أزرق
شيماء علي جمال الدين
في قديم الزمان وسالف الأوان... كان ذِكر اللون الأزرق كفيلًا بأن يقفز بالأرواح والأذهان إلى سماء واسعة وبحر لانهاية له، وكُل ما هو جميل وأزرق!
- التصنيفات: دعوة المسلمين - وسائل التكنولوجيا الحديثة -
أمّا الآن فقد ارتبط اللون الأزرق عندنا بعالم الفيسبوك، صار هو الأزرق الذي نَعرِفه، نطير في سمائِه ونغوص في أعماقه ونُبدع فيه أيّما إبداع!
كُل ما هُنالك أنّه أزرق، كالبحرِ أزرق مُتقلّب الموج، مُتغيّر الحال، به كُل ما تشتهيه نفسك وما لايتصوّره عقلك.. إنّه شكل افتراضيّ لعالم حقيقيّ؛ كثيرًا ما كُنت أُعامله على أنّه عالم غير الذي نحياه حقًا وأُن في كونه عالمًا موجودًا بالفعل وكُل ما فيه هو واقع وقوع يقينيّ.
وفيه للناس أحوال وشؤون، وهكذا هم في كل عالم آخر، الصادق فيه صادق في واقعه الحقيقيّ، الرقيق فيه مُرهف الحِس طبعًا لا إدّعاءًا، والمُهذّب فيه أصلًا وصدقًا يحمل هذا الخُلق، أمّا مُتبدّل الشخصية المُزيّف المُدّعي لا يمُر وقت طويل حتى يُفتضح أمره ويُكشف زيفه.. الشأن إذن شأننا لا شأن هذا الأزرق!
يَستهينُ الكثير بما يَكتبونه فيه بِحجة أنَه عالم افتراضيّ، والحقيقة أنّ كُل ما نكتُب محسوبٌ علينا في عالَمنا الرماديّ أو عالمنا الأزرق! إنّما تُعرض عليه قلوبنا كما تُعرض على الفتن كلها فإمّا فائز أو خاسر.. لا شيء بينهما، مصداقًا لقوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [قّ:18].
إذن حدد مسارك في العالم الأزرق كما تفعل في كل حياتك، إن كنت ولا بُد خائِضًا غماره فليكن لك رسالة واضحة فيه وهدف لا تحيد عنه أو تُفتن بغيره؛ ولعلّ كلمة أنت كاتبها على صفحاتِه يُكتب لها القبول بين الخلق وترفعك عند ربك درجات حتى تبلغ غاية الرضا منه وعنه سبحانه جلّ في عُلاه.