الذين نريده أن تخرجوا من بلادنا، وتتركوها لنا، لا نريد ديمقراطيتكم، ولا شفقتكم علينا".
والواجب أن يثبت المجاهدون الصوماليون على هذه الثوابت:
لا.. لأيِّ وجود أجنبي على أرض الصومال، أو على شواطئه، سواء الأمريكي، والإفريقي، والأثيوبي، والدولي، فكلُّه احتلال أجنبي مرفوض، ويجب أن يخرج فوراً، أو الجهاد واجـب حتى يخرج.
لا.. لأيِّ كيان سياسي ذو أجندة خارجية يحكم الصومال، ويأتي من خارجه.
لا.. لأيِّ تدخل في شؤون الصومال الداخلية، ومرفوض أي إملاء خارجي لصيغة الحكم التي يختارها الصوماليون.
لا.. لأيِّ مخطط يحاول إخراج الصومال عن انتماءه العربي والإسلامي، وعن وقوفه مع قضايا أمِّته.
لا.. لتسليم لأيِّ صومالي لأيِّ دولة خارجية، ولا للخضوع للغطرسة الأمريكية التي تتخذ مما يسمى (الحرب على الإرهاب) ذريعة لملاحقة الإسلاميين، والمجاهدين.
وإذا أرادات حكومة CJTF-HOA ـ شريف، أن تثبت أنها ليست أحد منفذي مخطط (أفريكوم)، وتريد أن يلتف حولها الصوماليون، فعليها أن ترفع صوتها بهذه اللاءات، كما رفعتها كلُّ مقاومة شريفة، وأن تصرِّح بأنَّ المجاهدين الذين جاهدوا الإحتلال الأثيوبي، هـم أبطـال الصومال، ويستحقون المكافأة، وأنهم أحق الناس بالصومال.
غير أن الأيام علمتنا أن هؤلاء الذين تحتضنهم أميركا هم دائما الخاسرون في النهاية، وأنهـم لايكسبون من السير وراء المخطط الأمريكي سوى شيئ واحد، هو عار الدهر، وسبـَّة التاريخ، أما الآخرة فذلك حكم الجبار الذي لا تخفى عليه خافية، وقـد أعد هنـاك عاقبة العملاء المتواطئين، وبئس مثوى الخائنين.
المصدر: موقع الشيخ حامد العلي