رسالتي في الحياة
حسن الخليفة عثمان
أهمية كتابة الإنسان لرسالته في الحياة، وصياغتها بنفسه صياغة تتيح للراغبين معرفة مشروعه ومنهجه في الحياة وقدراته وأهدافه وغاياته، هو الهدف من هذا المقال.
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
ذلك مما ستجد نفسك ملزماً به إذا ما أردت اللحاق بركب الطالبين لتعلٌّم منهج الطريق إلى الحكمة من مؤسسه الدكتور (علي شراب)، والذي حين تناقشه في المنهج فعليك أن تستعد بجهاز إدراكك للانتقال من مرحلة الشفاهية إلى مرحلة الكتابة، وأن ما كان يستغرق منك أحيانا من أربع إلى خمس ساعات فقد لا يُتاح له أكثر من أربع أو خمس دقائق! مع إتمامه دون خلل أو نقص.
ولما كنت بصدد تأليف كتاب، أرجو أن أفرغ منه قريباً، فقد كانت كتابة رسالتي في الحياة فيما تبقى لي من الأجل، وفي ظل ما عشته من تجربة أحطتها بكثير من التأمل مؤجلة لحين صدور الكتاب ونشره، غير أنني رأيت بعد استفادتي من نقاشي مع الدكتور (علي شراب) وما سنتناوله من قضايا بالطرح لاحقاً مما سبق الإشارة إليه سابقاً أن أبدأ بنفسي في هذا الأمر قبل أن نطلبه من الآخرين، وقد صغتها في العشرين نقطة الآتية:
- أولاً: سأعيش صادقاً، أميناً، وفياً، شريفاً، مؤمناً بالله، واثقاً فيه، شاكراً لأنعمه، مؤمناً برسله وأنبياءه، معتقداً أن خيرهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، متبعاً لملته، محباً لسنته، آملا في شفاعته.
- ثانياً: سأكون شجاعاً، عادلاً، متواضعاً، رحيماً، فاهماً، معرضاً عن القشور والمظهر، مقبلاً نحو الجذور والجوهر، مخلصاً لقيمي، وفياً لمبادئي، ملهماً لغيري، معطاءً لعالمي، واضحاً، كالشمس ترسل أشعتها للجميع فمن شاء استدفأ بها ومن شاء استظل منها.
- ثالثاً: سأظل مديناً وممتناً لهذه الزوجة التي حازت قصب السبق في نُبلها وعطائها، وعفتها ووفائها، راجين ربنا أن يتم نعمته علينا في معاشنا ومعادنا، شاكرين لكل من آزرنا وأعاننا وسعد بإسعادنا.
- رابعاً: سأعيش نفسي وذاتي التي خلقها الله فريدة؛ فلم يجعل لها في كونه شبيهاً في بصمة أناملها وعينها وجينها، ولن تظفر يوماً دواوين الإمّعة بمداد اسمي.
- خامساً: سأجعل محنتي بعثة سلام، وإعاقتي سفارة للمروءة، ومداد قلمي رشاداً للسالكين، ونشراً للحكمة ومنهجها، ودفاعاً عن المظلومين، ودفعاً للظالمين.
- سادساً: الحوار والرفق ونبذ العنف، وعدم الانتماء إلى أي تنظيمات أو جماعات تحت أي مسمى أو ذريعة، ورفض الإرهاب بكافة صوره ومبرراته، ورفض العنصرية والفتن الطائفية والمذهبية؛ كل ذلك من ثوابت رسالتي ومنهجي الذي اخترته لنفسي في طريقي نحو هدفي وغايتي.
- سابعاً: دعوتي للجميع بالهداية والرشاد، وأدعو إلى التجرد من نزعات الزعامة والتعصب للرايات والكيانات، يقيني أن من ضاقت نفسه برحابة الإسلام وبذلِ الندى للجميع؛ فلن تسعه ساحات تنظيمات ترفعه إلى القمة وجه النهار وتخفضه إلى القاع آخره.
- ثامناً: صلاح العالم يبدأ من إصلاحي لنفسي، وسعادتي تنبع من داخلي، ولن أحمّل نفسي ما لا تقدر عليه، وسأحتفظ بقدرتي على الصمت حين لا يقدر عليه الكثيرون، وسأحاول جاهداً ألا أكون عبئاً على العالم، بل سأكون إضافة يسعد بها الكون.
- تاسعاً: لن أقْفُ ما ليس لي به علم، وسأجتهد في الترقّي إلى العلا متعلّماً ومعلّماً، لا تأسرني الأضواء، ولا تكسرني الأنواء.
- عاشراً: لن أندم يوماً على معروف لم أنل جزاءه عاجلاً، ولا إحسان كوفئت بالإساءة عليه، سأعتصم بساحة المعروف، ولن أفارق منازل الإحسان.
- حادي عشر: لن أعيش الماضي وآلامه، بل سأحيا المستقبل وآماله، يقيني أن غداً أكثر إشراقاً، مهما تضافرت الجهود لظلامه، فلن تنال من وهج النفوس المشرقة، وصروح الهمم العالية.
- ثاني عشر: سأعتز ما حييت بانتمائي إلى أمة شغلني إحسان محسنيها عن إساءة مسيئيها، وإلى إنسانية أدعم وأساند أخيارها، وأنصح وأقاوم أشرارها، وحق مغلوب أحب إلى نفسي من باطل منتصر.
- ثالث عشر: سأجعل من نفسي غصناً أصيلاً في شجرة الخير التي تفئ الإنسانية إلي ظلها حين يشتد الهجير، وأحرص على سقاء ونماء أترابي في جذورها وجذوعها.
- رابع عشر: أمتلك رؤية، وأحيا لرسالة، وأسعى إلى أهداف شريفة، تدفعني غايات نبيلة، وأحرص – في ظل حالتي الجسمية - على التمتع بصحة نفسية جيدة، تحقق لي التوافق والرضا، وتحمٌّل المسئولية، وإشباع حاجاتي، والقدرة على الاستمرار بفاعلية وسعادة في الحياة.
- خامس عشر: العمل المؤسسي والمأسسة، والجندية، ووحدة التصور والهدف، ووحدة المرجعية والقيادة، هي أركان رؤيتي في رسالتي نحو تحقيق أهدافي وغاياتي.
- سادس عشر: تعاقب على الصدارة في وطني وأمتي وعالمي ثلاث أجيال؛ تشابهت وتقاربت في فكرها ومنهجها ووسائلها وأهدافها، أصابت وأخطأت، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، لكنني أرى أن وطني وأمتي وعالمي بحاجة إلى جيل جديد مؤهل لتأسيس وتشييد حضارة ونهضة لا يلتفت فيها إلى الوراء، بل ييمّم وجهه نحو السماء.
- سابع عشر: العالم بحاجة إلى حكماء، ومنتجين، وعاملين، ومفكرين، وإطفائيين، أكثر من حاجته إلى أذكياء، ومستهلكين، وعالمين، ومتكلمين، ومسعّرين، العالم بحاجة إلى صادقين يصدقون ولا يتكلمون عن الصدق، العالم بحاجة إلى منهج الطريق إلى الحكمة، وسأحرص أن يكون ذلك من رسالتي إلى أمتي وعالمي.
- ثامن عشر: ثمة كبار في هذا العالم أو هم هكذا في نظري وتقديري سعدت بمعرفتهم وغزير علمهم وعطاءهم لهذا العالم، وثمة شعوب ودول لطالما كانوا كعبة المضيوم وملاذ الملهوف، وسأظل ما حييت أحمل لهم جزيل الشكر ووافر العرفان؛ سأتذكر دائما مؤسس منهج الطريق إلى الحكمة الدكتور (علي عوض شراب)، ولن أنسى سخاء ونبل الشعب السوداني والشعب التركي، ومواقف قطر مع المظلومين، سأكون وفياً ما حييت لكل من آزر ضعيفاً، أو آوى مظلوماً طريداً، الشكر والوفاء منهج قبل أن يكون رسالة.
- تاسع عشر: لن أُعدم الخير وأنا أدعو واستغفر رباً يضحك لعباده، ويخبرهم أنهم لو لم يذنبوا ويستغفروا لأتى بعباد غيرهم يذنبون ويستغفرون، ويبشّر الذي جاءه تائباً منكسراً: أن الحسنات يذهبن السيئات، وإني لأرجوه أن يجعلني من الذاكرين.
- العشرون الخاتمة: حياتنا اختيار؛ وقد اخترت النجاح في مهمتي التي جئت إلى هذا العالم من أجلها لنملأه نوراً؛ إنها صناعة الخير، وطريقها الحكمة.