اللهم سلم : قد تزل قدم بعد ثبوتها

أبو الهيثم محمد درويش

  • التصنيفات: دعوة المسلمين -


رسالة لكل ثابت على الحق مستقيم على أمر الله : لا تغتر ..فقد تزل القدم بعد ثبوتها .
تعبير رائع فخم بديع من المولى الجليل 
يحذر العبد الذليل أن يخرج عن نطاق الانقياد و يتمادى بعد أن كان منقاداً 
فتذل القدم و يسقط العبد الصالح في بئر مظلم 
ثم يستحق الوعيد بذوق السوء لما فعله من الصد عن سبيل الله تعالى .
قال الملك جل جلاله :
  {وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} . [النحل 94]

قال القرطبي في تفسيرها : 

فتزل قدم بعد ثبوتها مبالغة في النهي عنه لعظم موقعه في الدين وتردده في معاشرات الناس ; أي لا تعقدوا الأيمان بالانطواء على الخديعة والفساد فتزل قدم بعد ثبوتها ، أي عن الأيمان بعد المعرفة بالله . وهذه استعارة للمستقيم الحال يقع في شر عظيم ويسقط فيه ; لأن القدم إذا زلت نقلت الإنسان من حال خير إلى حال شر ; ومن هذا المعنى قول كثير : 

فلما توافينا ثبت وزلت


والعرب تقول لكل مبتلى بعد عافية أو ساقط في ورطة : زلت قدمه ; كقول الشاعر : 

 

سيمنع منك السبق إن كنت سابقا   ***  وتقتل إن زلت بك القدمان 


ويقال لمن أخطأ في شيء : زل فيه . 

ثم توعد - تعالى - بعد بعذاب في الدنيا وعذاب عظيم في الآخرة . وهذا الوعيد إنما هو فيمن نقض عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; فإن من عاهده ثم نقض عهده خرج من الإيمان ، ولهذا قال : وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله أي بصدكم . وذوق السوء في الدنيا هو ما يحل بهم من المكروه . أ هـ

فاللهم يا مقلب القلوب و الأبصار ثبت قلوبنا على دينك