نموذج عجيب من البشر
أبو الهيثم محمد درويش
- التصنيفات: التفسير -
نموذج عجيب من البشر
بشوش في وجه كل الخلق إلا الأقربين
معطاء لكل من حوله شحيح على والديه و ذوي رحمه
ضحوك خفيف الظل سريع البديهة مع الناس عبوس مكفهر قليل الكلام مع زوجه و أولاده
يا هذا تأمل وصية الله بالوالدين و الأقربين :
قال تعالى :
{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} .215البقرة .
قال العلامة السعدي رحمه الله :
أي: يسألونك عن النفقة، وهذا يعم السؤال عن المنفق والمنفق عليه، فأجابهم عنهما فقال: { قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ } أي: مال قليل أو كثير، فأولى الناس به وأحقهم بالتقديم، أعظمهم حقا عليك، وهم الوالدان الواجب برهما، والمحرم عقوقهما، ومن أعظم برهما، النفقة عليهما، ومن أعظم العقوق، ترك الإنفاق عليهما، ولهذا كانت النفقة عليهما واجبة، على الولد الموسر، ومن بعد الوالدين الأقربون، على اختلاف طبقاتهم، الأقرب فالأقرب، على حسب القرب والحاجة، فالإنفاق عليهم صدقة وصلة، { وَالْيَتَامَى } وهم الصغار الذين لا كاسب لهم، فهم في مظنة الحاجة لعدم قيامهم بمصالح أنفسهم، وفقد الكاسب، فوصى الله بهم العباد، رحمة منه بهم ولطفا، { وَالْمَسَاكِينِ } وهم أهل الحاجات، وأرباب الضرورات الذين أسكنتهم الحاجة، فينفق عليهم، لدفع حاجاتهم وإغنائهم.
{ وَابْنَ السَّبِيلِ } أي: الغريب المنقطع به في غير بلده، فيعان على سفره بالنفقة، التي توصله إلى مقصده.
ولما خصص الله تعالى هؤلاء الأصناف، لشدة الحاجة، عمم تعالى فقال: { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ } من صدقة على هؤلاء وغيرهم، بل ومن جميع أنواع الطاعات والقربات، لأنها تدخل في اسم الخير، { فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } فيجازيكم عليه، ويحفظه لكم، كل على حسب نيته وإخلاصه، وكثرة نفقته وقلتها، وشدة الحاجة إليها، وعظم وقعها ونفعها.