اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا
أبو الهيثم محمد درويش
- التصنيفات: التفسير -
رغم بهرج الدنيا وزيفها و تزينها لكل طاغية ظالم أو كافر جاحد أو أتباع هذا و ذاك إلا أن نور الهداية و شمس الحقيقة تبقى في النهاية هي الفيصل .
فمهما أوتي الكافر الظالم من الدنيا إلا أنه يعج في الظلمات و يدعو إليها .
و مهما كان المؤمن بعيداً عن زخرف الدنيا مضطهداً فيها إلا أن نور إيمانه لا يخفى عن كل ذي بصيرة .
ويكفي المؤمن أن الله وليه و هاديه يخرجه من ظلمة الكفر و الجهل إلى نور الحق و الهداية و يكفي الكافر و الطاغة أن وليه الشيطان يزين له الظلمات و يهديه إلى جهنم و بئس المصير .
قال تعالى :
{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} . [البقرة 257 ]
قال السعدي رحمه الله :
ثم ذكر السبب الذي أوصلهم إلى ذلك فقال: { الله ولي الذين آمنوا } وهذا يشمل ولايتهم لربهم، بأن تولوه فلا يبغون عنه بدلا ولا يشركون به أحدا، قد اتخذوه حبيبا ووليا، ووالوا أولياءه وعادوا أعداءه، فتولاهم بلطفه ومنَّ عليهم بإحسانه، فأخرجهم من ظلمات الكفر والمعاصي والجهل إلى نور الإيمان والطاعة والعلم، وكان جزاؤهم على هذا أن سلمهم من ظلمات القبر والحشر والقيامة إلى النعيم المقيم والراحة والفسحة والسرور { والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت } فتولوا الشيطان وحزبه، واتخذوه من دون الله وليا ووالوه وتركوا ولاية ربهم وسيدهم، فسلطهم عليهم عقوبة لهم فكانوا يؤزونهم إلى المعاصي أزا، ويزعجونهم إلى الشر إزعاجا، فيخرجونهم من نور الإيمان والعلم والطاعة إلى ظلمة الكفر والجهل والمعاصي، فكان جزاؤهم على ذلك أن حرموا الخيرات، وفاتهم النعيم والبهجة والمسرات، وكانوا من حزب الشيطان وأولياءه في دار الحسرة، فلهذا قال تعالى: { أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } .