الآدميّ المُمَيَّز والجنة!
رحاب حسَّان
ستكون التفاصيل المستقبلية الأكثر دهشة والأشد روعة بعد أن تعرف الآدمي على تفاصيل معيشة أدنى ليقارنها بمعيشةٍ أعلى وأرقى ينسى بها سجل آلامه إلا من حديثِ سمر.
- التصنيفات: تربية النفس -
وكيف لو لم تُكتب الدنيا علينا وطنًا وظللنا في الجنة. أكنا أيضا سنُبتلى؟!
قد كُتب على آدم وذريته الامتحان بعد أن قرر أن يحمل الأمانة التي أبت المخلوقات الثِّقال حملها. فالابتلاء والاختبار مقرون به وبذريته على اختلاف المكان. والبلاء هو البلاء وقد اختبر آدم وهو في الجنة وخيّل له الشيطان من الأذى والألم النفسي -المتمثل في حيرة وتردد- ما يجعله يَعزُف عن لذة الجنة ويرغب عنها ويرى الغاية في غير محلها من غواية الشجرة.. فهل لذة الجنة حينها كانت تُعد غاية اللذة! فأي لذة تلك التي يكون بينها وبين لذة المعصية خيار وجدال وصراع في قلب مخلوق؟!!
لذا كانت الدنيا بدناءتها في حد ذاتها نعمة.
فالعودة للجنة والسمو للفردوس سيكون له -ولمن لحِق به من ذريته مستقبلاً- مذاق خاص بعد رحلة أكثر مشقة وأشد تعاسة ذاق فيها الآدميّ من الآلام النفسية والجسدية وتعرف على صنوف من الشرور وجابه المخاطر والتهديدات في الموطن والمأكل والمال والولد.. ستكون الرحلة الأعلى لذة حينما يُفعِّل ذهنه سجل المقارنات بين ماض حسير كسير ومستقبل لم يخطر على قلب بشر .
ستكون التفاصيل المستقبلية الأكثر دهشة والأشد روعة بعد أن تعرف الآدمي على تفاصيل معيشة أدنى (بفواكهها ومآكلها ومضاجعها وأمنها وبَرَدِها، وخوفها وملاذها وحرِّها وزمهريرها وجفوتها وحرمانها ورطوبتها وجفافها وأخذها وسلبها الطويل الأمد)، مقارنةً بملذاتها اللحظية.. ليقارنها بمعيشةٍ أعلى وأرقى ينسى بها سجل آلامه إلا من حديثِ سمر.
سيزداد حمده وتتنامى قناعاته ويكثر حديثه وأقاصيصه ما بين ماضيه وحاضره وسط خلاِّنه على سرر متقابلين!!
ليسرد تجاربه الخاصة مذيِِّلاً إيّاها بمقارناته الخاصة أيضاً.